
عام قبل «مونديال 2026»: الحلم الأميركي لـ«فيفا» خلف «حلف ترمب – إنفانتينو»
لم يكن أمام رؤساء الدول الذين وبخهم الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، في المكتب البيضاوي، سوى طلب النصيحة من رئيس «الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)» جياني إنفانتينو، الذي يبدو أنه أقام علاقة وطيدة بالرئيس الأميركي.
أظهر إنفانتينو براعة في التعامل مع القادة المتشددين، بدءاً من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عندما استضافت روسيا «مونديال 2018»، وصولاً إلى ترمب الذي تستعد بلاده لاستضافة العرس الكروي العالمي الأبرز العام المقبل.
كان ترمب على النقيض تماماً، فلم يُظهر أي رحمة تجاه من تجرأ على تحديه، فهاجم الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، ونظيره الجنوب أفريقي، سيريل رامافوزا، في مشهدين استثنائيين بالمكتب البيضاوي.
رغم ذلك، لا يكتفي مع إنفانتينو بالابتسامات والإطراءات، بل يستخدم ترمب عادة كلمتَي «عظيم» و«أعظم»، اللتين يستخدمهما عندما يُعجب بشيء أو شخص ما.
كان إنفانتينو واحداً من عدد قليل من الشخصيات الرياضية البارزة التي حضرت حفل تنصيب ترمب.
وقال مؤسس شركة الإعلانات العملاقة «دبليو بي بي»، مارتن سوريل، الذي يُعِدّ فيلماً وثائقياً عن بطولة كأس العالم العام المقبل، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إنفانتينو يُجيد التعامل مع ترمب».
وأشار سوريل إلى تسجيل فيديو لإنفانتينو مع ترمب خلال مارس (آذار) الماضي وهو يُظهر كأس «مونديال الأندية» المقبل.
وأضاف: «ترمب، الذي كانت الكأس خلفه في المكتب البيضاوي بالفيديو، تكلم من رئيس إلى آخر وهو يتحدث إلى إنفانتينو».
يبدو أن إنفانتينو قد وضع علاقته بترمب في مقدمة أولوياته، وهو أمر ربما لا يُثير الدهشة؛ إذ من المتوقع أن تُقام «كأس العالم للسيدات» عام 2031 في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى النسخة الأولى من «كأس العالم للأندية للسيدات» في عام 2028.
ومع ذلك، هناك دلائل على أن العلاقة قد تُثير الاستياء لدى آخرين، كما حدث مع ممثلي «الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا)» عندما وصل إنفانتينو متأخراً إلى المؤتمر العام لـ«فيفا» في باراغواي خلال مايو (أيار) الماضي، بعدما كان برفقة ترمب خلال زيارة الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط.
وسواء أشاء البعض أم أبى، فقد أعاد إنفانتينو العلاقات بالولايات المتحدة التي وصلت إلى أدنى مستوياتها في عهد سلفه جوزيف سيب بلاتر.
في عام 2018، بعد عامين من انتخاب إنفانتينو، اختيرت الولايات المتحدة لاستضافة «كأس العالم 2026»، مما أكسبه دعوة لزيارة البيت الأبيض.
بعد عامين، تعززت هذه «العلاقة الحميمة» عندما طلب ترمب من إنفانتينو إلقاء الخطاب في حفل عشاء أقامه خلال «المنتدى الاقتصادي» في دافوس. وقال إنفانتينو: «الولايات المتحدة على وشك أن تصبح قوة كروية عظمى».
وأضاف «(الحلم الأميركي) هو ما نحتاجه جميعاً؛ كل من يعشق كرة القدم».
وردّ ترمب بالإشادة بـ«فيفا»، واصفاً إياه بـ«حركة راسخة»، وإنفانتينو بـ«صديقي العزيز».
ولم يزل ولاء إنفانتينو، وهي سمة يُقدّرها ترمب في الآخرين قبل كل شيء، راسخاً. وقد تجنب رئيس أكبر هيئة كروية، الذي يحاول تفادي المؤتمرات الصحافية، في منشوراته عبر مواقع التواصل التعليق على إهانات ترمب للمكسيك وكندا المشاركتين في استضافة كأس العالم.
ولحرصه الشديد على العلاقات الجيدة، لم يتدخل حتى لتصحيح كلام ترمب، الجالس خلفه، عندما قال الرئيس الأميركي إن دعوة روسيا إلى «مونديال 2026» قد تُسهّل عليهم تحقيق السلام مع أوكرانيا.
ومُنعت روسيا من خوض التصفيات؛ بسبب غزو أوكرانيا عام 2022.
ومع ذلك، فقد استثمر كلاهما كثيراً في نجاح كأس العالم، وينبغي ألا يُفسد أي شيء المشهد.
وقال جون زيرافا، الخبير في استراتيجيات الاتصالات الرياضية المقيم في بريطانيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية: «من الواضح أن جياني تربطه علاقة وثيقة بترمب، وهو يستغل ذلك؛ لأن كلا الجانبين لديهما مصلحة مشتركة في نجاح (مونديال 2026)».
وأضاف: «ترمب رجل مدفوع بالعناوين الرئيسية والظهور في دائرة الضوء، وسيحب أن يكون تحت الأضواء الكاشفة خلال المدة التي تسبق كأس العالم وخلالها، وهو يعلم أن الأمور يجب أن تسير بسلاسة».
وختم قائلاً: «إذن؛ لديهما مصلحة مشتركة في نجاح (مونديال 2026)».