
الاحتفال كان مزدوجاً في حفل أم كلثوم الذي أُقيم شمال لبنان، مساء الجمعة، من ناحية هو تحية إلى «الست» بمناسبة مرور 50 سنة على غيابها، ومن ناحية أخرى افتتاح «سيريناتا فينو»، مسرح جديد، يُضاف إلى المسارح اللبنانية، ومكان لاستقبال الفرح في شمال لبنان.
كل ذلك بصوت المطربة المصرية مروة ناجي، التي جاءت من مصر لتُعيد أغنيات «كوكب الشرق» بصوتها الشجي إلى عشاقها، الذين بدأوا بالوصول منذ السابعة مساءً، أي قبل الحفل بساعتين، للتعرف على المكان الجديد، وللاستعداد للحفل المنتظر.
وعلى أنغام موسيقى «الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق – عربية»، بقيادة المايسترو أندريه الحاج، من «الكونسرفتوار الوطني اللبناني»، بدأت الأمسية بموسيقى «أنساك» التي لحنها بليغ حمدي، وشكّلت مقدمة حماسية لحفل سيمتدُّ لما يقارب الساعتين مع استراحة قصيرة.
توافد الحضور من مختلف مناطق لبنان، رغم أن مروة ناجي ليست غريبة عن الساحة اللبنانية، إذ سبق أن أحيت حفلات عدّة لأم كلثوم، إحداها في «مهرجانات بعلبك الدولية»، فإن الجمهور في هذه الأمسية بدا متعطشاً لمشاركتها الغناء، وهو ما رحّبت به مروة منذ اللحظة الأولى بقولها: «يلا نغني سوا ولا إيه؟» فاستجاب لها الجمهور بحماسة كبيرة.
«لسّه فاكر قلبي» كانت البداية، ومن ثَمَّ «غني لي شوي شوي، غني لي وخود عيني». الناس يحفظون هذه الأغنية وكأنها نشيد، وردّدوها مع مروة ببراعة. تلتها «سيرة الحب» لبليغ حمدي، وعلت الأصوات مردِّدة: «يا سلام ع الدنيا وحلاوتها يا سلام يا سلام. أنا خدني الحب لقيتني بحب وأدوب في الحب».
مع أغنيات أم كلثوم، كانت هناك تنويعات قليلة، حيث استمع الجمهور إلى أغنية لوردة الجزائرية بالحماسة نفسها، بعد أن طلبوها من مروة وشاركوها غناءً ورقصاً، قبل العودة إلى «ثومة» ورائعتها «فكروني» ليبلغ الطرب أوجه مع «القمر منْ فَرحنا حَ يْنَوَّرْ أكْترْ
والنجومْ حَ حتْبانْ لِنا أَجْمَلْ وأَكبَر.
والشَجَر قَبْلِ الرَبيع حَ نشوفه أَخضر.
واللي فاتْ ننساه».
خلال الحفل أعربت مروة ناجي عن سعادتها لوجودها مرة جديدة في لبنان ورحَّبت بجمهورها، معتذرة مسبقاً عن أي ضعف في الصوت بسبب توعُّكها، موضحة أنها لم ترد إلغاء الحفل، وفضّلت أن تبذل أقصى ما تستطيع لإسعاد الحاضرين، شاكرة المايسترو الكبير أندريه الحاج الذي يقود الفرقة.
وقد أجادت الفرقة الموسيقية حقاً، وبلغت ذروة إبداعاتها مع «ألف ليلة وليلة»، وكذلك «أنت عمري» و«حيّرت قلبي معاك».
وتخلَّل الحفل، بطلب من الجمهور، أغنيتان للراحل عبد الحليم حافظ، هما «سوّاح»، و«زي الهوا يا حبيبي». كما غنَّت مروة ناجي، بكثير من اللياقة والمحبة، تحية إلى لبنان، عبر أغنيتين لفيروز، هما «نسَّم علينا الهوا»، و«بحبك يا لبنان»، قبل أن تختم حفلها بأغنية «الأطلال» الخالدة التي كتبها إبراهيم ناجي ولحّنها الكبير رياض السنباطي.
وانتهى الحفل على شواطئ منطقة «الهري»، مع نسمات عليلة آتية من البحر وجمهور يتمايل ويُردد بصوت واحد: «هل رأى الحب سكارى، سكارى مثلنا».
ويأتي الحفل بجهد من زينة عكر و«متحف نابو»، وبتعاون مع مديرة «الكونسرفتوار الوطني اللبناني» الفنانة والموسيقية هبة القواس. وبهذا الحفل، وآخر سبقه لفرقة «مانيا» من ويست إند في لندن، تكريماً لفرقة «آبا» الشهيرة، التي غابت وبقيت أغنياتها، يُدشن «سيريناتا فينو» بوصفه مكاناً جديداً للفرح في لبنان.