يسين بوغازي: السينما والأحلام الممنوعة

يسين بوغازي: السينما والأحلام الممنوعة

يسين بوغازي: السينما والأحلام الممنوعة

 
يسين بوغازي
السينما حلم كبير غير مكتمل مهما بلغت الأفلام من الروعة أو الشهرة أو الانتشار، والقصة السينمائية يمقتها الواقع لأنها من بنات الخيال والأحلام، الفيلم كله ليس إلا حدوثة جريحة من معاناة وقهر ودموع، الفيلم تأمل واستشراف في المآلات والممارسات والقوالب، لذا ستظل السينما عصية عن السيطرة مهما حاول المسيطرون أو فعلوا ذلك عبر القوالب و الإنتاجات واحتكار الصوت والصورة والمال، و مهما حاول المسيطرون عبر العزل والإقصاء.
والسينما صادقة فهي تحب فقط الصادقين فيها ، وتمقت الكذبة ، وهي ماكرة تستطيع فضح المخادعين فالفيلم القابل للنقد يظل تحت النقد طوال حياته ولا يموت ، وقد ارتبطت السينما طويلا بالأحلام الممنوعة ، وسطع معها الممنوعون من الحلم ، كالعشاق في المجتمعات المغلقة والحالمين في البلدان المتخلفة، ومدمنو الحرية في المناطق المغلقة الأبواب والنوافذ ، والسينما حلم من التاريخ القديم الذي لا يراد له أن يقرأ أو يصور ، وعن التاريخ القادم الذي لا يراد له أن يتشكل وفق الأحلام ، السينما رأسا عن التاريخ الحالي والراهن و اليومي الذي تعيشه الإنسانية والشعوب التي تحاول بعض السينمات والسينمائيين تشويه أو توجيهه أو تضيعه تحت ضربات رؤوس المال والإنتاج والعقليات المحافظة
لكن السينما ليست دائما بريئة، ليست دائما صادقة فعالم الأفلام وتاريخ السينما عامر بالمزيفين والمخادعين من يستسيغون الكذب و البهتان ، بل لا يكتفون فينقلون الكذب و البهتان إلى شاشة الأفلام و يختلقون القصص المفبركة، ويزيفون التاريخ و الجغرافيا و الأسماء تحت طوائل الخيال لأنهم لا يرون في السينما إلا الأموال و صور الإعلام ، ولأن الصدق دائما هو روح السينما فإن طال الوقت ستكشف السينما أفلامها في نهاية المطاف أمام التاريخ الجديد أو التاريخ المتقلب ، فمن منا لم يسمع بسينما الدعبة فقد ملأت الإعلام و القاعات ،سينما الدعاية النازية والدعاية السوفياتية وسينما أفلام الجمود العربي وسينما هوليود الكاذبة عن أبطال لا يموتون وحياة ليس فيها إلا الجياع.
كل هذه التجارب والسينمات مرت على الشاشة وأمام عيون وعقول ملايين البشر عبر العالم وفي العصور والعقود، لكنها لم تصمد طويلا فما ظل هي أفلام الصدق في الشرق والغرب، وسينما المنخرطين في بناء الوعي الإنسانيّ وفتح نوافد الأفلام أمام الجميع مهما اختلفت قصصهم أو معتقداتهم أو ألوان بشرتهم أو لغاتهم، لذا فالسينما الضعيفة هي الخاوية من روح الانطلاق والتحدي والميتة من الأحلام والممنوعة عن الصدق وما ينفع الناس..
كاتب جزائري

ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: