إدارة ترمب حاولت إسكاتي لكنها منحتني منبراً أكبر

إدارة ترمب حاولت إسكاتي لكنها منحتني منبراً أكبر

لم يكن قد مضى على بدء معركة الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع جامعات النخبة سوى أيام قليلة عندما اعتقل مسؤولو الهجرة الاتحاديون الطالب الفلسطيني محمود خليل في مسكنه بجامعة كولومبيا، في نيويورك، مارس (آذار).

وأُودع على مدى أكثر من ثلاثة أشهر في منشأة احتجاز للمهاجرين في ريف لويزيانا، فيما صعّدت إدارة ترمب معركتها، فاعتقلت طلاباً أجانب آخرين داعمين للفلسطينيين، وألغت مِنَحاً بمليارات الدولارات للأبحاث كانت مخصصة لجامعتي كولومبيا وهارفارد وغيرهما من المؤسسات التعليمية الخاصة التي شهدت حركة احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين، وكان خليل من أبرز الناشطين فيها.

وقال خليل (30 عاماً): «لستُ نادماً مطلقاً على الوقوف ضد الإبادة الجماعية»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

وصرّح بذلك في مقابلة أُجريت معه بشقته في مانهاتن، بعد أقل من أسبوعين من صدور أمر قضائي بالإفراج عنه بكفالة، ريثما تنتهي إجراءات إلغاء الإقامة الدائمة القانونية الحاصل عليها في الولايات المتحدة، بهدف ترحيله.

وأضاف: «لست نادماً على الدفاع عن الحق، وهو معارضة الحرب والدعوة إلى إنهاء العنف».

ويعتقد أن الحكومة تحاول إسكاته، لكنها بدلاً من ذلك منحته منبراً أوسع.

ولدى عودته إلى نيويورك بعد إطلاق سراحه، استقبلته في المطار النائبة الأميركية، ألكسندريا أوكاسيو كورتيز، وهي خصم سياسي لترمب. ولوّح أنصاره بالأعلام الفلسطينية، بينما التقى مع زوجته وابنه الرضيع الذي لم يحضر ولادته بسبب احتجازه.

وبعد يومين، كان نجم مسيرة حاشدة على درج كاتدرائية بالقرب من حرم جامعة كولومبيا في مانهاتن حيث انتقد مسؤولي الجامعة.

وظهر، الأسبوع الماضي، أمام حشود مبتهجة إلى جانب زهران ممداني، النائب المؤيد للفلسطينيين في الولاية الذي فاز في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، في يونيو (حزيران)، قبل انتخابات بلدية مدينة نيويورك لعام 2025.

وقال خليل: «لم أختر أن أكون في هذا الموقف، بل وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأميركية… هذا بالطبع كان له تأثير كبير على حياتي. ما زلتُ بصراحة أحاول التأمل في واقعي الجديد».

ولم يتمكن من حضور حفل تخرجه، في مايو (أيار)، وخرج من الاحتجاز عاطلاً عن العمل. وقال إن مؤسسة خيرية دولية سحبت عرضها له للعمل مستشاراً سياسياً.

قد تكسب الحكومة استئنافها وتحتجزه مجدداً، لذا قال خليل إن أولويته هي قضاء أطول وقت ممكن مع ابنه وزوجته طبيبة الأسنان.

وُلد خليل في مخيم للاجئين الفلسطينيين في سوريا، أما زوجته الطبيبة نور عبد الله فهي مواطنة أميركية. ونال خليل الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة العام الماضي.

وانتقل إلى نيويورك في عام 2022 كطالب دراسات عليا، وأصبح أحد المفاوضين الرئيسيين من الطلاب بين إدارة جامعة كولومبيا والمحتجين الذين اعتصموا في حديقة الحرم الجامعي، وطالبوا بإنهاء استثمارات الجامعة في شركات تصنيع الأسلحة وغيرها من التي تدعم الجيش الإسرائيلي.

الناشط الفلسطيني محمود خليل بشقته في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة – 2 يوليو 2025 (رويترز)

وخليل ليس متهماً بأي جريمة، لكن الحكومة الأميركية استندت إلى قانون هجرة فضفاض لتدفع بضرورة ترحيله هو وعدد من الطلاب الدوليين الآخرين المؤيدين للفلسطينيين بدعوى أن خطابهم «القانوني لكن المثير للجدل» قد يضر بمصالح السياسة الخارجية الأميركية.

وحكم القاضي الاتحادي الذي ينظر القضية بأن الأساس المنطقي الرئيسي لإدارة ترمب لترحيل خليل هو على الأرجح انتهاك غير دستوري لحقوق حرية التعبير. وتستأنف الحكومة الحكم.

وكتبت أبيجيل جاكسون المتحدثة باسم البيت الأبيض رداً على الاستفسارات: «لا يتعلق الأمر بحرية التعبير، بل بأفراد لا يحق لهم الوجود في الولايات المتحدة لدعم إرهابيي (حماس) وتنظيم احتجاجات جماعية جعلت الجامعات غير آمنة وضايقت الطلاب اليهود».

اعتراض على سياسة جامعة كولومبيا

ندَّد خليل في المقابلة بذريعة معاداة السامية، ووصف الطلاب اليهود بأنهم «جزء لا يتجزأ» من حركة الاحتجاج. وقال إن الحكومة تستخدم «معاداة السامية» حجّةً لإعادة تشكيل التعليم العالي الأميركي الذي قال ترمب إن آيديولوجيات معادية لأميركا والماركسية و«اليسار الراديكالي» تسيطر عليه.

وأبلغت إدارة ترمب جامعة كولومبيا وغيرها بأن أموال المنح الاتحادية، ومعظمها للبحوث الطبية الحيوية، لن تُستأنف ما لم تحظَ الحكومة بإشراف أكبر على مَن يقبلون ويوظفون وما يدرسونه، داعية إلى «تنوع فكري أكبر».

على عكس هارفارد، لم تطعن جامعة كولومبيا في إلغاء الحكومة المفاجئ للمنح، ووافقت على بعض مطالب إدارة ترمب بتشديد القواعد المتعلقة بالاحتجاجات، كشرط مسبق للمفاوضات حول استئناف التمويل.

ووصف خليل خطوات جامعة كولومبيا بالمفجعة. وقال: «سلّمت كولومبيا المؤسسة بشكل أساسي لإدارة ترمب، وسمحت لها بالتدخل في كل التفاصيل المتعلقة بكيفية إدارة مؤسسات التعليم العالي».

وقالت إدارة جامعة كولومبيا إن الحفاظ على الاستقلالية الأكاديمية «خط أحمر»، مع استمرار المفاوضات.

وقالت فيرجينيا لام أبرامز المتحدثة باسم كولومبيا إن مسؤولي الجامعة «يعارضون بشدة» توصيف خليل.

وأضافت، في بيان: «تعترف جامعة كولومبيا بحق الطلاب، بمن فيهم السيد خليل، في التحدث علناً عن القضايا التي يؤمنون بها بشدة… لكن من المهم أيضاً أن تلتزم الجامعة بقواعدها وسياساتها لضمان أن كل فرد بالجامعة يمكنه المشاركة في مجتمع جامعي خالٍ من التمييز والمضايقات».

وحث خليل كولومبيا والجامعات الأخرى المستهدَفة من قِبَل ترمب على الاهتمام بطلابها.

وقال: «قدّم الطلاب خطة واضحة حول كيف يمكن لهذا الحرم الجامعي أن يتّبع حقوق الإنسان والقانون الدولي، وأن يشمل جميع الطلاب، حيث يشعر الجميع بالمساواة، بغض النظر عن مواقفهم من القضايا… إنهم يفضلون الاستسلام للضغوط السياسية بدلاً من الاستماع إلى الطلاب».