د. عبدالوهاب الشرفي: ما هي “مهمة الرب” التي قال ترامب انه مرسل لتنفيذها.. وانه لا يمكن لاحد ايقاف ما هو قادم؟ 

د. عبدالوهاب الشرفي: ما هي “مهمة الرب” التي قال ترامب انه مرسل لتنفيذها.. وانه لا يمكن لاحد ايقاف ما هو قادم؟ 

د. عبدالوهاب الشرفي: ما هي “مهمة الرب” التي قال ترامب انه مرسل لتنفيذها.. وانه لا يمكن لاحد ايقاف ما هو قادم؟ 

 
د. عبدالوهاب الشرفي

في تصريحاته ومنشوراته المثيرة للجدل  نشر الرئيس الامريكي ترامب منشورا يلفت الانتباه ولا يمكن للمراقبين تمريره  دون التمعن فيه ومحاولة فهمه فقد كتب ” انه مرسل بمهمة من الرب ولا احد يمكنه ايقاف ماهو قادم ” فما هي مهمة الرب وماهو القادم الذي لايمكن لاحد ايقافه ؟ .
كتب ترامب منشوره في 29/ مايو / 2025 م اي قبل بدء عدوان الكيان الصهيوني وامريكا على ايران بنصف شهر فقط ، وهذا التصريح جاء بعد اكثر من تصريح له ان امور ما ستحدث لروسيا  ، او ان هناك شيء كبير سيحدث لايران او في الشرق الاوسط ، وهو ما يعني ان ما قد حدث في ولايته الاولى وما سيحدث في باقيها ايضا هو احداث مخططة ويتم اخراجها تبعاً .
يتحدث ترامب عن الرب بشكل لافت في تصريحاته واحياناً بشكل يوحي انه رجل  دين وليس زعيماً سياسياً ، و من كان يتابع حملته الانتخابية سيتذكر انه من ضمن الترويج له كان انه مرسل من الرب بل ان هناك من انصاره من يعتقدون انه ” المخلص ” وانه جاء  ” يقاتل الاشرار ” .
من الواضح ان فكرة ” المخلص ” و ايضاً – المسيح – هي فكرة مسيحية وترامب مسيحي و يقابلها مع قدر من الاختلاف في اليهودية ” الماشيح ” – المسيح – وترامب ليس يهودياً ، والمسيحية تعتقد بان المخلص او المسيح سينزل من السماء وترامب لم ينزل من السماء وبالتالي فما يعتقده عدد من انصاره  ليست الفكرة المسيحية ، وبالمقابل يتماشى اعتقاد عدد من انصاره  مع اليهودية خصوصاً ان الفكرة لديهم ” بماشيحين ”  اثنين الاول منهم ياتي ليقودهم في حروبهم مع اعدائهم ويمهد ” للماشيح الثاني ”  الذي هو ملكهم المنتظر .
 لم يصرح ترامب انه صهيوني كما فعل ذلك الرئيس السابق بايدن ، ولكنه يصرح بمباشرة كاملة انه صهيوني ولكن له تصريح في ولايته الاولى بانه حليف للصهيونية وشعب اسرائيل و كما اعلن لأكثر من مره دعمه القوي  للصهيونية واسرائيل ، كما انه سواء في ولايته الاولى او الثانية رغم انه يرفع شعار ويتحدث كثيراً عن اعادة امريكا عظيمه الا ان ما يفعله هو لصالح اسرائيل ولو على حساب الامن القومي الامريكي ، ومن ذلك اقدامه على نقل سفارة امريكا الى القدس وهو مالم يفعله او يفكر في فعله غيره  .
بما سبق تظهر امامنا ان المهمة التي قالها ترامب هي منطلقة من تصور متعلق بالصهيونية و بالكيان الغاصب الا ان ما يجعلها اكثر وضوحا هو تصريح بمبيو وهو تصريح من شخصية وازنه ولا تتحدث جزافاً فهو رجل اعمال وسياسي امريكي بارز و قيادي في الحزب الجمهوري حزب ترامب ووزير خارجية سابق و شغل في فترة منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية و كذا عضو بمجلس النواب الامريكي وتصريحه هو وضع للنقاط على الحروف وقال فيه ” الرب ارسل ترامب لانقاذ اليهود ” . و بالتالي فالمهمة التي قال ترامب ان الله ارسله لتنفيذها هي في اطار الفكرة اليهودية .
واضح من تصرفات وتصريحات ترامب انه شخص مصاب ” بعتة ” وهي نقص العقل من غير جنون و هي مصحوبة بنرجسية مفرطة و ” انا ” عالية يمحور كل شيء حول شخصه وواضح ان الصهيونية قد وظفت ذلك فيه و اقنعته انه مخلص لليهود او ” الماشيح ابن يوسف ” الاول الذي ارسله الرب لمهمة التمهيد ” للماشيح ابن داوود ” الثاني وملك اليهود المنتظر ، ومن هنا يمكن تصور المهمة التي قال ترامب ان الرب ارسله لها وانه لايمكن لا احد ايقافها .
فهم هذه المهمة التي هي من الرب كما قال ترامب انها مهمة منطلقة من رؤية دينية ، وهي ضمن فكرة المخلص اليهودية وانها في اطار ” الماشيح ” الاول كما اوضحنا بداية وانها مهمة تمهيد ” للماشيح ” الثاني ، وهذا الثاني لايمكن ان يكون هو ” الماشيح ” ملك اليهود ، ويعتقد اليهود ان من شروط ” الماشيح ” الثاني ملكهم المنتظر ان يبني الهيكل الثالث وان ذلك في القدس التي ستكون عاصمة ” اسرائيل ” وقد بدء ترامب بالتمهيد لذلك في ولايته الاولى بنقله سفارة بلاده الى القدس والاعتراف بها عاصمة للكيان المحتل ، وكان ترامب قد صرح ” انه يرى فلسطين صغيرة ” وهذا التصريح ليس عبثياً وانما هو منطلق من مفهوم ” ارض اسرائيل ” وهذا المفهوم يدخل فيه القدس والضفة الغربية و غزة ويدخل فيه جنوب نهر الليطاني من لبنان وكذا يدخل فيه جنوب سوريا حتى حدود دمشق ، وكذا البحر الميت ونهر الاردن و كلما هو غربها وهو مايمس جغرافية الاردن ، وواضح  ان الكيان يسير في هذا المسار بتغطية كاملة من ترامب بداية بالحديث المباشر عن تهجير فلسطينيي غزة ، ومن الحديث عن منطقة عازلة ودخول قوات للكيان الى جنوب لبنان و كذا من توغل قوات الكيان بعد الجولان المحتل في سوريا ، و ستلي اعمال تجاه الضفة والقدس و تجاه الاردن لضمهما للكيان .
يقسم الاعتقاد اليهودي الارض التي يطمع فيها الصهاينة الى ” اراضي اسرائيل ” وهي الاراضي التي خضعت لحكم نبي الله سليمان وهي في الحدود السابق ذكرها من الليطاني الى حدود دمشق الى البحر الميت ونهر الاردن الى حدود سيناء ، والى ” اراضي نفوذ اسرائيل ” وهذه تضم بالدرجة الاولى سيناء وصولا الى دلتا النيل و كذا اجزاء من شمال الجزيرة العربية الداخله في جغرافية الاردن و السعودية و كذا اليمن . و استكمال اغتصاب ما هو داخل في ” ارض اسرائيل ” و النفوذ في مناطق ” نفوذ اسرائيل ” يتطلب امرين الاول هو القضاء على ما يسمونهم ” اعداء اسرائيل ” وجميع دول المنطقة هم مصنفون ضمن هذا التصنيف لكن منهم من يعملون ضده بغير القوة العسكرية ومنهم من يجب العمل ضدهم بالقوة العسكرية ، وهولا هم من يشن الكيان الحرب عليهم بدعم امريكي ترامبي كامل من حماس الى حزب الله الى ايران وكل ذلك في اطار مفهوم يصرح به ترامب ” فرض السلام بالقوة ”  وهو منطلق من الفكرة اليهودية ايضاً ” للماشيح ”  الاول الذي سياتي ممهداً للثاني وهذا هو سبب هوس ” ترامب ” بجائزة نوبل للسلام التي يريد ان يحصل عليها من خلال ما يقوم به من العمل على عقد اتفاقات سلام في اكثر من ملف تحت القهر بالقوة العسكرية او التلويح بها لانه يرى ان مايقوم به هو فرض للسلام وفق توجيهات الرب بفرض السلام بالقوة وجوهر العمل هو حل الملفات في المنطقة بما يحقق الامن الكامل للكيان  .
الامر الثاني هو تهيئة الامن العالمي لحرب كبرى فالتعرض للانظمة الحاكمة في دول ” عدوة لاسرائيل ”  سيهدد الامن القومي للدول الكبرى خصوصا الصين ويليها روسيا ويمكن دفع العالم الى حرب عالمية ثالثة ضمن تداعيات هذا التهديد للامن القومي لهذه الدول بداية بنشوء تحالف شرقي بمقابل التحالف الغربي القائم – الناتو – ثم ستكفي شرارة لتفجير حرب كبرى الهدف منها امرين الاول تقويض النظام العالمي القائم الذي عنوانه منظمة الامم المتحدة و القانون الدولي بحيث يقوض الشكل الحالي لدول المنطقة و اعادة رسم خرائط دول المنطقة بمافيها الكيان في كامل ما يعتقده اليهود ” مملكة اسرائيل ” وبما يخضع جغرافياً ” هيمنة اسرائيل ” للمملكة اي للكيان الغاصب ،  اما الامر الثاني فهو تدمير كامل القوة التي بأيدي غير الصهاينة والقضاء على اكبر عدد ممكن من البشرية و ارهاق الباقين للقبول بأي وضع سيفرض عليهم وهو ايضاً هدف منطلق من الفكرة اليهودية المتمثلة ان السلام ان لا ترفع امة سلاحاً على امة و ان يقبل العالم حكم ” الماشيح ” الثاني ملك اليهود المنتظر بالحكم بتعاليم اليهودية .
المتبقي من ولاية ترامب هو ثلاث سنوات وهي لا تكفي لعمل كلما خطط للتمهيد ” للماشيح ” الثاني الذي ينفذه ترامب من ولايته الاولى و لعل هذا هو ما وراء حديث ترامب الغريب و الذي  يبدو غير منطقي بانه قد يترشح لولاية امريكية ثالثة لكنه اضاف ان هناك ثغرة في الدستور الامريكي ستمكنه من الترشح لولاية ثالثة وكأن الصهاينة الذين اقنعوه انه ” المخلص ” قد رتبوا معه على محاولة ايصاله لولاية ثالثة في الرئاسة الامريكية ، ولا ندري ماهي الثغرة التي تحدث عنها لكن ما نعرف من الفكرة اليهودية ذاتها انه اذا حصل بالفعل وان تولى الرئاسة الامريكية لفترة ثالثة فهو الذي سيكمل العمل على المخطط ، واذا لم ينجحوا في ذلك فسيتم اغتياله وسيوظف اغتياله لغرض ان تستكمل الادارة الامريكية التي ستليه تنفيذ المخطط بعد تحويله الى مسألة متعلقة بالامن القومي الامريكي الذي اغتيل رئيسها السابق ، واغتياله طعناً هو ايضاً ضمن الفكرة اليهودية ” للماشيح ” الاول ووفقها ستنتهي حياته باغتياله طعناً سواء بولاية ثانية او بولاية ثالثة .
ما يجب التنويه اليه هو ان البعض سيعتبر هذه القراءة هي فقط من زاوية دينية لكثرة التعرض فيها للفكرة اليهودية لاحداث النهاية قبل وصول ملكهم المنتظر لكن لايجب اغفال انها انطلقت من حديث ترامب نفسه بمهمة من الرب جاء لتنفيذها من جهة ولأن ما قام به ترامب حتى الان ينساق مع هذه الفكرة اليهودية التي منها مهمة الرب التي قال انه جاء ينفذها . وكذا ان هذه القراءة هي تصور لما يخطط له ضمن ” مهمة الرب ” ولا يعني ذلك القطع بنجاح ما يخططوا له فالله عز وجل هو الذي ” يدبر الامر “

كاتب ومحلل سياسي – اليمن
[email protected]

ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: