
ألكسندر أرنولد يقدّم لحظته الحاسمة الأولى مع ريال مدريد
كانت تلك اللحظة التي شعر فيها ألكسندر أرنولد أنه وصل حقاً إلى ريال مدريد. وحسب شبكة «The Athletic» فبعد ثلاث مباريات خاضها مع الفريق في كأس العالم للأندية دون بصمة تُذكر، ظلّ المدافع الإنجليزي يبحث عن دور مؤثر يؤكد به انطلاقته في العاصمة الإسبانية، بعد عشرين عاماً قضاها بين صفوف ليفربول.
لكن ريال مدريد ليس نادياً يتسامح مع البدايات البطيئة؛ فقد قررت الإدارة دفع 10 ملايين يورو (نحو 11.8 مليون دولار) إلى ليفربول، لإنهاء عقده قبل الأوان، كي يكون متاحاً في جولة الفريق بالولايات المتحدة، على الرغم من أنه كان بوسعه الانضمام مجاناً في الأول من يوليو.
وكانت هذه الخطوة المالية الجريئة سبباً في تسليط الضوء عليه وتكثيف الترقب لمردوده. ومع ذلك، جاءت اللحظة المنتظرة في الوقت المناسب، حين صنع هدف الانتصار أمام يوفنتوس يوم الثلاثاء، ليقود مدريد إلى الدور ربع النهائي، حيث يواجه بوروسيا دورتموند يوم السبت.
في الدقيقة 54، ومع تعثّر ريال مدريد في اختراق الدفاع الإيطالي المتماسك، ارتدت الكرة إلى حدود منطقة الجزاء من الجهة اليمنى. تقدم ألكسندر أرنولد بالكرة، رفع رأسه، وأرسل تمريرة مقوّسة مثالية إلى غونزالو غارسيا، الذي ارتقى وسجّل الهدف الوحيد في اللقاء.
وقد برز غارسيا، خريج أكاديمية النادي، بوصفه نجم البطولة حتى الآن، بتسجيله ثلاثة أهداف وصناعة آخر، وسط مقارنات متزايدة بأسطورة النادي راؤول غونزاليس، لا سيما من المدرب تشابي ألونسو.
لكن غارسيا كان أول من نسب الفضل إلى صانع الهدف، قائلاً: «ترينت يمتلك قدماً مذهلة ويضع الكرة حيث يشاء». وحتى زميله أردا غولر ركض ليعانق الممرّر لا الهدّاف، عند تسجيل الهدف.
كانت لحظة من الإبداع الكروي النقي، أعادت إلى ذاكرة بعض مشجعي مدريد الإنجليز أيام ديفيد بيكهام، حين كان يوزع التمريرات الساحرة على زملائه بسخاء.
وإذا كانت جماهير مدريد ممتنة لحضوره في ذلك اللقاء، فإن اللاعب نفسه كان في أمسّ الحاجة إلى هذه اللحظة؛ تدخل حاسم يثبت جودته ويؤكد سبب حرص النادي على ضمّه مبكراً.
وعلى الرغم من أن التأقلم الفني لا يزال في بداياته، فإن ألكسندر أرنولد اندمج سريعاً على المستوى الشخصي مع المجموعة، وبات على علاقة ودية بعدد من اللاعبين، من بينهم: دين هويسن، وكيليان مبابي، وأوريلين تشواميني، وإدواردو كامافينغا، وفينيسيوس جونيور، في حين تجمعه صداقة قديمة بجود بيلينغهام.
وحسب مصادر قريبة من اللاعب تحدّثت بشكل غير معلن، فإن ترينت يشعر بالارتياح في أسابيعه الأولى، ويواصل التعلم والتأقلم على الأسلوب الجديد. كما أن ثقته بنفسه تزداد تدريجياً، إلى جانب أنه أصبح أكثر حضوراً صوتياً داخل الملعب.
القائد القادم للفريق بعد رحيل لوكا مودريتش، داني كارفاخال، أعرب عن إعجابه بسرعة اندماج اللاعب الجديد، قائلاً قبل مباراة يوفنتوس: «ترينت تأقلم بشكل رائع، وتصرّف بودّ كبير مع الجميع. لديه ثقة كبيرة مع بيلينغهام، لكنه كذلك لطيف مع كل اللاعبين. في أوقات الفراغ، يشاركنا العشاء أو نزهات المساء، وقد كان مميزاً».
وعلى الرغم من ذلك، ستكون المنافسة حاضرة قريباً بينه وبين كارفاخال على مركز الظهير الأيمن، حيث عاد اللاعب الإسباني إلى القائمة لأول مرة منذ إصابته الخطيرة في الركبة خلال أكتوبر (تشرين الأول) 2024. ورغم أن فرص مشاركته قبل الموسم المقبل لا تزال غير واضحة، فإن كارفاخال علّق على هذا التحدي بقوله: «من الطبيعي أن تأتي عناصر جديدة في كل فريق، وأنا أراه تحدياً شخصياً أحبّه. التنافس الصحي هو ما يصنع فريقاً أفضل».
ورغم تمريرته الحاسمة، لم تكن مباراة ألكسندر أرنولد مثالية، فقد تعرّض للضغط من جانب لاعبي يوفنتوس، ومرّوا منه مرتَيْن، وفاز في اثنتَيْن فقط من خمس مواجهات، وخسر الكرة 15 مرة، رغم نسبة تمرير ناجحة بلغت 90 في المائة.
لكن مقارنةً بزميله الجديد هويسن لم يكن تأثيره فورياً، غير أن إدارة النادي لا تُبدي قلقاً حيال ذلك. فهم يدركون أن الانتقال من ليفربول بعد مسيرة كاملة هناك، يشكّل تحوّلاً أكبر مما مرّ به هويسن، الذي لعب لأربعة أندية منذ 2023.
وتأمل الإدارة أن تساعده هذه المباراة في اكتساب الثقة. وقد أكد المدرب ألونسو ذلك أيضاً، قائلاً لقناة «دازون»: «لقد نفّذ مثل هذه العرضية 500 مرة في مسيرته. أحياناً يكون معزولاً، ويجب أن نقربه من زملائه ونمنحه بدائل، لأنه ليس الأفضل في المواجهات الفردية».
وكان ألونسو قد شدّد قبل اللقاء على أهمية منح اللاعب الوقت الكافي للتأقلم مع المدرب الجديد والزملاء، خصوصاً أن التزام ريال مدريد في بطولة كأس العالم للأندية حال دون إشراكه في التدريبات الاعتيادية، مكتفياً بخطط المباريات.
أما ألكسندر أرنولد نفسه فهو يدرك حجم الانتقادات وتوقّعات النادي، لكنها لا تقلقه؛ إذ يرى الحل في العمل المستمر وتحقيق النتائج. وقد تكون مباراته الأخيرة نقطة انطلاق، لكنه لا يكتفي بذلك. طموحه أن يبقى في واجهة المشهد… هذه المرة من نيويورك.