
في نهار مشمس شديد الحرارة ومرتفع الرطوبة، فوجئ سكان العاصمة المصرية القاهرة وعدد من محافظات الدلتا، ظهر الثلاثاء، بهطول أمطار غزيرة، في ظاهرة جوية نادرة الحدوث خلال هذا التوقيت من العام.
وتزامنت هذه الأمطار غير المتوقعة مع موجة حر شديدة، ما أثار التساؤلات حول أسباب الظاهرة ومدى دقة التوقعات الجوية المرتبطة بها.
ولم تتوقع الهيئة العامة للأرصاد الجوية المصرية في بيانها الصادر الاثنين سقوط أمطار، اليوم الثلاثاء، إذ قالت إن البلاد ستشهد طقساً شديد الحرارة ورطباً نهاراً في أغلب الأنحاء، وحاراً رطباً على السواحل الشمالية، فيما تبلغ درجة الحرارة العظمى في القاهرة الكبرى في الظل 37 درجة مئوية.
لكن الهيئة أصدرت عدة تحديثات متتالية بشأن الحالة الجوية، الثلاثاء، وأشارت في تحديثها الأول إلى أن «صور الأقمار الاصطناعية تُظهر تكاثراً للسحب المنخفضة والمتوسطة في مناطق من جنوب القاهرة وشرقها، يصاحبها سقوط أمطار خفيفة على مناطق متفرقة».
وفي التحديث الثاني، أكدت استمرار تكاثر السحب الممطرة في المناطق نفسها، مع هطول أمطار خفيفة إلى متوسطة الشدة، وتوقعت أن تمتد هذه السحب تدريجياً إلى مدن القناة.
حالة طارئة
من جانبه، وصف أستاذ المناخ في جامعة الزقازيق ونائب رئيس هيئة الأرصاد الجوية السابق، الدكتور علي قطب، سقوط الأمطار على القاهرة بأنها حالة جوية طارئة ونادرة الحدوث، خصوصاً في فصل الصيف الذي يتسم عادة باستقرار الأحوال الجوية وندرة سقوط الأمطار، خصوصاً على مناطق شمال البلاد والقاهرة الكبرى.
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أنه وعلى مدار الثلاثين عاماً الماضية، لم نسجل مثل هذه الظاهرة الجوية في شهر يوليو (تموز) على القاهرة وشمال مصر. أما في جنوب البلاد، وتحديداً في صعيد مصر، فإن احتمالات تعرض بعض المناطق لحالات عدم استقرار جوي قد تكون واردة خلال فصل الصيف، تكون ناتجة عن امتداد الحزام المطري المداري الذي يؤثر على شمال السودان، وقد يمتد تأثيره إلى جنوب الصعيد وسلاسل جبال البحر الأحمر، وهذه تعدّ حالات موسمية معتادة نسبياً.

وعن سبب الأمطار التي هطلت الثلاثاء على أحياء في القاهرة، أوضح أنها تشكلت نتيجة منخفض جوي في طبقات الجو العليا تزامن مع ارتفاع نسبي في نسبة الرطوبة على سطح الأرض، ما أدى إلى تشكّل سحب من النوع المتوسط، نتج عنها هطول أمطار كانت غزيرة في بعض المناطق من شرق القاهرة، رغم أن مدتها كانت قصيرة.
وأشار إلى أنه الهيئة العامة للأرصاد الجوية رصدت هذه الحالة بعد تحليل صور الأقمار الاصطناعية وتوقعات النماذج العددية.
تأثير تغير المناخ
وما حدث يُعد دليلاً واضحاً على أن التغير المناخي أصبح يؤثر بشكل مباشر على منطقة الشرق الأوسط، ومصر جزء من هذا النظام المتغير؛ فمع استمرار ارتفاع متوسط درجة حرارة الأرض، وزيادة تركيزات الغازات الدفيئة، نلاحظ تصاعد وتيرة الظواهر الجوية المتطرفة مثل الأمطار غير المعتادة، وموجات الحر، والجفاف، وغيرها، وهي كلها من آثار ظاهرة الاحتباس الحراري.
وتوقعت عضو المركز الإعلامي بالهيئة العامة للأرصاد الجوية المصرية الدكتورة منار غانم، استمرار احتمال سقوط أمطار خفيفة إلى متوسطة على مناطق متفرقة من القاهرة الكبرى ومدن القناة والوجه البحري والسواحل الشمالية، خلال الساعات المقبلة.

وقالت غانم، خلال مداخلة هاتفية عبر فضائية (CBC) المصرية، مساء الثلاثاء، إن الأمطار تسقط بشكل متفرق وعشوائي، مؤكدة أن هذه الظاهرة غير معتادة في هذا التوقيت من العام.
وأوضحت أن تساقط الأمطار يرجع إلى تكوّن منخفض جوي في طبقات الجو العليا، بالتزامن مع ارتفاع في نسب الرطوبة، مما أدى إلى تكاثر السحب وسقوط الأمطار على بعض المناطق.
وأضافت: «مع التغيرات المناخية، أصبح كل شيء ممكناً؛ أن نشهد سقوط أمطار في عز الصيف، وفي مناطق متفرقة من محافظات الجمهورية».
وطمأنت غانم المواطنين، مشيرة إلى أن سقوط الأمطار لا يستدعي القلق، بل يجب التعامل معه بوصفه أحد مظاهر التغير المناخي، الذي يؤثر على مختلف أنحاء العالم.
ولفتت إلى أن ارتفاع نسب الرطوبة هو العامل الرئيسي وراء الشعور الزائد بارتفاع درجات الحرارة خلال فترات النهار والليل، مشيرة إلى أن درجة الحرارة المحسوسة في القاهرة الكبرى تصل إلى 41 درجة مئوية.