ما الدروس المستفادة من الهجرة النبوية؟.. عبد اللطيف سليمان يجيب

ما الدروس المستفادة من الهجرة النبوية؟.. عبد اللطيف سليمان يجيب

قال الدكتور عبد اللطيف سليمان، من علماء الأزهر الشريف، إن الهجرة النبوية ليست مجرد حدث تاريخي مرَّ وانتهى، بل هي مشروع حياة متكامل، اختاره النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن بصيرة ويقين، ولم تكن نزوحًا ولا لجوءًا ولا طردًا كما قد يظن البعض، بل كانت بداية لعهد جديد من البناء والنهوض.وأوضح خلال تغطية حاصة بمناسبة العام الهجري الجديد، على قناة الناس، اليوم الثلاثاء أن الرسول صلى الله عليه وسلم سمّاها “هجرة”، لأن النزوح قهر، واللجوء اضطرار، أما الهجرة فخطة وعزم ورؤية مستقبلية، رسمها النبي بيديه بعد تدبر وتوكل على الله، فكانت المدينة المنورة مشروعًا حضاريًا لا محطة انتظار.وأضاف أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل المدينة لاجئًا، بل دخلها مؤسسًا وبانيًا، فقال للأنصار: “المحيا محياكم، والممات مماتكم”، فأسس بيده البيوت، وبنى المسجد، وربط المهاجرين بالأنصار في أقوى شراكة اجتماعية واقتصادية عرفها التاريخ.وبيّن أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتاجر بآلامه، بل طارد من سرقوه ليسترد حقوق أصحابه، وساهم بنفسه في العمل والكفاح، وحينما أخطأ في أمر دنيوي، قال بكل تواضع: “أنتم أعلم بأمور دنياكم”.وأشار إلى أن الرسول الكريم علّم الناس أن العمل في الغربة وطن، وأن الكسل في الوطن غربة، وأن الأرض أرض الله، والرزق رزق الله، ولا فضل لأرض على أخرى إلا بما يُقام فيها من دين وعلم وعدل؛ لذلك لم يَعُد إلى مكة بعد الفتح، رغم ما فيها من ذكريات ومكانة، بل اختار أن يستمر في مشروعه المدني من المدينة المنورة.وتابع: “الهجرة علمتنا أن المؤمن كالغيث أينما وقع نفع، وأن الحياة الحقيقية في السعي، والبناء، والعدل، والوفاء، وأن الوطن ليس ترابًا فقط، بل هو حيث تُقام القيم وتُبنى المجتمعات، وما أحوج أمتنا اليوم إلى استلهام هذه الدروس والعمل بها”.