
حققت مصر قفزة نوعية في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة عام 2024، لتحتل المرتبة التاسعة عالميًا باستثمارات بلغت 47 مليار دولار، مقابل المركز 32 واستثمارات 10 مليارات دولار في 2023، بحسب تقرير الاستثمار العالمي للأمم المتحدة «أونكتاد».
أكد حسام هيبة، رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، أن التوجه الاستراتيجي الذي اتخذته الدولة خلال السنوات القليلة الماضية، إلى جانب المشروعات الاستثمارية الضخمة وطرق الترويج الحديثة التي اعتمدتها، أسهم بشكل مباشر في تصدُّر مصر قائمة الدول الإفريقية في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وأضاف لـ«البورصة»، أن السياسات المحفزة التي أطلقتها الدولة مؤخرًا، خاصة حزم الحوافز الاستثمارية والتسهيلات المرتبطة بالمناطق الحرة والمناطق الاقتصادية، كان لها أثر فعّال في تحسين مناخ الاستثمار وزيادة تنافسية السوق المصري إقليميًا ودوليًا.
قال رئيس الهيئة،إن الدولة لا تزال حريصة على التقدم أكثر في مؤشرات جذب الاستثمار داخل القارة الإفريقية، عبر مواصلة تطوير البيئة التشريعية والمالية، وتسهيل الإجراءات أمام المستثمرين المحليين والأجانب.
وأوضح أن مصر تواجه حاليًا بعض التحديات الخارجية، أبرزها التوترات الجيوسياسية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، والتي تُلقي بظلالها على مناخ الاستثمار في عموم المنطقة، وتدفع كثيرًا من المستثمرين إلى الترقب والحذر.
وشدد على أن الدولة اتخذت حزمة من التدابير والسياسات الاقتصادية والهيكلية التي تعزز صمود الاقتصاد وتحميه من الاضطرابات الإقليمية، بما يضمن استمرارية تدفق الاستثمارات وعدم تأثرها بتلك الأوضاع.
هلال: إصلاحات الضرائب أضفت مرونة كبيرة على تعاملات المستثمرين مع المنظومة
وقال محرم هلال، رئيس الاتحاد العام لجمعيات المستثمرين، إن الخطوات التي اتخذتها وزارة المالية ومصلحة الضرائب المصرية مؤخرًا، خاصة فيما يتعلق بتنظيم العلاقة بين المصلحة والممولين، أسهمت بشكل كبير في حل العديد من المشكلات التي كانت تعيق النشاط الاستثماري، وأضفت مرونة كبيرة على تعاملات المستثمرين مع المنظومة الضريبية، وهو ما انعكس بشكل مباشر على استقرار بيئة الاستثمار ورفع معدلات الثقة لدى المستثمر المحلي والأجنبي.
وأوضح لـ«البورصة»، أن هذه التغييرات لعبت دورًا مهمًا في تحسين مناخ الأعمال داخل السوق المصري، وجعلت من تجربة المستثمر مع المؤسسات الحكومية أكثر إيجابية، وهو ما يمثل نقطة جذب رئيسية للاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال الفترة الماضية.
أشار هلال، إلى أن وزارة الاستثمار اتخذت كذلك عددًا من الإجراءات المهمة، من بينها تعديل بعض مواد قوانين الاستثمار لتسهيل دخول رؤوس الأموال الأجنبية، وتبسيط الإجراءات الإدارية، وتوسيع نطاق الحوافز الخاصة في القطاعات الاستراتيجية مثل الصناعة والطاقة الجديدة والمتجددة، إلى جانب تفعيل نظام الشباك الواحد بشكل أكثر فعالية.
وأضاف أن اعتماد الدولة على سياسة سعر الصرف المرن ساعد في الترويج لمصر كوجهة استثمارية تنافسية، مشيرًا إلى أن هذا التوجه جعل السوق المصري أكثر جذبًا مقارنة ببعض الأسواق الأوروبية مثل إيطاليا وفرنسا، التي تعاني من تحديات اقتصادية وتشريعية تعيق دخول رؤوس الأموال.
وتوقع أن تستمر مصر في تعزيز موقعها كأحد أبرز الوجهات الاستثمارية في المنطقة خلال الفترة المقبلة، بفضل استقرارها الاقتصادي والتشريعي، وحرص الحكومة على إزالة المعوقات أمام المستثمرين.
عارف: استقرار سعر الصرف يعزز تنافسية المنتج المحلي في الأسواق الخارجية
من جانبه، قال سمير عارف رئيس جمعية مستثمري العاشر من رمضان، إن مصر تُعد من أكثر الدول الإفريقية التي تتمتع بثقة كبيرة من المستثمرين، نظرًا لما تحققه من استقرار أمني واقتصادي، بالإضافة إلى التوازن الذي تشهده في أسعار الصرف مؤخرًا.
وأوضح لـ«البورصة»، أن استقرار سعر الصرف أسهم في تعزيز تنافسية المنتج المصري في الأسواق الخارجية، ما دفع العديد من المستثمرين إلى زيادة استثماراتهم بهدف التوسع في التصدير، مستفيدين من اتفاقيات التجارة الحرة التي وقّعتها مصر مع عدد من الدول الإفريقية، والتي تفتح أبوابًا واسعة أمام المنتجات المصرية للنفاذ إلى أسواق جديدة.
وأشار عارف، إلى أن وجود بنية تحتية قوية، وموقع جغرافي مميز، وشبكة اتفاقيات تجارية تجعل من مصر مركزًا استثماريًا إقليميًا واعدًا، ووجهة مفضلة للمستثمرين الباحثين عن أسواق مستقرة وعوائد مضمونة.
المنزلاوي: مشروع رأس الحكمة لعب دورًا محوريًا في تحسين صورة مصر
وأكد مجد الدين المنزلاوي، رئيس لجنة الصناعة بجمعية رجال أعمال المصريين، أن مشروع رأس الحكمة كان بمثابة نقطة تحول رئيسية في مسار جذب الاستثمارات الأجنبية إلى مصر، مشيرًا إلى أن هذا المشروع لعب دورًا محوريًا في تحسين صورة مصر كمركز جاذب لرؤوس الأموال، وساهم في تعزيز ثقة المستثمرين الدوليين في السوق المصري.
وأوضح لـ «البورصة»، أن تصدر مصر للمركز الأول إفريقيًا في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال العام الماضي لم يكن وليد الصدفة، وإنما نتيجة مباشرة لحزمة من المشروعات العملاقة التي أطلقتها الدولة، يأتي على رأسها مشروع رأس الحكمة، الذي يُعد بمثابة «رأس الخيط» في فتح شهية المستثمرين للدخول في السوق المصري بقوة.
أضاف المنزلاوي، أن هذا المشروع لم ينعكس فقط على تدفق الاستثمارات الأجنبية، بل أيضًا على توجه عدد من الدول العربية لمحاكاة نفس النهج، وعلى رأسها قطر والمملكة العربية السعودية، اللتان تدرسان حاليًا ضخ استثمارات مماثلة في مشروعات خاصة بالقطاع العقاري.
وأشار إلى أن الاستثمار في مصر لم يعد يقتصر فقط على القطاع العقاري، بل يمتد ليشمل قطاعات استراتيجية مثل الطاقة المتجددة، موضحًا أن الدولة قطعت شوطًا كبيرًا في هذا الاتجاه من خلال توقيع عدد من الاتفاقيات المهمة خلال الشهور الماضية، أبرزها اتفاقيات في مجال الهيدروجين الأخضر.
قال رئيس لجنة الصناعة بجمعية رجال أعمال المصريين، إن مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة أصبحت محورًا أساسيًا في استراتيجية التنمية الشاملة لمصر، خاصة مع الطموح لزيادة مساهمة مصادر الطاقة المتجددة إلى نحو 40%، مقارنة بنسبة 20% حاليًا.
وأكد أن النجاح في جذب الاستثمارات يتطلب الاستمرار في تطوير التشريعات، وتوفير مناخ أكثر مرونة وشفافية للمستثمرين، فضلًا عن الترويج الخارجي المكثف للمشروعات القومية الجاذبة، وعلى رأسها مشروعات التنمية الساحلية والطاقة المستدامة.
السقطي : الفترة الحالية تشهد زخمًا استثماريًا بفضل تسهيل بيئة الأعمال
وقال علاء السقطي، نائب رئيس اتحاد المستثمرين، إن وجود صناديق الثروة السيادية الخليجية في السوق المصري لعب دورًا محوريًا في جذب الاستثمارات الأجنبية، حيث توفر هذه الصناديق موارد مالية كبيرة ودعمًا استراتيجيًا لمشروعات تنموية مختلفة، خاصة في قطاعات البنية التحتية والطاقة.
أضاف لـ«البورصة»، أن الفترة الحالية تشهد زخمًا استثماريًا واضحًا بفضل جهود الدولة في تسهيل بيئة الأعمال، إلى جانب الاستقرار السياسي النسبي الذي تتمتع به مصر مقارنة بدول المنطقة، مما يمنح المستثمرين ثقة أكبر في فرص السوق المصري.
وأكد أن هذا التوازن بين الدعم المالي الكبير من الصناديق الخليجية والاستقرار السياسي يجعل مصر من أفضل الوجهات الاستثمارية في إفريقيا، مع توقعات بزيادة تدفقات الاستثمارات في الأشهر المقبلة.