
بينما تدخل بطولة كأس العالم للأندية أسبوعها الثاني، بدأت الجماهير العالمية تدرك حقيقة الفوضى المناخية التي يمكن أن تُحدثها تقلبات الطقس في الولايات المتحدة خلال فصل الصيف؛ حيث أصبحت الأحوال الجوية محوراً رئيسياً للبطولة، بعد أن تسببت في تأجيل 4 مباريات متتالية على مدار 4 أيام، بعضها امتد لأكثر من ساعتين وفقاً لشبكة «The Athletic».
ومن المتوقع أن تستمر هذه التحديات المناخية خلال الأسبوع المقبل، تزامناً مع موجة حر شديدة تُهدد برفع درجات الحرارة في مناطق واسعة من البلاد، بدءاً من عطلة نهاية الأسبوع.
وتُعد الظواهر المناخية القاسية، مثل الحرارة المرتفعة في لوس أنجليس، أو العواصف الرعدية المفاجئة في أورلاندو، جزءاً طبيعياً من الصيف الأميركي، وهو ما يُرجّح أن يتكرر في نهائيات كأس العالم 2026.
وقال بن شوت، مدير العمليات في هيئة الأرصاد الجوية الوطنية، يوم الجمعة: «ما نشهده حالياً أمر معتاد جداً، ليس غريباً على الإطلاق… العام المقبل، قد نواجه السيناريو نفسه». ويُعد شوت الممثل الرسمي للهيئة في اللجنة التخطيطية للمونديال لدى المنظمة الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي، وقد أمضى الأشهر الثمانية الماضية في التنسيق مع «فيفا» والمنظمين، استعداداً للبطولة.
بدأت المشكلات المناخية في البطولة الحالية بمباراة أولسان الكوري الجنوبي وماميلودي صن داونز الجنوب أفريقي التي تأخرت أكثر من ساعة بسبب عواصف رعدية في أورلاندو. وفي اليوم التالي، تكرر المشهد في سينسيناتي؛ حيث تأجلت مباراة ريد بول سالزبورغ النمساوي وباتشوكا المكسيكي لمدة 97 دقيقة بسبب عواصف شديدة.
أما يوم الخميس، فقد توقفت مباراة بالميراس البرازيلي والأهلي المصري على ملعب «ميت لايف» في نيوجيرسي مؤقتاً، بفعل عواصف سريعة رافقتها درجات حرارة مرتفعة، دفعت الجماهير إلى الاحتماء من الشمس والبحث عن الماء، بينما سُجّلت حادثة صاعقة برق أصابت فتى في سن الخامسة عشرة في متنزه «سنترال بارك» القريب، ونجا منها بأعجوبة.
وشهد يوم الجمعة أطول تأخير حتى الآن؛ إذ تعطلت مباراة بنفيكا البرتغالي وأوكلاند سيتي النيوزيلندي في أورلاندو لمدة ساعتين بسبب الأمطار الرعدية، رغم أن اللقاء انتهى بفوز كبير للفريق البرتغالي بستة أهداف دون رد.
وأوضح شوت: «في هذا الوقت من السنة، ولا سيما شرق سلسلة جبال الروكي، نشهد نشاطاً كبيراً للعواصف الرعدية؛ خصوصاً في النصف الشمالي من البلاد، من سينسيناتي إلى نيويورك. كل 3 إلى 5 أيام، تمر جبهة باردة تؤدي إلى هذه العواصف».
وأشار إلى أن الجغرافيا تؤثر أيضاً في الطقس، فولاية فلوريدا مثلاً تشهد تلاقي نسائم البحر من جهتيها الشرقية والغربية، ما يؤدي إلى تكون عواصف رعدية غالباً بعد الظهر. وهو ما قد يُعرّض المباريات المسائية للتأجيل أو التوقف.
ونظراً لاتساع الولايات المتحدة وتنوّع مناخها، فقد عملت هيئة الأرصاد بالتنسيق مع مسؤولي «فيفا» لوضع خطة شاملة للتعامل مع المخاطر المناخية في المدن الإحدى عشرة التي ستستضيف مباريات كأس العالم المقبلة. وقال شوت: «تم بالفعل إعداد خطة مفصلة حسب المدينة، وتم تقديمها لمسؤولي (فيفا)».
ومن بين المدن التي تأثرت حتى الآن بالعوامل الجوية، لم تُدرج إلا نيوجيرسي ضمن المدن المستضيفة للمونديال. أما أورلاندو وسينسيناتي فليستا من بين المدن المُختارة، ولكن لا تزال لديهما مباريات متبقية ضمن البطولة الحالية.
وسيكون «ميت لايف» في نيوجيرسي مسرحاً لخمس مباريات أخرى، بينها نصفا النهائي والمباراة النهائية، في حين ستحتضن ملاعب أخرى لقاءات حاسمة مثل مواجهة يوفنتوس ومانشستر سيتي في أورلاندو.
وكشف شوت أن الهيئة ستوفّر خلال المونديال المقبل خبراء أرصاد في كل مدينة، يعملون مع السلطات المحلية لضمان سلامة الجمهور. وستركز «فيفا» على الجانب الفني والتنسيق مع الفرق، بينما ستتولى الهيئة الفيدرالية حماية الأرواح والممتلكات.
كما أشار إلى أن الهيئة تنسق لترجمة توقعاتها الجوية إلى جميع اللغات المعتمدة لدى «فيفا» لضمان إيصال المعلومات للجماهير الدولية؛ خصوصاً الذين قد لا يكونون على دراية بتقلبات الطقس الأميركي.
وقال: «نحن نعمل على ضمان إيصال التهديدات المناخية للجميع، فكثير من المشجعين القادمين لا يعرفون مدى سرعة تحوّل الأجواء من مشمسة إلى خطيرة في دقائق معدودة. وهذا تحدٍّ نأخذه على محمل الجد، وسنضمن تقديم التوعية الكافية للجميع».