سهاد كبها: إسرائيل وإيران.. صراع بلا افق والصين تتحرك 

سهاد كبها: إسرائيل وإيران.. صراع بلا افق والصين تتحرك 

سهاد كبها: إسرائيل وإيران.. صراع بلا افق والصين تتحرك 

سهاد كبها
منذ الثاني عشر من شهر حزيران الجاري2025 ، يشهد الشرق الأوسط تصعيدًا عسكريًا  بين إسرائيل وإيران، في تطور غير مسبوق للصراع الإقليمي الذي طالما ظل محصورًا  في التهديدات المتبادلة. إسرائيل  بدأت  تقصف مواقع إيرانية نووية وعسكريه، ومنذ ذلك الحين اصبح الطرفان يتبادلان  الضربات يوميًا كل طرف  يتلقى ضربات، وكل جهة تردّ بطريقتها.
 هذا التصعيد جاء في وقت لا تزال فيه العمليات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة مستمرة منذ عشرين شهرا ، ما يجعل هذا  المشهد يثير تساؤلات حول مستقبل الصراع وحدود انخراط القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
 إسرائيل بدأت في شن ضربات جوية على أهداف إيرانية، وردت إيران بصواريخ  استهدفت مواقع  داخل الأراضي الإسرائيلية، ما أدى إلى وقوع أضرار بشرية ومادية. هذه الأحداث، وإن كانت محصورة زمنيًا في بضعة أيام، إلا أنها تؤشر إلى  إمكانية توسعها إلى جبهات أخرى في لبنان وسوريا والعراق واليمن، حيث تتواجد قوى حليفة لإيران.
الولايات المتحدة، بقيادة دونالد ترامب، تقدّم دعمًا واضحًا لإسرائيل على المستوى اللوجستي والمستوى السياسي، لكنها حتى الان لم تنخرط بشكل مباشر في المعركة. هذا التردد الأمريكي  هو انعكاس لحسابات دقيقة تتعلق بتورط  في حرب إقليمية مفتوحة. إدارة ترامب، رغم خطابها الحاد تجاه إيران، تدرك أن أي تدخل مباشر قد يزيد التوتر العالمي، ويهدد مصالح الولايات المتحدة في بمناطق أوسع ، بما في ذلك الخليج العربي .
في خضم هذا المشهد، ما لفت انتباهي هو دعوة الرئيس الصيني إلى وقف العمليات العسكرية بأسرع وقت ، وخصوصا من قبل إسرائيل،  فهذا ليس تصريح عابر , هذا كمؤشر على دخول فاعل دولي جديد على خط النزاع،  .دعوة الصين  يمكن قراءتها كتعبير عن تزايد ثقل بكين السياسي، وسعيها  وضع حد  للهيمنة الغربية على القرار بالمنطقة   .
فالصين اليوم ليست طرفًا محايدًا يراقب الأحداث من بعيد، الصين  أصبحت قوة اقتصادية وعسكرية كبيرة ذات ثقل عالمي . وبدعوتها   لأطراف الصراع  لوقف العمليات العسكرية وخاصة لإسرائيل  فهي تريد ان  توصل رسالة واضحة بأنها تسعى لحماية مصالحها  وتأكيد وجودها  كلاعب أساسي في صناعة القرار الدولي، خصوصًا في منطقة الشرق الأوسط , ويعكس رغبتها في وضع حد للهيمنة الغربية وتأكيد وجودها كقوة مؤثرة قادرة على فرض شروطها ومصالحها في الساحة العالمية.
يمكن للصين أن تؤثر على مسار المواجهة من خلال ثقلها الدبلوماسي والاقتصادي، إذ إن دعوتها وقف العمليات العسكرية  قد يغيّر من حسابات الجميع .
الصين  قادرة على التأثير بفضل ثقلها الدولي . تحرك بكين بشكل حاسم ورفضها التصعيد من شأنه أن يضع حدًا للاندفاع العسكري، خصوصًا أن إسرائيل وأمريكا لا يمكنهما تجاهل موقف قوة عالمية بهذا الحجم، ما يمنح الصين قدرة فعلية على رسم خطوط حمراء جديدة أمام جميع الأطراف. بالإضافة إلى الضغط الروسي الذي يحمل وزنًا كبيرًا في التأثير على مسار الأزمة
كفلسطينيين في  أراضي الـ48، نحن جزء من هذه الحرب ونعيش  تبعات هذا الصراع لحظةً بلحظة ,لا تقتصر آثار الحرب على الجانب الأمني المتمثل في  الصواريخ التي تصلنا  ومن سياسة الدولة التي تعاملنا وكأننا عدو داخلي. كل شيء نقوله محسوب، كل موقف مراقب .وكل ازمه  او تصعيد عسكري ، يعيدنا إلى مربعات التمييز والتضييق، ويحول حياتنا اليومية إلى حالة توتر مستمر .
أما بخصوص  السؤال المتعلق بمن سينتصر في هذه المواجهة، فالإجابة عليه معقدة, فالحروب المعاصرة لا تُقاس ب بضربات متبادلة، او مكاسب ميدانيه مؤقته  بل بمدى قدرة الأطراف على الصمود سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا.
إسرائيل تمتلك تفوقًا عسكريًا، لكنها محاطة بجبهات متعددة ومجتمع داخلي متوتر. اما إيران فتتعرض لضغوط كبيرة، لكنها تمتلك شبكة تحالفات إقليمية تمنحها قدرة على الاستنزاف والمناورة. اما الولايات المتحدة، وإن كانت قادرة على الحسم العسكري، إلا أن انخراطها مشروط بحسابات معقدة تتعلق بأوضاعها الداخلية ومصالحها الدولية.
ما نشهده اليوم هو بداية مرحلة جديدة في الصراع الإقليمي، عنوانه الأبرز “اللايقين”، حيث لا يمكن التنبؤ بسيناريو نهائي، الحرب هذه قد تطول، وقد تهدأ فجأة تحت ضغوط دولية، لكنها لن تنتهي بانتصار كامل لأي طرف.
فلا  يمكن الحديث عن نصر مطلق لأي طرف. لكن المؤكد أن  الشعب الفلسطيني، هو من يدفع الثمن الأكبر ، غزة ما زالت  تحت النار، منذ عشرون شهرا  والشعب  فيها  يباد بصمت عالمي في وقت تستمر فيه القوى الكبرى بلعب أدوارها وفقًا لمصالحها، لا وفقًا للعدالة أو القانون الدولي.
الجميع  متفق ان التصعيد الإقليمي لن يغيّر موازين القوى بل يضعف الاهتمام الدولي  بمعانات الفلسطينيين ويزيد المشهد  تعقيدا  ويطيل أمد المعاناة الفلسطينية ويجعل أي أفق لحل سياسي أكثر بعدًا.  ,وتعقيدا .
فهذه الحرب قد تطول، وقد تهدأ فجأة ، لكنها لن تنتهي بانتصار كامل لأي طرف. فإسرائيل لن تخرج منها كما دخلت، وإيران لن تُهزم بسهولة، وأمريكا ستظل تتأرجح بين الحسم والتردد، أما نحن فلسطيني ال 48  فسنظل نعيش في قلب العاصفة، نحاول أن نحتفظ بما تبقى من كرامة وهوية في بلد يسمي وجودنا تهديدًا.
كاتبة فلسطينية

ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: