يوسف شرقاوي: منظمة “التحرير” الفلسطينية 61 عاما، ما بين التأسيس والتهميش !!! أبو مازن “الأول” و أبو مازن “الثاني”

يوسف شرقاوي: منظمة “التحرير” الفلسطينية 61 عاما، ما بين التأسيس والتهميش !!! أبو مازن “الأول” و أبو مازن “الثاني”

يوسف شرقاوي: منظمة “التحرير” الفلسطينية 61 عاما، ما بين التأسيس والتهميش !!! أبو مازن “الأول” و أبو مازن “الثاني”

يوسف شرقاوي

من باب أن الشيء بالشيء يذكر، فلا مانع بالتذكير، بأن “أبو مازن الأول” أحمد الشقيري، هو مؤسس منظمة التحرير الفلسطينية، وأن “أبو مازن الثاني” محمود عباس، هو من ساهم مساهمة لا تخطئها العين في تهميشها

أبو مازن “الأول” أسس المنظمة  وأتقن تأسيسها بمساعدة عربية وتحديدا مصرية، لتكون ممثلة حقيقية للشعب الفلسطيني، إذ رافق هذا التأسيس، تأسيس :
_ جيش التحرير الفلسطيني
_ المجلس الوطني الفلسطيني
_ الصندوق القومي الفلسطيني
_ مركز الأبحاث الفلسطيني
ثم قام المجلس الوطني بانتخاب لجنة تنفيذية من بين أعضائه،  وهي تعتبر بمثابة الهيئة الأعلى في المنظمة بعد المجلس الوطني، والذي يعتبر مرجعيتها

 وانتخب “أبو مازن الأول” أحمد الشقيري، رئيسا للجنتها التنفيذية

بعد هزيمة حزيران ١٩٦٧، أراد الرئيس جمال عبد الناصر، بأن يقود المنظمة المسؤول الأول لأكبر فصيل فلسطيني مقاتل، وكان الراحل عرفات حينذ الناطق الرسمي لحركة “فتح” الفصيل الأكبر فلسطينيا، ويقال أن الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل قد رشح الراحل عرفات لقيادة المنظمة، وكان ذلك “أثناء تولي الراحل يحيى حمودة تولي قيادة المنظمة لفترة انتقالية، بعد الراحل الشقيري، أي اللجنة التنفيذية فقط، دون قيادته لجيش التحرير الفلسطيني، إذ كان كل لواء من ذلك الجيش متمركزا في قطر عربي، يتبع عمليا لرئاسة أركان جيش ذلك القطر

في دورة المجلس الوطني الذي عقدت جلسته الخامسة في القاهرة، في ٢شباط/فبراير/ ١٩٦٩، انتخب عرفات  رئيسا للجنة التنفيذية للمنظمة، وكان يتم تجديد انتخابه تلقائيا في كل اجتماعات مجلس المنظمة الوطني حتى استشهادة في ١١ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠٠٤

  وكانت نفوذه على الصندوق القومي محدودة، وكذلك على ألوية جيش التحرير الفلسطيني، المتمركزة في كل من مصر، سورية، العراق، الأردن

بعد خروج قوات منظمة “التحرير” من لبنان بعد المعارك الضارية هناك، وانتشار وحدات الفصائل المقاتلة المنضوية تحت لواء المنظمة، في الأقطار العربية البعيدة عن ساحات دول “الطوق” جرى تعديل مسمّى جيش التحرير الفلسطيني، لجيش التحرير الوطني الفلسطيني، أُسوة بكل حركات التحرر التي انتصرت، و وحدت الفصائل المقاتلة تحت لواء جيش وطني موحد

 تعزز المسمى الجديد للجيش، بعد معارك شمال لبنان، مع وحدات الجيش السوري، و وحدات جيش التحرير الفلسطيني والفصائل الفلسطينية التابعة لها
  وبعد ابعاد قوات المنظمة مرة أخرى عن لبنان/ طرابلس إلى الأقطار البعيدة عن ساحات دول الطوق، سمي عرفات رئيسا لأركان الجيش، علاوة على منصبه السابق “القائد العام”

أثناء الحرب التي احتدمت في مخيمات الشمال ومحيطها، كتب السياسي والدبلوماسي الفرنسي المخضرم مقالا في صحيفة النهار اللبنانية، تضمن “بنودا سرية” لاتفاق خروج قوات المنظمة من بيروت، وذكر شروطا من ضمنها : إبعاد منظمة “التحرير” وقواتها من ساحات دول الطوق، علاوة على تهميش دور المنظمة

ويبدو أن عرفات قبل ذلك من باب المناورة، إذ شدد قبضته عليها أكثر من أي وقت مضى، وخاصة على جيشها وصندوقها القومي، وتجلت سيطرته على كافة هيئات المنظمة بالإعلان الرمزي لإستقلال “دولة فلسطين” في دورة  المجلس الوطني الفلسطيني ال ١٩، في الجزائر في ١٥/نوفمبر/ ١٩٨٨، إذ مهد هذا الإعلان الرمزي لحذفه ضمنا بنودا رئيسية من الميثاق الوطني والقومي لمنظمة التحرير الفلسطينية “جرى التفاهم عليها بعد مؤتمر مدريد ١٩٩١” تمهيدا وتوطئة للتوقيع لاحقا على اتفاقية أوسلو التي جوهرها الإعتراف بحق وشرعية إسرائيل على حول ٧٨% من أرض فلسطين الإنتدابية، في ١٣/أيلول/سبتمبر ١٩٩٣

عرفات، ناور منذ بدء الحوار مع أمريكا في تونس عام ١٩٨٩، وتبادل رسائل الإعتراف مع رابين “الإعتراف بالمنظمة كممثل “شرعي و وحيد” للشعب الفلسطيني، دون الإعتراف بحقوق الشعب الوطنية والقومية في أرض فلسطين الإنتدابية، إذ لايوجد حقيقة حقوق قومية أو وطنية، لحكم ذاتي اداري خدماتي محدود، سيما وأن اتفاق أوسلو لايوجد بين ثنايا بنوده، بندا ينص على استقلال أو دولة، أو إنهاءا لإحتلال الضفة وقطاع غزة، من قِبل قوات الإحتلال الإسرائيلي، أي بمفهوم أوضح لذلك، أن حكم السلطة يقتصر على الشعب دون الأرض، وكان هناك شبه اتفاق بين القيادة الفلسطينية غير معلن أن حسن  أداء مؤسسات السلطة قد يفضي بعد انتهاء “الطعم” أي الفترة الإنتقالية المقررة بخمس سنوات على أبعد حد من تاريخ توقيع اتفاق إعلان المبادئ في أوسلو، لترسيخ دولة وطنية فلسطينية تلقائيا، ولكن لم يكن أداء مؤسسات السلطة هو ذلك الأداء الأنموذج والمأمول، وحتى لو كان كذلك، فلن تسمح إسرائيل بقيام أكثر من حكم ذاتي اداري خدماتي محدود يدير شؤون السكان فقط

عرفات، همش لحد كبير دور المنظمة، إذ أقدم على حذف فقرات أساسية من الميثاق الوطني الفلسطيني “بحجة التقادم” ولكن كانت استجابة لضغوط أمريكية/اسرائيلية/عربية، أثناء جلسة نادرة للمجلس الوطني الفلسطيني في ٢٢/نيسان/أبريل ١٩٩٦، في مدينة غزة، صادق عليها الرئيس الأمريكي بيل كلينتون لاحقا في ١٣/ديسمبر/١٩٩٨

حاول عرفات مستغلا حضوره الوطني الطاغي على تقديم تنازلات أكثر من تكتيكية علّه يصل لما أخفاه في قلبه ” وهذا ما وصل لرابين، صاحب نظرية المواعيد غير المقدسة، عن طريق الجاسوس “عدنان ياسين” إذ نجح الأخير بزرع أجهزة تصنت في أحد المقرات الرئيسية للمنظمة في تونس

اصطدم عرفات، بلحظة الحقيقة مع رئيس وزراء إسرائيل أيهود باراك، خلال مفاوضات كامب ديفيد ٢٠٠٠ م، برعاية الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، التي انتهت بفشل ذريع، وعاد من هناك خالي الوفاض، فصمم على تنفيذ ما برأسه، وأنتهز لتنفيذ ذلك زيارة شارون للمسجد الأقصى

بعد زيارة شارون للمسجد الأقصى اضطر عرفات لقيادة الغضب الشعبي الفلسطيني، بما سمي ب “الإنتفاضة الأقصى”

إلى أن أغتيل بالسم، بعد فترة طويلة من “الحبس المنزلي” في مقره في مقاطعة رام الله، إلى أن توفي لاحقا في المستشفى العسكري الفرنسي “بيرسي” في ١١/نوفمبر/٢٠٠٤

بعدها تولي رئاسة السلطة بحكم الأمر الواقع والمركز، السيد روحي فتوح، رئيس المجلس التشريعي، آنذاك لمدة ٦٠ يوما، حسب ما نص على ذلك القانون الأساسي المعدل لعام ٢٠٠٣، وبعد انقضاء تلك المدة، جرت في ٩/يناير/كانون الثاني/ ٢٠٠٥ انتخابات رئاسية فاز بنتيجتها “أبو مازن الثاني” محمود عباس، بنسبة ٦٢.٥٢

إمتاز عهد “أبو مازن الثاني” بالوضوح والجرأة أكثر من سلفه الراحل عرفات لجهة تهميش المنظمة، ودعوتها في مناسبات يحتاجها لخدمته شخصيا للإستقواء بها على خصومه من الفصائل المناوئة له، أو لتشديد قبضته والإستحواذ على كافة السلطات في يده، إلى أن تجرأ في ٨/فبراير/شباط/٢٠٢٢، ثم تراجع عن ذلك فورا، عندما ألحق المنظمة بالسلطة بمرسوم اعتبر فيه أن المنظمة هي أحد مؤسسات السلطة “دائرة من دوائر السلطة” وليس العكس، لكنه مالبث أن تراجع، لكنه ثابر ودأب؛ على تنفيذ مايخفي صدره بتهميش المنظمة عملا وامتنع عن ذلك قولا، وحل أهم هيئة فيها أي المجلس الوطني “برلمان المنظمة” والمجلس التشريعي “برلمان السلطة” لصالح مجلس أقرب لمجلس أعيان، المجلس المركزي، وهنا يصح توصيفه بمجلس تعيينات لا يخضع لأي معايير اللهم إلا معايير الموالاة والولاء، يعمل بريموت كونترول، مثبت على طاولة رئيسه، وعين على رأس الصندق القومي من ينفذ أوامره بحذافيرها، حتى لو تعارضت مع أبواب الصرف المنصوص عليها لدى لوائح الصرف التابعة للصندوق

وإزاء هذا التهميش المتعمد لدور المنظمة في عهد “أبو مازن الثاني” تحولت كافة هيئات المنظمة بيد رئيسها لهيئة سن مراسيم قوانين، لصالح السلطة ورئيسها، ونفر قليل يتحولق حوله، على حساب دور المنظمة التي يفترض بأن تكون هي المرجعية العليا للسلطة، بدون أي رقابة لأداء السلطة التنفيذية، سواءا أكانت تلك الرقابة، تشريعية، أو شعبية، أو من قِبل منظمات حقوقية متخصصة تابعة للمجتمع المدني

  وأخيرا وليس آخرا، عليكم أن تتصوروا ياسادة، مشهد مباراة لكرة قدم بدون حَكَم، أو مراقبي خطوط

ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: