هل تصبح السياحة مدخلاً لتنشيط العلاقات بين مصر وإيران؟

هل تصبح السياحة مدخلاً لتنشيط العلاقات بين مصر وإيران؟

جددت إيران الحديث عن رغبتها في تعزيز العلاقات مع مصر، متطلعة إلى توقيع مذكرة تفاهم لتسهيل الرحلات السياحية بين البلدين. وبينما أكد خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن السياحة «قد تكون أحد المسارات الرئيسة لتنشيط العلاقات»، شدَّدوا على أن «القاهرة لا تزال ملتزمة بنهجَي التأني والتدرج في تطوير العلاقات مع طهران».

وقال وزير التراث الثقافي والسياحة والحرف اليدوية الإيراني رضا صالحي أميري، في مقابلة مع وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا)، الاثنين، إن هناك محادثات ثنائية أُجريت لاستئناف العلاقات مع القاهرة، مؤكداً أن «استراتيجية الحكومة تهدف إلى إعادة فتح الطريق إلى مصر».

وأوضح أميري أن «مصر، التي يبلغ عدد سكانها 115 مليون نسمة، لديها إمكانات حضارية وتراثية ودينية هائلة»، مشيراً إلى أن «المصريين مهتمون بتطوير العلاقات مع إيران، وإرادة الحكومتين هي تمهيد الطريق لذلك».

وأكد «ضرورة إرساء علاقات دبلوماسية سياسية بين البلدين»، موضحاً أنه «تم اتخاذ خطوات جيدة حتى الآن، ولا توجد عقبات جدية أمام تطوير السياحة». وفي هذا الصدد، قال أميري: «إيران تتطلع إلى توقيع مذكرة تفاهم مع الجانب المصري، وقد أجريت الجولة الأولى من المفاوضات، ومن المقرر أن تستمر»، مشدداً على «ضرورة تذليل العقبات للتوصل إلى مذكرة تفاهم نهائية».

وأشار أميري إلى زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الأخيرة لمصر. وقال: «تمت تهيئة الأرضية لتطوير علاقات دبلوماسية سياحية»، مضيفاً أنه «بحضور وجهود وزير الخارجية، تستأنف العلاقات السياسية، ومع استئناف العلاقات السياسية، تسهل العلاقات الثقافية أيضاً».

وزار عراقجي القاهرة مطلع الشهر الحالي، حيث التقى والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وقال، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المصري بدر عبد العاطي، إن «العلاقات بين طهران والقاهرة تشهد مساراً متقدماً وغير مسبوق نحو التعاون والتقارب»، وأضاف أن المباحثات مع وزير الخارجية المصري «أسفرت عن الاتفاق على استمرار المشاورات السياسية بين البلدين، إلى جانب العمل على زيادة حجم التبادل التجاري وتعزيز التعاون السياحي».

وخلال الزيارة، أعلن وزير الخارجية المصري عن «إطلاق مسار للمشاورات السياسية بين البلدين يعقد دون المستوى الوزاري لتناول جوانب العلاقات المختلفة».

ووفق أميري، فإن «إيران دعت القطاع الخاص المصري إلى المشاركة في مشاريع سياحية إيرانية كبرى»، وأعلن وزير التراث والسياحة الإيراني «استعداد بلاده لتسهيل الرحلات الجوية والبرية بين البلدين، وتنظيم رحلات سياحية تاريخية ودينية مشتركة»، لافتاً إلى «ضرورة تفعيل المشاريع الفندقية والسياحية المشتركة في إطار الاتفاقيات الاستراتيجية».

وقالت أستاذة العلوم السياسية رئيسة وحدة الدراسات الإيرانية في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، هدى رؤوف، لـ«الشرق الأوسط» إن «السياحة أحد المجالات التي يمكن أن تشهد طفرة في العلاقات بين القاهرة وطهران، لا سيما مع اهتمام إيران بالسياحة الدينية في مصر». لكن رؤوف أكدت في الوقت ذاته أنه «بقدر انفتاح مصر على التواصل مع إيران في ملفات عدة، فإن هناك درجة من التأني في تطوير العلاقات».

وأوضحت أن «مصر تتواصل مع إيران في ملفات إقليمية عدة، من بينها أمن البحر الأحمر وقطاع غزة، لكنها في الوقت نفسه تسير بخطى محسوبة وبدرجة من التأني على طريق تطوير العلاقات». وقالت: «الانفتاح الكامل سيكون في التوقيت الذي يتوافق مع المصالح المصرية».

ولفتت إلى أن قرار تسهيل إجراءات دخول السياح الإيرانيين لمصر اقتصر على جنوب سيناء فقط.

وكانت الحكومة المصرية، أعلنت في مارس (آذار) 2023 حزمة تيسيرات لتسهيل حركة السياحة الأجنبية الوافدة، تضمنت قراراً بتسهيل دخول السياح الإيرانيين إلى البلاد عند الوصول إلى المطارات في جنوب سيناء، ضمن ضوابط تضمنت حصول السائحين الإيرانيين على التأشيرة من خلال مجموعات سياحية، وعبر شركات تنسّق مسبقاً للرحلات مع الجانب المصري؛ وهو ما لقي ترحيباً إيرانياً في حينه.

بدوره، قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، حسين هريدي، لـ«الشرق الأوسط» إن «رغبة إيران في تنشيط السياحة إلى مصر، لا سيما الدينية منها ليست بالجديدة»، مشيراً إلى أن «القاهرة تتبع نهجاً تدريجياً في تطوير علاقاتها مع طهران».

وأضاف :«تطوير العلاقات دبلوماسياً وسياسياً سيكون له انعكاساته على الملفات الأخرى، لكن الأمور تسير بالتدريج وستتم في وقت يناسب الطرفين»، رابطاً «تسريع خطوات تطوير العلاقات بين البلدين بنتائج المفاوضات الأميركية – الإيرانية الجارية حالياً».

وهذه ليست المرة الأولى التي تشهد مساعي إيرانية لتسيير رحلات سياحية إلى مصر، فخلال الفترة بين عامي 2011 و2013 بدأت محاولات في هذا الصدد، لكنها لم تسفر عن نتائج على الأرض.

كان البلدان قطعا العلاقات الدبلوماسية بينهما عام 1979، قبل أن تُستأنف بعد ذلك بـ11 عاماً، لكن على مستوى القائم بالأعمال. وشهد العامان الماضيان لقاءات بين وزراء مصريين وإيرانيين في مناسبات عدة؛ لبحث إمكانية تطوير العلاقات بين البلدَيْن.

وفي رأي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، فإن «السياحة قد تكون الطريق الأسهل لتطوير العلاقات بين البلدين»، مشيراً إلى «مباحثات سابقة تمت بين الجانبين لإنشاء خط طيران مباشر لتسهيل الرحلات بين البلدين». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يوجد سبب يمنع تطوير العلاقات بين البلدين».

ولفت إلى اهتمام إيران بالسياحة الدينية ومزارات آل البيت، مدللاً على ذلك بزيارة عراقجي الأخيرة لمسجد الحسين وسط القاهرة. وقال: «السياحة الدينية ستعزز النشاط التجاري بين البلدين وتزيد من سياحة المشتريات والبضائع التراثية».

وعقب لقاءاته الرسمية في القاهرة، أدى عراقجي صلاتي المغرب والعشاء في مسجد الحسين، وتناول العشاء في مطعم نجيب محفوظ التقليدي في منطقة خان الخليلي التاريخية، برفقة عدد من الشخصيات المصرية البارزة، من بينهم ثلاثة من وزراء الخارجية السابقين: عمرو موسى، ونبيل فهمي، ومحمد العرابي.