
تحول ملف مثير للجدل بمدينة طنجة إلى حديث الساعة، بعد أن بدأت السلطات القضائية في الاستماع إلى عدد من المتهمين ضمن ما بات يعرف بـ”قضية أرض اليهودي”، التي تعود جذورها إلى مطالب أحد أحفاد يهودي مغربي مقيم بإسبانيا، يدّعي ملكية 11 قطعة أرضية بجماعة كزناية المتاخمة لعاصمة البوغاز.
لكن خلف هذا الملف العقاري الشائك، تلوح في الأفق علامات استفهام كبرى حول الخلفيات الحقيقية للمدّعين، فبين وثائق تعود لعشرينيات القرن الماضي، وغياب أي رسم ملكية رسمي، وتساؤلات حول كيفية تحديد البقع من طرف طبوغرافي غامض، تتصاعد الشكوك حول ما إذا كان هذا النزاع مجرد واجهة لمافيا عقارية متخصصة في افتعال ملفات الورثة المزعومين، بهدف السطو المنظم على أراضٍ لها ملاك معروفون.
مصادر قريبة من الملف أكدت أن الادعاءات تستند فقط إلى لفيف عدلي عمره قرن، دون وثائق تثبت استمرارية الملكية، أو انتقالها عبر الإرث بشكل قانوني.
الأكثر غرابة أن المدعي نفسه أقر أمام المحكمة أنه لا يعرف تلك البقع ولا يستطيع تحديد مواقعها، ما أثار سخرية البعض ممن اعتبروا القضية برمتها محاولة لخلق شرعية من لا شيء.
الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بطنجة استمع مؤخرا لعدد من أعضاء مجلس جماعة كزناية، ضمنهم نواب للرئيس محمد بولعيش، والذين يُتابَعون بمنح شواهد إدارية لعقارات مبنية ومجهزة بالكهرباء والماء منذ سنوات، دون أن تكون لهم علاقة مباشرة بعملية التملك أو البناء.
غير أن تطورات الملف أخذت منحى أكثر إثارة، بعدما تبيّن أن نفس الوثائق التي يدفع بها المدّعي استُعملت في ملف تحفيظ منفصل تماما، يخص أراضي بمنطقة البرانص، على بعد 18 كيلومترا من كزناية، مما يعيد فتح الباب حول احتمال وجود شبكة تستغل صفة “الوريث اليهودي” لإعادة فتح ملفات عقارية مغلقة منذ زمن.
وفي الوقت الذي يُستبعد فيه الاستماع لكبار السن في المنطقة أو نواب الأراضي السلالية، ممن يمكنهم تأكيد ملكية العقارات المعنية لمغاربة اشتروها منذ عقود طويلة، تتعزز المخاوف من أن تتحول قضايا الإرث الغامض إلى أداة ضغط جديدة على السلطات والملاك الحقيقيين،.
السؤال الأهم اليوم لم يعد من يملك الأرض؟ بل من يقف فعلاً خلف هؤلاء “الورثة”؟