نستكمل مقالتنا :

Call of Duty: Black Ops

طوّره: Treyarch
المنصات: PS3، Xbox 360، Nintendo Wii
تاريخ الإصدار: 9 نوفمبر 2010

يُعد Call of Duty: Black Ops من أكثر الأجزاء تميزًا وإبداعًا في تاريخ السلسلة، وهو الإصدار الذي أكد قدرة Treyarch على تقديم تجربة غامرة ومعقدة على الصعيد السردي واللعب الحركي. بخروجه عن النمط المألوف للحروب الحديثة والعودة إلى أجواء الحرب الباردة والفوضى السياسية خلال حرب فيتنام، رسمت اللعبة ملامح جديدة للعالم السردي في Call of Duty، حيث امتزجت مشاهد القتال العنيف مع حبكة نفسية مشحونة بالغموض والتقلبات المربكة.

القصة تتبع العميل Alex Mason، الذي يُستجوب تحت التعذيب في غرفة غامضة، حيث تنكشف أسرار العمليات السوداء والمهمات السرية التي شارك بها، ويتخلل السرد تساؤلات وجودية وهلاوس مرئية مرتبطة برموز وأرقام غامضة ظلت محل جدل لسنوات بين اللاعبين. هذا المزج بين السرد النفسي والحرب التقليدية أعطى للعبة هوية مستقلة تمامًا، وأظهر قدرة Treyarch على اقتحام مناطق مظلمة وغير مألوفة في السلسلة.

العودة إلى فترة الستينيات لم تقلل من حدة الأسلحة أو من رتم القتال السريع، بل أضافت لمسة تكتيكية مميزة باستخدام ترسانة كلاسيكية ذات صوت وهيئة فريدة. التصميم الصوتي والموسيقي كان له أثر عاطفي واضح، خصوصًا مع إدخال أغاني فرقة The Rolling Stones بشكل ذكي في بعض اللحظات الحاسمة داخل اللعبة، مما جعل التجربة أكثر ارتباطًا بالواقع التاريخي دون أن تفقد طابعها السينمائي.

أما طور اللعب الجماعي فقد جلب معه أنماطًا جديدة غيّرت طريقة خوض المواجهات، وعلى رأسها نمط Gun Game الذي يجبرك على تبديل سلاحك بعد كل قتل، مما يتطلب براعة في التأقلم وسرعة في اتخاذ القرارات. كذلك قدّمت اللعبة خرائط غنية بالتفاصيل ومصممة بعناية لتمنح كل أسلوب لعب مساحته الخاصة، سواء كنت من محبي القنص أو المواجهات القريبة.

ولن ننسى بالطبع بداية ازدهار طور Zombies الحقيقي في هذا الجزء، حيث أصبحت التجربة أكثر تطورًا من مجرد موجات أعداء، وتحولت إلى مغامرة مليئة بالأسرار والقصص الفرعية، مع شخصيات أيقونية مثل Dempsey وNikolai وRichtofen. استمر هذا الطور في النمو ليصبح ركيزة أساسية من هوية السلسلة.

بكل وضوح، Call of Duty: Black Ops هو أكثر من مجرد لعبة تصويب، بل تجربة متكاملة تجمع بين القصة القوية، أسلوب اللعب المتقن، والأفكار الجديدة التي ما زالت تؤثر على السلسلة حتى اليوم. هذا الإصدار كان لحظة فارقة في تحول Call of Duty من مجرد لعبة حربية إلى ظاهرة ثقافية متكاملة.

Call of Duty 4: Modern Warfare

طوّره: Infinity Ward / Raven Software (النسخة المُحسّنة)
المنصات: PS4، PS3، Xbox One، Xbox 360، Nintendo Wii، PC
تاريخ الإصدار: 5 نوفمبر 2007 (النسخة المُحسّنة: 4 نوفمبر 2016)

يُعد Call of Duty 4: Modern Warfare حجر الأساس الذي انطلقت منه شهرة السلسلة إلى آفاق جديدة تمامًا، وقد تحول من مجرد إصدار ناجح إلى معيار تقاس عليه جودة كل جزء لاحق. هذه اللعبة لم تغيّر فقط أسلوب اللعب في سلسلة Call of Duty، بل أعادت تعريف تجربة ألعاب التصويب من منظور الشخص الأول على مستوى الصناعة بالكامل، خاصة على أجهزة الكونسول، حيث وضعت اللبنة الأولى لطور اللعب الجماعي الحديث.

المزيج الرائع بين نظام التقدم والإضافات القابلة للفتح وتصميم الخرائط الذكي وردود الفعل الفورية التي يشعر بها اللاعب بعد كل اشتباك، خلق تجربة تسبب الإدمان ولا تزال تحتفظ بجاذبيتها بعد مرور أكثر من عقد من الزمن. نظام الامتيازات (Perks)، الأسلحة القابلة للتخصيص، والKillstreaks كانت عناصر مبتكرة في وقتها، وأصبحت فيما بعد قاعدة أساسية لمعظم الألعاب التنافسية.

أما طور القصة، فهو تحفة فنية حقيقية تُحاكي أعنف وأعقد السيناريوهات العسكرية بتصميم سينمائي مذهل. المهمات الخالدة مثل All Ghillied Up التي تُعد من أكثر المراحل شهرة في تاريخ الألعاب، وDeath From Above التي قدمت منظورًا جديدًا للقتال الجوي بأسلوب درامي، كلها شكلت لحظات محفورة في ذاكرة اللاعبين. لم تكن القصة مجرد تسلسل معارك، بل حملت معها رسائل عن الصراعات المعاصرة، والسياسة، والتضحيات التي تُقدّم في الظل.

ومع إصدار النسخة المحسّنة عام 2016، استعادت اللعبة رونقها البصري بجودة عالية توازي الألعاب الحديثة، مما سمح لجيل جديد من اللاعبين باكتشاف هذه الأسطورة دون أن يشعر بأي فجوة تقنية أو رسومية. هذه النسخة جاءت مرافقة لـ Infinite Warfare، لكنها سرقت الأضواء بكل جدارة، إذ اعتبرها الكثيرون الصفقة الحقيقية في تلك الحزمة.

Call of Duty 4: Modern Warfare ليست مجرد لعبة في سلسلة طويلة، بل هي نقطة التحول الكبرى التي وضعت Call of Duty على عرش ألعاب التصويب. وببساطة، إذا كان لا بد من اختيار جزء واحد فقط لتجربته من بين جميع إصدارات السلسلة، فهذا هو الخيار الأوحد الذي لا جدال فيه. لعبة متقنة في كل تفاصيلها، تركت أثرًا لا يُمحى في صناعة الألعاب، وستظل إلى الأبد واحدة من أعظم إنجازات Infinity Ward.