✓ تفشي ظاهرة العمل بدون أجر يثير قلق الشباب ويضع مؤسسات التشغيل تحت المجهر

✓ تفشي ظاهرة العمل بدون أجر يثير قلق الشباب ويضع مؤسسات التشغيل تحت المجهر

في ظل تصاعد الأزمات الاقتصادية وتراجع فرص الشغل، أضحت ظاهرة العمل بدون أجر واقعا مريرا يعيشه عدد متزايد من الشباب والمهنيين الجدد. هذه الظاهرة تتوارى خلف شعارات مثل “اكتساب الخبرة” و”التدريب المهني”، لكنها في الواقع تخفي أشكالا من الاستغلال الذي يمارسه أرباب عمل يدركون هشاشة سوق الشغل وحاجة الأفراد للعمل بأي ثمن.

تشير شهادات ومعطيات ميدانية إلى أن عددًا من المؤسسات، خصوصا في القطاع الخاص، تشغل الخريجين الجدد لفترات طويلة دون أجر، بحجة أنهم في مرحلة تكوين أو يخضعون للتجريب قبل التثبيت. لكن الواقع يكشف أن هذه الفترات غالبا ما تمتد لعدة شهور، وقد تتكرر مع أشخاص مختلفين، في ما يشبه دورة استغلال ممنهجة ومنظمة.

وتتعدد أسباب هذه الظاهرة، في مقدمتها ارتفاع معدلات البطالة خاصة بين الشباب، ما يدفع بالكثيرين إلى القبول بفرص عمل مجانية على أمل كسب تجربة مهنية أو التوظيف لاحقا. كما يساهم ضعف تطبيق القوانين وغياب الرقابة الجدية في تفشي هذه الممارسات. وهناك أيضا عامل الخوف؛ إذ يخشى العديد من العمال الجدد المطالبة بحقوقهم حتى لا يفقدوا الفرصة، أو لأنهم لا يملكون وعيا قانونيا كافيا.

أما من الناحية النفسية والاجتماعية، فإن العاملين بدون أجر يعانون من فقدان التقدير والشعور بالظلم، مما يؤدي إلى الإحباط وربما الانسحاب من سوق العمل أو التفكير في الهجرة. كما تخلق هذه الممارسات بيئة غير عادلة تعمق الفجوة الاجتماعية وتضرب مبدأ تكافؤ الفرص.

ولتجاوز هذا الوضع، يطالب مختصون في الاقتصاد الاجتماعي بتدخل الدولة لردع الشركات المخالفة، وإلزامها بتوقيع عقود قانونية من أول يوم عمل، مع تفعيل دور مفتشي الشغل. كما يُنتظر من النقابات والمجتمع المدني أن يلعبوا دورًا أكبر في توعية الشباب بحقوقهم، وتقديم الدعم القانوني والإعلامي للمتضررين.

العمل بدون أجر ليس مرحلة عابرة أو خيارًا فرديًا، بل هو ظاهرة تحمل في طياتها اختلالات عميقة في سوق العمل والعلاقات المهنية. ومع كل يوم يُسمح فيه لهذه الممارسات بالاستمرار، تتآكل الثقة، وتتسع دوائر الهشاشة، وتتراجع قيم العدالة والمساواة داخل المجتمع.



Shortened URL