
قالت وكالة “فيتش” الأمريكية إن مصر أصبحت سوقًا أكثر جاذبية لتجميع السيارات، مدفوعةً بسياسات صناعية قوية تتبناها الدولة.
وأشارت الوكالة إلى استمرار عدد من الشركات المُصنّعة العريقة، مثل ستيلانتس، ونيسان، وجنرال موتورز، في الاستثمار في الإنتاج المحلي بمصر، مستفيدةً من هذا الدعم الحكومي.
جاء ذلك ضمن تسليط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء الضوء على تقرير وكالة “فيتش” بشأن صناعة السيارات في مصر.
وأضاف التقرير أن مصر شهدت زيادة في استثمارات مصنعي المعدات الأصلية (OEMs) لتوسيع إنتاج السيارات المحلي خلال السنوات الأخيرة، حيث ترى “فيتش” أن هذا الاتجاه مدفوع بسياسات حكومية داعمة للقطاع، إلى جانب تزايد الاستقرار الاقتصادي الكلي.
وأوضح التقرير أن مجلس الوزراء وافق في مايو الماضي على برنامج جديد لحوافز إنتاج السيارات، يتماشى مع الاستراتيجية الوطنية لصناعة السيارات، ويهدف إلى تعزيز الإنتاج المحلي من خلال رفع نسبة المكوّن المحلي إلى 60% بدلًا من 45%.
كما تسعى السياسة إلى زيادة الطاقة الإنتاجية الإجمالية لتتجاوز 400,000 وحدة سنويًا، مع تصدير نحو ربع هذا الإنتاج عبر تقديم حوافز للشركات المُصدّرة.
ورغم النظرة المتفائلة لهذا القطاع، من المتوقع أن يتطلب تحقيق هذا الهدف الاستثماري بحلول عام 2030 ضخ استثمارات كبيرة.
وأشارت “فيتش” إلى أن استمرار استقرار البيئة الاقتصادية الكلية خلال عام 2024 يدعم أيضًا تدفق الاستثمارات إلى مصر، متوقعةً أن يسهم انخفاض تقلبات العملة وتراجع معدلات التضخم في تعزيز الاستثمار بقطاع السيارات من خلال توفير قدر أكبر من اليقين للمُصنّعين.
وتتوقع الوكالة أن تصبح مصر سوقًا متزايدة الجاذبية لشركات صناعة السيارات الصينية الراغبة في التصدير إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأشارت إلى أن عددًا من الشركات المُصنّعة أعلنت عن خطط لتعزيز الإنتاج المحلي في مصر، وذلك عقب إطلاق الحكومة لاستراتيجيتها الوطنية لصناعة السيارات في عام 2022.
ولفتت إلى أن مصر استحوذت على أكبر عدد من الاستثمارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال عام 2024، حيث تم الإعلان عن 14 مشروعًا في السوق المصري، ما يمثل نحو 28% من إجمالي المشروعات الاستثمارية التي تم تتبعها ضمن المراجعة، وجاءت المغرب في المرتبة التالية مباشرة، بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي وسياساتها الحكومية الداعمة أيضًا.
وأوضحت أن من أبرز المشاريع في مصر الشراكة المُعلنة بين شركة “BAIC” الصينية المتخصصة في السيارات الكهربائية وشركة “ألكان أوتو” لإنشاء مصنع محلي لتجميع السيارات الكهربائية بطاقة إنتاجية أولية تبلغ 20,000 وحدة سنويًا.
كما أعلنت شركة “نيسان” عن عزمها زيادة استثماراتها في الإنتاج المحلي بمصر، لتصل الطاقة الإنتاجية السنوية إلى 30,000 وحدة بحلول عام 2025.
علاوةً على ذلك، أعلنت العلامة المحلية “النصر” في نوفمبر 2024 عن خطط لاستئناف إنتاج الحافلات والحافلات الكهربائية الصغيرة، بعد توقف دام 15 عامًا.
واعتبارًا من الربع الأول من عام 2025، أعلنت الشركة عن زيادة استثماراتها لتوسيع إنتاج سيارات الركاب، بطاقة إنتاجية سنوية تبلغ 20,000 وحدة.
وخلال فترة التوقعات الطويلة الممتدة حتى عام 2034، يُتوقع أن يشهد قطاع إنتاج السيارات في مصر توسعًا كبيرًا، مدفوعًا بزيادة استثمارات مصنّعي المعدات الأصلية، مع سعي الحكومة للاستفادة من الموقع الاستراتيجي للبلاد كبوابة إلى إفريقيا والشرق الأوسط، إذ توفر مصر فرصًا تصديرية كبيرة، وهو ما يشكل دافعًا رئيسًا لاستثمارات شركات السيارات الصينية.
وأكدت “فيتش” أن التزام الحكومة المصرية بتعزيز القطاع من خلال دعم السيارات الكهربائية وتطوير البنية التحتية الخاصة بها، سيدفع عجلة النمو طويل الأمد، ومن المنتظر أن تسهم الشراكات بين المصنعين المحليين والشركات العالمية في نقل التكنولوجيا، وتطوير المهارات، وتعزيز القدرات الإنتاجية، مما يضع مصر في موقع محوري في السوق الإقليمي للسيارات.
ونوهت الوكالة إلى وجود تحديات كبيرة تعترض تطوير الإنتاج المحلي، مشيرةً إلى أن تطوير صناعة المكونات محليًا وزيادة معدلات التصنيع المحلي سيتطلب أيضًا استثمارات كبيرة في التدريب الفني.
ومن ناحية أخرى، قد يوفر التحول نحو تكنولوجيا السيارات الكهربائية فرصةً للشركات المحلية لتعزيز حصتها السوقية على المدى الطويل.
وأوضحت أن مصر ستواجه منافسة من أسواق شمال إفريقيا الأخرى، بما في ذلك المغرب والجزائر، في جذب استثمارات الشركات المصنّعة للمعدات الأصلية.
ويُعد المغرب حاليًا المنتج الأكبر في المنطقة من حيث حجم الإنتاج، غير أن الأسواق الثلاثة ستواصل التنافس في هذا المجال، خاصة في ظل تقارب المزايا الجغرافية بالقرب من أوروبا، وقوة السياسات الصناعية التي تعتمدها كل دولة.