✓ بينما تحتفل الجزائر بالتوقيع .. آسيان تشيد بحكمة جلالة الملك

✓ بينما تحتفل الجزائر بالتوقيع .. آسيان تشيد بحكمة جلالة الملك

في الوقت الذي واصلت فيه الجزائر مساعيها الحثيثة نحو الالتحاق بالتكتلات الإقليمية الكبرى، أملاً في اكتساب شرعية دبلوماسية مفقودة، حلّ الأمين العام لرابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، كاو كيم هورن، بالمغرب في أول زيارة من نوعها لمسؤول بهذا المستوى إلى القارة الإفريقية، في دلالة واضحة على مكانة المملكة المتقدمة لدى هذا التكتل الدولي الصاعد.

الجزائر التي لم تكد تُعلن، الأربعاء، انضمامها إلى “معاهدة الصداقة والتعاون” التابعة لـ”آسيان”، حتى وجدت نفسها في موقف محرج، بعدما اختار أمين عام الرابطة المغرب كوجهة رسمية، ليُشيد علناً بالدور الريادي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وبالعلاقات “الاستراتيجية والموثوقة” بين المملكة وبلدان جنوب شرق آسيا، وهي علاقات مبنية على سنوات من التعاون الحقيقي، لا على توقيع بروتوكولات فارغة.

إخفاقات متكررة .. وتكتلات لا ترحب

منذ خمس سنوات على الأقل، وضعت الجزائر هدفاً استراتيجياً يتمثل في الالتحاق بالتكتلات الدولية الصاعدة. وبعد أن راهنت بقوة على دخول مجموعة “بريكس”، كان الإحباط سيد الموقف في قمة جوهانسبرغ سنة 2023، حيث جرى استبعاد الجزائر دون إعلان رسمي، وقبول دول عربية وأفريقية أخرى (مصر، السعودية، الإمارات، إيران، إثيوبيا).

وفي نهاية الاجتماع صرّح وزير خارجية روسيا، سيرغي لافروف، بأن «وزن الدولة وموقعها على الساحة الدولية» كان، وفقه، من أهم المعايير التي استندت إليها المجموعة لاختيار الأعضاء الستة الجدد، وأثار هذا الكلام انزعاجاً بالغاً لدى الجزائريين.

اليوم، تحاول الجزائر ترميم إخفاقها من خلال معاهدة صداقة رمزية مع “آسيان”، في وقت سبق فيه المغرب إلى توقيع الاتفاق ذاته عام 2016، وتوّج مساره بالحصول سنة 2023 على صفة “شريك الحوار القطاعي” للرابطة، وهو امتياز لا تملكه أي دولة في شمال إفريقيا سوى المملكة.

استغلال سياسي أم شراكة استراتيجية؟

بعيداً عن الهرولة السياسية نحو “آسيان”، والتي تبدو أقرب إلى محاولة لتقليص الخسائر الدبلوماسية، يبرز المغرب كشريك ناضج لهذا التكتل، من خلال خارطة طريق 2024-2028، ومبادلات تجارية قاربت مليار دولار، وتكوينات لفائدة دول آسيوية وأفريقية، إلى جانب دعم الرابطة لوحدة المملكة الترابية.

الأمين العام للرابطة، الذي تحدث بلغة الوضوح خلال زيارته للرباط، أكد أن المغرب يُمثل بوابة مثالية نحو إفريقيا، وأن بلدان “آسيان” تتطلع إلى الاستفادة من موقع المملكة وبنياتها المتطورة واتفاقياتها الدولية، مشيداً بمبادرات مثل مشروع أنبوب الغاز الإفريقي-الأطلسي، ومخطط تمكين دول الساحل من الوصول إلى المحيط الأطلسي.

المفارقة الصادمة : من يطلب ومن يُستقبل؟

زيارة كاو كيم هورن للرباط بعد أيام من توقيع الجزائر على اتفاقية الانضمام تُبرز الفارق الصارخ بين من يحجز موقعه بالتراكم والمصداقية، وبين من يسعى للاستغلال السياسي لخطوة رمزية في غياب رصيد دبلوماسي حقيقي.

فبينما يستقبل المغرب قيادات “آسيان” كمحاور موثوق به، تطرق الجزائر الأبواب بحثاً عن اعترافات، رغم وضوح ضعفها البنيوي السياسي والاقتصادي في عيون التكتلات العالمية.



Shortened URL