«حماية الأسرة»: ضرورة تعديل قانون الأحوال الشخصية

«حماية الأسرة»: ضرورة تعديل قانون الأحوال الشخصية

أجمع المشاركون في الندوة، التي نظمتها الجمعية الكويتية للوقاية من التفكك الأسري، أمس الأول، بفندق ميلينيوم الكويت تحت عنوان «نحو قانون أحوال شخصية يحمي الأسر الكويتية»، على ضرورة تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 51 لسنة 1984، بعدما مر على تطبيقه خمسة عقود، وظهرت مثالبه في الواقع العملي.

وأكد المشاركون ضرورة تعديل بقية القوانين المرتبطة به مثل القانون رقم (16) لسنة 2020 في شأن الحماية من العنف الأسري، والقانون (21) لسنة 2015 في شأن حقوق الطفل، وقانون (12) لسنة 2015 بإصدار قانون محكمة الأسرة، بعد أن ظهر بكل منها نقص تشريعي بناء على تطبيقه في الواقع.

وقال المحامي إبراهيم الكندري، إن قانون الأحوال الشخصية «غير صالح لتطبيقه على الأسرة الكويتية، ومع احترامي لمن وضع وصاغ هذا القانون فإنه لم يكن يعلم ويعرف بأعراف وعادات وتقاليد المجتمع، وأنا أدعو إلى إلغائه ووضع قانون جديد يتفق مع الأعراف الكويتية»، موضحاً أن القانون انتقى من المذاهب الأربعة كل ما يرهق «جيب الزوج – المطلِّق» لأخذ أكثر ما ذهب إليه من بين المذاهب.

وأشار الكندري إلى أن نحو 70 في المئة من قانون الأحوال الشخصية جاء من المذهب الحنفي، وليس كما يروج بأن أغلبه من المذهب المالكي، وعلى سبيل المثال لا الحصر «ما تسمى بأجرة الرضاعة لم توجد إلا في المذهب الحنفي»، والمشرع في القانون آنذاك أخذ بهذا الأمر في حين لم يرد بالمذاهب الثلاثة الأخرى.

وأضاف أن هذا القانون بوضعه الحالي لا يمكن أن يكون سبباً لاستقرار الأسرة الكويتية، «لذا أرى انه يتوجب إلغاؤه وإصدار قانون يتوافق مع أعراف وعادات أهل الكويت».

وفي مسألة الرؤية، ذكر أن قانوني محكمة الأسرة والأحوال الجعفرية أعطيا الأب حق الرؤية ولكن من دون حق «مبيت» الأبناء عنده، بسبب وجود مراكز رؤية، «وقد بحثت في هذه المسألة منذ تسعينيات القرن الماضي، اذ كان متعارفاً عليه في بعض الدول العربية ذات المساحات الشاسعة احتمال أن يكون كلا الأبوين في منطقة بعيدة عن الآخر وتفصل بينهما مئات الكيلومترات، لذا وجدت هذه المراكز في مناطق وسطى لتقليل المسافة بين الطرفين».

ولفت إلى أنه «ورد في حكم لمحكمة التمييز أن مسالة الرؤية تهدف الى ربط أواصر الطفل بأفراد العائلة والحفاظ على صلة القرابة، لكن للأسف تمت إضاعة هذا الأمر تماماً»، مبيناً أن مسألة إلغاء المبيت هي في الأصل قطع لصلة الرحم بين الطفل والأب، مشيراً إلى وجود أحكام قضائية صدرت بإسقاط حضانة الأم للطفل بعد تكرار حرمانها الأب من رؤية الطفل، لانتفاء أمانتها في تمكينه من رؤية أبنائه.

النفقة

وتطرق الكندري إلى مسألة «النفقة»، بأنها تقدر على أساس الحالة المادية للأب، وهي تختلف من شخص لآخر فلا يوجد معيار واحد يطبق، وهذا الأمر ينظر فيه إلى حالتي اليسر العسر للأب، لذا نجد الاختلاف وهي مسألة تقدر وفق القضاء.

ولفت الكندري إلى مسألة «سن الحضانة»، قائلاً: «إن قانون الأحوال الشخصية لم يعط سناً محددة لانتهاء الحضانة، ففي الإمارات على سبيل المثال تم الأخذ بالمذهب المالكي، وحدد سن انتهاء الحضانة بعمر 12 سنة، ومن ثم تذهب الحضانة إلى الأب، لكن نجد في القانون بالكويت المادة 194 منه أن حضانة الابنة تنتهي بزواجها والدخول بها، وحضانة الولد بمجرد البلوغ، ولم يوضح ما يترتب بعد سن البلوغ للولد، هل يبقى لدى الأم أم يذهب إلى الأب! ولم يذكر القانون مسألة أن يخير الولد بعد سن البلوغ، فتنتهي الحضانة والنفقة والأولاد مع الأم».

وأضاف: «لا يتصور أن تصرف الأم على الأبناء والأب لا يدفع النفقة بحكم انتهاء الحضانة والأبناء مقيمون لدى الأم، لذا نجد النص أسعف الرجل هنا بعدم دفع النفقة بانتهاء حضانة الأولاد الذكور بمجرد بلوغهم بمقولة: انتهت حضانة الأولاد»، موضحاً أن القانون بشكله الحالي لم ينظم مسألة ما بعد بلوغ الأولاد الذكور، ولا أحكام محكمة التمييز أيضاً، والولد بعد سن البلوغ لا يخير أين يقيم، وهذا الأمر يعد ثغرة قانونية.

من جانبها، ذكرت المحامية حوراء الحبيب أن «قانون الأحوال الشخصية الحالي يحمل في طياته قصوراً تشريعياً، إذ إنه لا يواكب التطورات التي نعيشها اليوم»، متطرقة إلى مسألة رؤية الأبناء بالقول: «نعاني اليوم في الواقع العملي من خلل كبير في هذه المسألة، ومع الأسف أصبح الأمر ينعكس بالسلب على الطفل، علماً أن المصلحة المرجوّة من وراء هذه الرؤية هو الطفل».

وأشارت الحبيب إلى قانون محكمة الأسرة الذي أتى في عام 2015، مبينة أن بعض الأحكام القضائية الصادرة أتت لتكملة هذا القانون، ومنها ما يخص مسألة حق «مبيت الطفل» الذي أتى القانون دون أن يشير إليها، ولفتت إلى أن أهم ما يتطلع إليه أصحاب العلاقة (المطلق والمطلقة) هما مسألتان مهمتان لهما، الرجل يتطلع إلى رؤية الأبناء، والمرأة تتطلع لمسألة «النفقة»، وكلا الأمرين يشكل أصل الخلل للطرفين، والقوانين لم تعالجهما، فضلاً عن وجود تفاوت فيهما بالأحكام القضائية، داعية إلى إيجاد ضوابط محددة يتم الأخذ بها وفقا للحالات المنظور فيها.

وشددت على أن «الرؤية حق للطفل، وهي مشاعر تجاه الأب أو الأم، ولا يجب أن يتم حرمانه منها، فلا يمكن أن يتم تحديد الأمر لمجرد ساعات، ولو نظرنا في الوقت ذاته إلى قضايا الأحداث لوجدنا انعكاسات هذا الأمر على الكثير من تلك القضايا».

حماية الطفل

وتطرقت إلى قانون حماية الطفل، مبينة أنه يعطي الأحقية لسماع أقوال الطفل في سن 7 الى 14 سنة ويؤخذ بها، في حين أن سماع أقوال الطفل أمر مهم جداً للفصل في أي قضية، مضيفة أن قانون حماية الطفل عندما صدر أكمل بعض النقص في قانون الأحوال الشخصية، وهذا الأمر لا ينفي ضرورة مراجعة قانون الأحوال الشخصية، وكذلك مراجعة مسألة الرؤية وضوابطها، «وأدعو إلى إلزام طرفي العلاقة الزوجية قبل الطلاق بأخذ دورة تبين حقوقهما وواجباتهما، لكي يتسنى لهما معرفة تبعات قرارهما، فكثير من الحالات لا تعرف ما سيترتب على الطلاق».

وعما أثير حول قانون الطفل من مسألة ضرب أحد الوالدين للابن، قالت إن القانون لا يجرم أفعال ضرب أحد الوالدين للابن بقصد التأديب، بل هو مباح، والقانون لم يجرئ الطفل على والديه، مضيفة أن «أسلوب التربية تغير اليوم عما كان عليه الحال قبل 50 عاماً، وفي المقابل لا ننفي أن هناك نقصاً في بعض مواده، لكنه كفل العديد من الحقوق للأطفال».

وأشارت إلى أن «مركز الطفل في جمعية المحامين رفع توصيات للجنة التي شكلها وزير العدل للنظر في التشريعات وتعديلها، وطلبنا تعديل بعض المواد، وتفعيل بعض المواد، عبر لائحة تنفيذية، إضافة إلى تعديل بعض مواد قانون الأحوال الشخصية، وكذلك قانون الحماية من العنف الأسري».

«حماية الطفل» و«العنف الأسري» ينافيان الدستور

أكد الكندري أن الدستور نص على أن تؤخذ قوانين الأحوال الشخصية والميراث والوصية من أحكام الشريعة الإسلامية، متسائلاً: «هل قانونا حماية الطفل وحماية الأسرة من العنف الأسري من أحكام الشريعة؟ ما هي إلا اتفاقيات دولية انضمت إليها الكويت وألزمتها بسن هذه القوانين، وكأننا لا نملك نصوصاً في القوانين الجزائية تعاقب وتجرم أي فعل يشكل عنفا ضد المرأة أو ضد الأسرة الكويتية، لماذا فرض علينا أن ننضم إلى هذه الاتفاقيات؟ ولماذا فرض علينا أن نخرج هذه القوانين؟!»، وشدد على أن هذين القانونين ينافيان الدستور.

وأوضح أن هناك بعض القضايا والأحكام سلبت من الأب الولاية على أبنائه، وأصبح الأب يذهب إلى المحاكم، وتصدر عليه غرامات مالية جراء هذه القوانين، مضيفاً: «أين نحن مما جاء في الآية الكريمة (فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما)، وفي المقابل تعطى المرأة الولاية وجوازات السفر للأبناء، وعلى أثرها تظهر لنا بين حين وآخر تصرفات شاذة».