✓ من الكاش إلى الكارد .. المغرب يدخل عصر الأداء الرقمي

✓ من الكاش إلى الكارد .. المغرب يدخل عصر الأداء الرقمي

تخطو المملكة المغربية بثبات نحو مجتمع رقمي يضع حدا للاعتماد الكبير على المعاملات النقدية، من خلال تسريع وتيرة الانتقال إلى الدفع الإلكتروني وتعزيز استخدام البطاقات البنكية والتطبيقات الرقمية.

هذا التحول لا يأتي فقط استجابة للتطورات التكنولوجية العالمية، بل أيضا كخيار استراتيجي يعكس رؤية شاملة نحو اقتصاد أكثر شفافية وشمولية وكفاءة.

في السنوات الأخيرة، لوحظ تزايد في عدد المغاربة الذين يستخدمون وسائل الدفع الرقمية، سواء عبر البطاقات البنكية أو تطبيقات الأداء عبر الهاتف.

وبحسب معطيات بنك المغرب ومركز النقديات، تجاوز عدد البطاقات البنكية المتداولة 20 مليون بطاقة، في حين ارتفعت المعاملات الإلكترونية بنسبة لافتة، خاصة بعد جائحة كوفيد-19 التي ساهمت في تسريع هذا التحول.

ورغم هذا التقدم، ما زالت المعاملات النقدية تهيمن على جزء كبير من الحياة اليومية، خصوصا في الأسواق التقليدية، والنقل، والخدمات الصغيرة.

هذا الواقع دفع السلطات والمؤسسات البنكية إلى تكثيف الجهود من أجل تعزيز الثقة في الوسائل الرقمية، وتوسيع شبكة القبول، وتحسين البنية التحتية التقنية، خاصة في المناطق القروية والنائية.

من بين المبادرات البارزة، هناك دعم مباشر من الدولة للمقاولات الصغيرة والمتوسطة لتبني الأداء الرقمي، إضافة إلى برامج تحفيزية للمهنيين والتجار لاعتماد أجهزة الدفع الإلكتروني.

كما تعمل الحكومة على إصلاح الإطار القانوني والتنظيمي، من خلال مشاريع قوانين تهم “الشمول المالي” و”العملة الرقمية للبنك المركزي”، بهدف خلق بيئة تشجع على تقليص التداول النقدي تدريجيًا.

ويراهن المغرب على أن الدفع الرقمي سيساهم في محاربة الاقتصاد غير المهيكل، وتقليص التهرب الضريبي، وتسهيل المعاملات اليومية للمواطنين، خاصة في ظل تعميم خدمات الأداء عبر الهاتف النقال التي تمكن حتى غير المتوفرين على حسابات بنكية من الانخراط في المنظومة الرقمية.

رغم التحديات المرتبطة بالعادات الاجتماعية، والثقة، ونسب الأمية الرقمية، فإن مؤشرات الاستعداد للتحول الرقمي تبدو مشجعة. فالمستهلك المغربي أصبح أكثر تقبلًا للدفع الإلكتروني، خاصة مع اتساع قاعدة الشباب المتصلين بالإنترنت وانتشار الهواتف الذكية.

التحول من “الكاش” إلى “الكارد” لم يعد مجرد خيار، بل ضرورة تفرضها متطلبات العصر ورهانات التنمية الاقتصادية. ويبقى نجاح هذا التحول رهينًا بتضافر جهود الدولة، والبنوك، والقطاع الخاص، إلى جانب توعية المواطنين وتسهيل ولوجهم إلى الوسائل الحديثة للدفع.



Shortened URL