تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تهدد بزيادة البطالة

تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تهدد بزيادة البطالة

تشهد قطاعات العمل حول العالم تحولًا جذريًا بفعل الثورة المتسارعة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي حيث لم تعد هذه التقنية مجرد أداة لتحسين الكفاءة بل أصبحت وسيلة فعالة لتقليص عدد الوظائف بشكل واسع، وسط وعود رسمية بأنها ستكمل المهارات البشرية بدلاً من استبدالها.

ورغم التطمينات المتكررة بأن المخاوف من فقدان الوظائف مبالغ فيها، فإن الواقع العملي في السنوات الأخيرة يشير إلى عكس ذلك تمامًا، وفقا لتقرير لمنصة “كريكي” الأسترالية.

ومع تنامي استخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات مختلفة بدأت الشركات الكبرى تتخذ خطوات واضحة نحو تقليص العمالة تحت مبررات زيادة الكفاءة وتقليل التكاليف.

ففي أستراليا على سبيل المثال شهدت البلاد موجة من عمليات التسريح الجماعي للموظفين ربطت بشكل مباشر أو غير مباشر باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي رغم محاولات بعض المؤسسات نفي العلاقة.

من أبرز الأمثلة على ذلك إعلان إحدى أكبر شركات الاتصالات في البلاد “جوبس تلسترا” عن خطة استراتيجية جديدة مدتها خمس سنوات تركز على تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي، تزامن معها إعلان عن تسريح مئات الموظفين، كما قامت الشركة نفسها في العام السابق بفصل آلاف الموظفين تحت ذريعة تحسين الإنتاجية رغم تأكيدها أن القرار لا علاقة له بالتكنولوجيا الجديدة.

وفي القطاع الحكومي الأسترالي، أعلنت إحدى حكومات الولايات عن خطة تقشف ضخمة تهدف إلى خفض النفقات من خلال تحسين الكفاءة باستخدام الذكاء الاصطناعي، مما أسفر عن فقدان عدد كبير من الوظائف.

وفي الوقت نفسه، أقدمت شركات عالمية كبرى على تقليص أعداد موظفيها في الوقت الذي تضاعف فيه استثماراتها في الذكاء الاصطناعي، فشركة مايكروسوفت العالمية للتكنولوجيا سرحت آلاف الموظفين على مستوى العالم من بينهم مئات في أستراليا، بينما أقدم أحد البنوك الكبرى “كومنولث بنك” على خطوات مماثلة رغم تأكيده التوسع في استخدام التكنولوجيا الحديثة.

أما في قطاع البرمجيات والتصميم، فقد قامت إحدى المنصات المعروفة بفصل معظم كتّابها التقنيين بعد أقل من عام على مطالبتهم بتعلّم أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي وتبنيها في عملهم اليومي.

وعلى الصعيد العالمي، حذر داريو أمودي أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في قطاع الذكاء الاصطناعي، من أن نصف وظائف المبتدئين في المكاتب معرضة للاختفاء خلال السنوات الخمس المقبلة، مشيرًا إلى احتمال ارتفاع معدلات البطالة إلى ما بين عشرة وعشرين في المئة ورغم وجود بعض التوقعات الإيجابية حول عدد الوظائف الجديدة التي قد تخلقها هذه التكنولوجيا، إلا أن الأرقام تشير إلى أن عدد الوظائف التي ستُلغى سيتجاوز تلك التي سيتم خلقها، ما ينذر بخلل كبير في سوق العمل العالمي.

وفي ظل هذا المشهد المعقد، يبدو أن البشرية تقف على أعتاب تحول تاريخي في طبيعة العمل، حيث لا يمكن بعد اليوم تجاهل التأثير العميق للذكاء الاصطناعي على مستقبل الوظائف، خصوصًا مع غياب سياسات واضحة تضمن التوازن بين التقدم التكنولوجي وحماية الأمن الوظيفي لملايين العاملين حول العالم.