
مع تصاعد المنافسة في سوق التجارة الإلكترونية، تبرز منصة “كنز” كلاعب محلي طموح يسعى لإعادة تعريف تجربة التسوق الرقمي للمستهلك المصري، لا سيما في المحافظات والمناطق المهمشة رقميًا.
تأسست شركة “كنز” عام 2022 على يد فريق يسعى لتقديم حلول واقعية، موثوقة، وشاملة تعكس احتياجات السوق المحلي، سواء للمستهلكين أو البائعين.
وفي حوار مع “البورصة”، كشف أحمد عاطف، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة، عن ملامح الاستراتيجية التوسعية ، ونموذجها الاقتصادي القائم على تمكين البائعين المحليين وتحقيق نمو مستدام، إلى جانب التحديات التي واجهتها المنصة منذ انطلاقها، وخططها المستقبلية للنمو داخل مصر.
قال أحمد عاطف، إنه تم تأسيس الشركة منذ 3 اعوام انطلاقًا من رؤية طموحة عبر تصميم منصة محلية تلبي احتياجات المستهلك المصري الحقيقي، لا سيما في المحافظات.
وجاءت الفكرة من رصد فجوة في السوق، حيث لا يزال ملايين المصريين يفتقرون إلى تجربة تسوق إلكتروني ملائمة لواقعهم اليومي، سواء من حيث أسلوب العرض، أو اللغة، أو طرق الدفع، أو آليات التوصيل.
وتابع:” منذ اليوم الأول، حرصنا على أن تكون كنز، أكثر من مجرد منصة بيع وشراء، بل منظومة متكاملة تخاطب الأسرة المصرية، وتوفر لها باقة واسعة من المنتجات بأسعار مناسبة تعكس أولوياتها”.
أشار عاطف، إلى أن استراتيجية “كنز” تعتمد على رؤية طويلة المدى تهدف إلى ترسيخ مكانة المنصة كأوسع منصات التجارة الإلكترونية انتشارًا وتأثيرًا، مع تركيز محوري على المحافظات والمناطق التي لا تزال تعاني من فجوات رقمية ولوجيستية.
كما ترتكز رؤيتهم على ثلاثة محاور رئيسية ومتكاملة، أولًا: تطوير تجربة المستخدم وتوسيع قاعدة العملاء من خلال الدمج بين البساطة والابتكار.
وفيها يتم تصميم تجربة تسوّق إلكتروني محلية، بلغة مألوفة، وبمنتجات تعكس الاحتياجات اليومية للمستهلك المصري، وبأسعار عادلة تراعي قدراته الشرائية.
كما تعزز خيارات الدفع والتوصيل لتكون أكثر مرونة وواقعية، عبر إتاحة الدفع عند الاستلام، والتقسيط بالشراكة مع مؤسسات تمويلية وبنوك محلية، بما يسهل على شرائح واسعة دخول عالم التسوق الرقمي بثقة وسهولة.
والمحور الثاني، توسيع شبكة البائعين المحليين وتعزيز قدراتهم الرقمية نعمل على استقطاب آلاف البائعين من مختلف أنحاء الجمهورية، وتزويدهم بحلول رقمية مبسطة تمكنهم من إدارة أعمالهم دون تعقيد تقني.
فعبر لوحة تحكم سهلة الاستخدام (بوصلة)، يمكنهم تتبع الطلبات، وإدارة المخزون، وتحليل سلوك العملاء. هذه الأدوات تعزز كفاءتهم التشغيلية وتفتح أمامهم افاقًا جديدة للنمو.
كما يسهم هذا التوسع في تنويع المعروض على المنصة، بما يلبي احتياجات وتفضيلات فئات مختلفة من المجتمع، من الباحثين عن الجودة العالية، إلى من يركزون على القيمة مقابل السعر.
والمحور الثالث، هو الاستثمار في البنية التحتية التقنية واللوجستية حيث تطور الشركة بنية تقنية قابلة للتوسع، تدعم نمو الأعمال وتحسن تجربة المستخدم، مع تركيز خاص على تعزيز خدمات التوصيل خارج القاهرة الكبرى، عبر شراكات استراتيجية مع مزودي خدمات محليين. كما ندمج التحليلات والذكاء الاصطناعي في عملياتنا لفهم سلوك العملاء بشكل أعمق، وتحسين قرارات التوريد والعرض.
قال عاطف، إن “كنز” تطمح إلى بناء منظومة تجارة إلكترونية مصرية 100% ، تحاكي الواقع، وتدعم الاقتصاد المحلي، وتوفر تجربة رقمية عادلة، مريحة، وممتعة لكل بيت مصري.
وعن حجم استثمارات الشركة والنمو المستهدف في حجم الأعمال أوضح أنه منذ انطلاق “كنز” عام 2022، تمكّنوا من جذب استثمارات مبدئية من مجموعة من المستثمرين المحليين والإقليميين الذين يشتركون معهم في الرؤية ذاتها وهي بناء منصة تجارة إلكترونية مصرية تخاطب الواقع الفعلي للمستهلك وتقدم له تجربة رقمية موثوقة وشاملة.
وأوضح أن حجم الاستثمار في الشركة يشهد نمواً متواصلًا مع كل مرحلة توسع، ويوجه بشكل استراتيجي إلى ثلاثة مسارات رئيسة، أولها تطوير البنية التحتية التقنية للمنصة، وثانيا توسيع شبكة البائعين المحليين وتعزيز قدراتهم، وأخيرا تحسين تجربة المستخدم من حيث التصفح، الطلب، الدفع، والتوصيل.
أضاف عاطف أن “كنز” حققت العام الحالي نموًا ملحوظًا في حجم المبيعات، بلغ 4 أضعاف ما تحقق العام الماضي، وتتطلع إلى الوصول بحجم المبيعات إلى 100 مليون جنيه بنهاية العام الحالي.
كما تستهدف الشركة، في العام المقبل مضاعفة هذا الرقم أربع مرات إضافية ليصل إلى 400 مليون جنيه.
أما على صعيد النمو، فتستهدف “كنز” مضاعفة حجم أعمالها خلال الـ 12 ـ 18 شهرًا المقبلة، من خلال خطة تستند إلى عدة ركائز ، أولها النمو المستمر في قاعدة العملاء عبر حملات تسويقية ذكية وتجربة تسوق مخصصة تراعي أولويات المستهلك المصري من حيث اللغة، السعر، وسهولة الاستخدام.
وثانيا ، زيادة عدد البائعين النشطين على المنصة مع التركيز على التنوع الجغرافي والقطاعي.
وأخيرا توسيع نطاق المنتجات والفئات المعروضة لتلبية احتياجات أوسع شريحة من المستخدمين، ورفع متوسط قيمة الطلب من خلال تقنيات التوصية، وحزم المنتجات، والعروض الذكية.
وعن نية المنصة اضافة خدمات جديدة، أشار عاطف إلى أنه في “كنز”، يؤمنون أن بناء خدمات ناجحة يبدأ بالإنصات.
وتابع:” نحن نضع احتياجات العملاء والبائعين في قلب عملية التطوير، ونخصص مواردنا فقط لما نعلم يقينًا أنه سيضيف قيمة حقيقية لهم، سواء على مستوى التجربة، أو الكفاءة، أو النمو”.
وتعتمد الشركة على فهم عميق لطبيعة السوق المصري وسلوك المستهلك المحلي، الذي يثمن البساطة، والموثوقية، والتجربة التي تتحدث بلغته وتراعي أولوياته.
نسبة انتشار الـ”e-commerce” لا تتعدى 4%
وفيما يتعلق بالفرص التي يرونها في السوق المصري، أشار إلى أن السوق المصري من أكبر أسواق المنطقة.
فرغم وجود أكثر من 60 مليون مستخدم للإنترنت، إلا أن نسبة انتشار التجارة الإلكترونية لا تتجاوز 4% من إجمالي سوق التجزئة، مقارنة بأكثر من 20% في أسواق مجاورة مثل السعودية والإمارات ..و هذا التفاوت يكشف عن فجوة حقيقية وفرصة استراتيجية طويلة الأجل.
توقعات بتجاوز المتسوقين الرقميين 30 مليون مستخدم بحلول 2026
ووفقا للتقديرات، من المتوقع أن يتجاوز عدد المتسوقين الرقميين في مصر 30 مليون مستخدم بحلول عام 2026، وهو ما يعكس حجم الفرصة المتاحة إذا قدمت حلولا محلية حقيقية تتماشى مع احتياجات وتفضيلات المستخدم المصري.
وما يعزز هذه الفرصة أن عناصر البنية التحتية الرقمية واللوجستية أصبحت متوفرة بدرجة كبيرة، من تغطية الإنترنت الواسعة، إلى انتشار المحافظ الإلكترونية، وتحسن خدمات التوصيل، مما يجعل البيئة جاهزة لتبني حلول تجارة إلكترونية واسعة النطاق.
عدد المسجلين على المنصة تجاوز 2.5 مليون مستخدم
وحول عدد العملاء ، كشف عاطف أن عدد المستخدمين المسجلين على منصة “كنز” تجاوز 2.5 مليون مستخدم، فيما تجاوز عدد مرات تحميل التطبيق 4 ملايين تحميل عبر مختلف أنظمة التشغيل، وكل ذلك خلال أقل من ثلاث سنوات منذ انطلاقنا.
أما عدد المحافظات التى يغطونها ، فأوضح أن “كنز” تخدم حاليًا جميع محافظات الجمهورية، مع التزام واضح بأن نكون منصة تجارة إلكترونية حقيقية لكل المصريين، وليس فقط لسكان المدن الكبرى.
أكثر من 60% من أعمال المنصة خارج القاهرة الكبرى والإسكندرية
ومن المؤشرات المهمة أن أكثر من 60% من حجم أعمال الشركة يأتي من خارج نطاق القاهرة الكبرى والإسكندرية، وهو ما يؤكد نجاحهم في الوصول إلى شريحة طالما كانت على هامش الاقتصاد الرقمي.
وقد تحقق هذا الإنجاز بفضل مزيج من حملات تسويقية رقمية موجهة بعناية نحو المحافظات، وأنشطة ميدانية فعالة، وشراكات محلية على الأرض، واستثمارات مستمرة في تطوير شبكة التوصيل والخدمات اللوجستية
أما على صعيد التوسع، فتركيز فريق العمل في المرحلة المقبلة ، على توسع نوعي داخل المحافظات نفسها، أي الوصول إلى شرائح سكانية كانت بعيدة عن الاستفادة من التجارة الإلكترونية، سواء لأسباب جغرافية أو ثقافية أو اقتصادية.
وتابع:” هدفنا ليس فقط التغطية الجغرافية الكاملة، بل خدمة المصريين أينما كانوا، بطرق تتناسب فعليًا مع واقعهم، وتقدم لهم تجربة تسوق سهلة، موثوقة، ومحلية الطابع”.
“كنز” لا تستبعد التوسع الإقليمي
وحول ما إذا كانت هناك نية للتوسع خارجيًا ، أشار عاطف إلى أنه في الوقت الراهن، يركزون في “كنز” بشكل كامل على السوق المصري، باعتباره أحد أكبر وأكثر أسواق المنطقة.
وتابع:” نحن نؤمن أن مصر لا تزال مليئة بالفرص غير المستغلة، وأن النجاح الحقيقي يبدأ من بناء تجربة محلية متكاملة تستجيب بعمق لاحتياجات المستخدم المصري”.
ورفض عاطف استبعاد التوسع الإقليمي في المستقبل، مؤكدا:” ندرس بالفعل عددًا من الأسواق ذات الخصائص المتشابهة مع مصر، من حيث السلوك الاستهلاكي، البنية الاجتماعية، ومستوى النضج الرقمي”.
لكن رؤية الشركة للتوسع تقوم على الواقعية والجدوى طويلة الأجل، وليس على التسارع أو الحضور الرمزي.
وتابع: “نفضل في هذه المرحلة توجيه كل مواردنا وجهودنا نحو ترسيخ نموذج عمل قوي ومستدام في مصر، باعتباره السوق المرجعي الذي نؤسس عليه تجربتنا ومنظومتنا التقنية واللوجستية، قبل التفكير في التوسّع إلى أسواق جديدة.”
وعن التحديات التي واجهتهم؟ وكيف تغلبوا عليها، أشار عاطف إلى أن السوق المصري يتميز بمجموعة من التحديات الهيكلية التي تفرض على الشركات الناشئة، خصوصًا في قطاع التجارة الإلكترونية، التعامل معها بحلول مصممة بعناية تراعي الواقع المحلي.
من أبرز التحديات التي واجهتهم منذ اليوم الأول كانت فجوة الثقة في منصات التسوق الإلكتروني، وهذه الفجوة نتجت عن تجارب سلبية سابقة مر بها المستخدمون، سواء بسبب ضعف جودة المنتجات، أو تأخر التسليم، أو غياب الشفافية في آليات الإرجاع.
وقد أدركوا منذ البداية أن بناء الثقة هو حجر الأساس لأي علاقة طويلة الأمد مع العميل. ولمواجهة هذا التحدي الجوهري، اتخذوا عددًا من الخطوات الملموسة، منها سياسة إرجاع مرنة وواضحة.
كما أطلقوا منصة محتوى مرئي تظهر المنتجات قيد الاستخدام الفعلي، ما يساعد العملاء على اتخاذ قرارات شراء أكثر وعيًا وثقة.
وكذلك عرض تقييمات وآراء المستخدمين بشفافية، وإبراز مراجعات العملاء السابقين كمرجع حقيقي وموثوق للمتسوقين الجدد.
وكان التحدي الآخر المرتبط بثقة السوق هو تعاملهم مع الواقع النقدي للمستهلك المصري، إذ لا يزال الدفع عند الاستلام هو الخيار الأول.
لذلك حافظوا عليه كخيار أساسي، مع تطوير حلول دفع مرنة مثل الشراء بالتقسيط، بالتعاون مع شركاء تمويليين محليين، ما وسع قاعدة المستخدمين ولبّى احتياجات شرائح أوسع.
أما على صعيد البائعين، كشف عاطف أنهم واجهوا تحديًا لا يقل أهمية وهو قلة الخبرة الرقمية لدى التجار المحليين، حيث لم يكن لغالبية البائعين وجود رقمي حقيقي عند انضمامهم للمنصة.
وللتغلب على ذلك، طوروا أداة “بوصلة” وهي لوحة تحكم رقمية سهلة الاستخدام، تتيح للتاجر إدارة الطلبات، تتبع المخزون، وتحليل الأداء، دون الحاجة إلى معرفة تقنية مسبقة.
وقد مكنت هذه الخطوات آلاف البائعين من دخول عالم التجارة الرقمية، وتحقيق نمو حقيقي ومستدام في مبيعاتهم.
وتابع:” في كنز ، لا ننظر إلى التحديات كعوائق، بل كفرص لفهم السوق بشكل أعمق، وتصميم حلول واقعية وفعالة”.
وعن رؤيته لمدى نمو نشاط الشركات الناشئة في مصر وهل تأثرت بالتغيرات الاقتصادية العالمية، أوضح عاطف أن مشهد الشركات الناشئة في مصر يشهد تحولًا جوهريًا في طبيعته وديناميكيته، نتيجة تداخل عوامل عدة، من تقلبات الاقتصاد العالمي، وارتفاع معدلات التضخم، وتراجع قيمة العملة المحلية، إلى تغيّر أولويات المستثمرين وأساليب التمويل في الأسواق الناشئة. فالسنوات الأخيرة شكلت اختبارًا حقيقيًا لمرونة واستدامة نماذج الأعمال الناشئة في مصر.
وقد تراجع حجم الاستثمارات الجريئة عمومًا، وبدأت البيئة الاستثمارية تُعيد توجيه تركيزها نحو الشركات التي تملك جدوى تشغيلية واضحة وقدرة على تحقيق تدفقات نقدية إيجابية، لا تلك التي تعتمد على النمو السريع بأي ثمن.
وأكد أن المرحلة الحالية أصبحت أقل تساهلًا مع نماذج النمو السطحي، وأكثر تشجيعًا لبناء شركات واقعية، قابلة للتكيّف، وقادرة على تقديم قيمة حقيقية ومستدامة في السوق المحلي.
وهذا التحول، رغم صعوبته، أسهم في نشوء جيل جديد من الشركات الناشئة يتمتع بقدر أعلى من النضج والانضباط المالي، ويركز على بناء منتجات تحل مشاكل حقيقية، وتلبّي احتياجات فعلية في السوق، بدلًا من التركيز فقط على استقطاب الاستثمارات.
ورغم التحديات، لا تزال هناك فرص واعدة للغاية في السوق المصري، خصوصًا في القطاعات المرتبطة بالتحول الرقمي، والخدمات اللوجستية، والتكنولوجيا المالية، والتعليم الرقمي.
هذه القطاعات تملك إمكانات نمو كبيرة إذا ما اقترنت بدعم تشريعي وتنظيمي يعزّز من استقرار البيئة التشغيلية.
ولفت إلى إيمانهم في “كنز” بأن النمو الحقيقي للشركات الناشئة لن يأتي من الخارج فقط، بل من الداخل، ومن قدرة الشركة على فهم واقع السوق، وتصميم حلول ذكية، وفعالة، ومستدامة تخدم الناس فعلًا.