محمد عبدالله رويس: صكوك الغفران ومناصرة غزة

محمد عبدالله رويس: صكوك الغفران ومناصرة غزة

محمد عبدالله رويس: صكوك الغفران ومناصرة غزة

محمد عبدالله رويس

في العصور الوسطى، عاشت أوروبا فترة مظلمة انتشرت فيها ممارسة الكنيسة لتوزيع “صكوك الغفران”. فما هي صكوك الغفران؟
صكوك الغفران هي وثائق كانت تُباع مقابل المال لإعفاء المسيحيين من عقوبة الخطايا. وقد أثارت هذه الممارسة جدلاً واسعاً أدى إلى ظهور حركات الإصلاح الديني، ومنها نشأت طائفة البروتستانت.
اليوم تعود “صكوك الغفران” للظهور مجدداً، لكنها قد لا تأخذ المال مقابل الغفران، بل تطلب القيام ببعض الأعمال مقابل الحصول على صك الغفران والبراءة من الذنوب والمعاصي. وهكذا أصبحت مناصرة غزة بمثابة صك غفران يمحو الذنوب والمعاصي والدماء.
فمن ارتكب معصية أو جريمة أو تلطخت يداه بدماء، ما عليه إلا مناصرة غزة، وسيكون بمثابة من غُفرت له خطاياه. حتى وصل الأمر ببعضهم إلى منح صك غفران لكل من تسبب في حروب وصراعات وتهجير وقتل للشعوب العربية، بمجرد إعلانه مناصرة غزة وإطلاق بعض الصواريخ، أو إعلان حرب من أجل صك غفران يمحو وزر الذنوب وآثار الحروب الماضية.
كما أن بعض من حصلوا على صك الغفران بالغوا في استخدامه وتوظيفه لتصفية الحسابات وتكريس الانقسامات، أو لإحراج موقف خصومهم. “لمثلي توجهون اللوم وتتجاهلون جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة!”، وكأنه لا شاغل لهم إلا جرائم الاحتلال!
فمتى يعلم هؤلاء أن مناصرة غزة ليست صك غفران يعفي من المسؤولية؟ فمن أطلق صواريخ لنصرة غزة ظن أنه قد مُنح صك غفران لذنوب الماضي ومسؤوليات الحاضر.
ومن هنا تظهر لنا مدى الآثار المترتبة على المتاجرة بالقضايا الكبرى للأمة، وكيف يُراد بها أن تشغل المواطنين عن المطالبة بحقوقهم وتحسين أوضاعهم المعيشية. فمن لا خير فيه لإخوانه وشعبه، لا فائدة للمسلمين من أي عمل يقوم به.
كاتب يمني

ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: