التوزيعات وسيلة الشركات لدعم الثقة فى الأسهم وزيادة جاذبيتها – newnews4

التوزيعات وسيلة الشركات لدعم الثقة فى الأسهم وزيادة جاذبيتها – newnews4

تحولت توزيعات الأرباح من كونها عنصرا مكملا في عملية التقييم المالي للأسهم، إلى عامل حاسم في قرارات المستثمرين، خاصة بعد تراجع شهية المستثمرين طويلي الأجل بالسوق ، وتزايد الميل نحو العائد النقدي الفوري كملاذ أكثر أمانًا.

وتلجأ العديد من الشركات المقيدة في البورصة إلى استخدام توزيعات الأرباح كأداة لدعم أسهمها وتعزيز جاذبيتها، في محاولة لاستعادة الثقة في أدائها، وللتميّز في سوق يتزايد فيه التنافس على السيولة، وتتقلص فيه فرص النمو المستقر.

وذكر محللون أن التوزيع المنتظم يمثل “شهادة ثقة” تمنح المستثمرين إشارة إلى قوة الأداء، وتفتح الباب لرفع تقييمات الأسهم.

وأظهر مسح أجرته «البورصة» حول توزيعات الأرباح لعامي 2023 و2024 تباينًا ملحوظًا في سياسات الشركات، حيث جاءت بعض التوزيعات متسقة مع الأرباح، فيما أظهرت شركات أخرى فجوة كبيرة بين الأداء المالي والتوزيع.

على سبيل المثال، قامت أبوقير للأسمدة بتوزيع 9.464 جنيه للسهم في 2024، مقابل 8.833 جنيه في 2023، مع مضاعف ربحية بلغ 4.59 مرة فقط، ما جعل السهم أكثر جاذبية في بيئة فائدة مرتفعة.

كما قام البنك التجاري الدولي بتوزيع 5.403 جنيه للسهم في 2024، مقارنة بـ3.755 جنيه في 2023، مدعومًا بربحية قوية ومضاعف ربحية منخفض عند 4.47 مرة، ما يضيف إلى جاذبيته في السوق.

في المقابل، جاءت توزيعات شركات مثل مدينة نصر للإسكان وطلعت مصطفى أقل بكثير من أرباحها، إذ وزعت مدينة نصر 0.705 جنيه للسهم، وطلعت مصطفى 0.454 جنيه، ما أثار تساؤلات حول أولويات هذه الشركات في إدارة أرباحها، وأثر ذلك على توجهات المستثمرين.

المصري: التوزيعات تزيد ثقة المستثمر بشرط استقرار العوامل الخارجية

وأكد ياسر المصري، العضو المنتدب لشركة «العربي الأفريقي لتداول الأوراق المالية»، أن توزيعات الأرباح تلعب دورًا مهمًا في دعم القيمة السوقية للسهم، لكن هذا الأثر يظل مرهونًا باستقرار العوامل الأخرى مثل المناخ الاقتصادي والتشريعي، وكذلك سعر الصرف.

وأضاف: “عندما ترتفع توزيعات العام الحالي مقارنة بالعام الماضي، فإنها ترسل إشارة إيجابية قوية للمستثمر، بشرط ألا تكون هناك عوامل خارجية تنسف هذا الأثر”.

وأشار إلى أن المستثمرين ينقسمون إلى شريحتين رئيسيتين؛ الأولى تفضل أسهم النمو التي تراهن على ارتفاع القيمة السوقية مع الوقت، حتى لو لم يحصل المستثمر على أرباح نقدية منتظمة، أما الشريحة الثانية، فتنجذب للأسهم ذات العائد، والتي توفر توزيعات نقدية دورية تشبه إلى حد كبير العائد البنكي، وهذه الشريحة تتزايد أهميتها في ظل الفائدة المرتفعة وتراجع شهية المخاطرة.

ووصف المصري هذه النوعية من الأسهم بأنها “أسهم دفاعية”، وتتركز غالبًا في قطاعات مثل الأدوية، مشيرًا إلى أنها تلبّي احتياجات المستثمر المحافظ الباحث عن الاستقرار والعائد المنتظم أكثر من الرغبة في النمو السريع.

عشماوي: الشركات القوية تمتص الأثر السلبي وتُعيد بناء السعر سريعًا

يرى معتز عشماوي، العضو المنتدب لشركة “عربية أون لاين”، أن التفاعل السعري للسهم مع التوزيع النقدي يختلف من حالة لأخرى، ويعتمد بالأساس على قوة السهم الأساسية.

وأوضح أن “الأسهم الكبيرة والقوية غالبًا ما تمتص أثر خصم الكوبون خلال نفس الجلسة أو في اليوم التالي، بينما تعاني الأسهم الأضعف من انخفاض قد يفوق قيمة التوزيع نفسه”.

ويُعرف هذا الانخفاض المؤقت باسم “خصم الكوبون”، وهو انخفاض فني يعكس القيمة التي خرجت من الشركة إلى المساهم.

وضرب عشماوي مثالًا بسهم يتداول عند 100 جنيه ويوزع كوبونًا بـ10 جنيهات، مشيرًا إلى أن سعره يهبط عادة إلى 90 جنيهًا، لكن هذه القاعدة لا تُطبق دائمًا.

وأشار إلى أن هناك نماذج تميزت بمرونة في هذا الصدد، مثل سهم «السويدي إليكتريك» الذي وزع مؤخرًا 1.5 جنيه للسهم، ومع ذلك ارتفع سعره في جلسة ما بعد التوزيع إلى 81.5 جنيه بعد أن كان يتداول عند 79 جنيهًا فقط. الأمر ذاته ينطبق على أسهم مثل «أوراسكوم كونستراكشون» و«CIB» التي كثيرًا ما تستوعب الأثر السعري بسرعة.

وقال عشماوي إن تفاعل المستثمرين مع التوزيع يختلف حسب توجهاتهم الزمنية، فالمضاربون عادة ما يدخلون السهم قبيل الجمعية العمومية استباقًا للإعلان عن الكوبون، ثم يخرجون بمجرد تحرك السعر بهدف تحقيق ربح رأسمالي سريع، أما المستثمرون طويلو الأجل، فيعتبرون التوزيع جزءًا أصيلًا من العائد الكلي، ويتابعون سياسة التوزيع بدقة.

وأوضح أن المستثمر متوسط الأجل يقع في منطقة وسطى؛ لا يهمل التوزيع، لكنه لا يعتبره العامل الوحيد في قراره، حيث يوازن بين الكوبون وفرص الربح الرأسمالي السريع.

وهذا التباين في أنماط السلوك يعكس تعقيد القرار الاستثماري في السوق المصري حاليًا، حيث تختلط الحسابات المالية بالمخاوف النفسية والسلوكية.

رشاد: انتظام التوزيع يعطى السهم زخمًا مستقرًا ويعزز جاذبيته

بحسب إيهاب رشاد، نائب الرئيس التنفيذي لشركة «مباشر هولدنج»، فإن انتظام الشركات في التوزيع يمنحها ميزة تنافسية واضحة، ويُحسِّن من صورتها الذهنية لدى المستثمرين، خاصة إذا كانت سياستها واضحة ومتسقة.

وأضاف أن خصم الكوبون من سعر السهم في جلسة الاستحقاق أمر طبيعي، لكنه لا يمثل تراجعًا حقيقيًا في القيمة، بل مجرد تصحيح محاسبي مؤقت. ويؤكد أن السوق قادر على استيعاب هذا التراجع في حال كان السهم يتمتع بأداء قوي وأخبار إيجابية.

وأشار إلى أن المستثمرين الذين يستهدفون التوزيع النقدي يدخلون السهم وهم يعلمون بحدوث هذا الخصم، ويتعاملون معه كعنصر في حساباتهم. بينما المستثمرون متوسطو وطويلو الأجل يربطون التوزيع بالعائد الكلي المتوقع، ويمنحون السهم تقييمًا أعلى كلما كانت سياسة التوزيع أكثر وضوحًا وانتظامًا.

جنينة: الإعلان عن سياسة واضحة للتوزيع يمنح الشركة أفضلية

وشدد هاني جنينة، رئيس قسم البحوث بشركة «الأهلي فاروس»، على أن الإعلان عن سياسة توزيع واضحة يعزز من جاذبية السهم في السوق، حتى لو لم تكن التوزيعات نفسها مرتفعة.

وأوضح أن المستثمرين الآن أكثر ميلًا إلى العائد الفوري، في ظل تصاعد المخاطر وانكماش الثقة في قصص النمو، وبالتالي فإن الشركات التي تحتفظ بالأرباح دون توزيع أو استثمار فعال تفقد بريقها سريعًا.

ولفت إلى نماذج مثل سهم «مستشفيات كليوباترا» الذي يتمتع بأداء تشغيلي قوي وتقييمات عادلة، لكنه يتداول عند مستويات أقل بكثير بسبب غياب سياسة توزيع واضحة، مما يُضعف اهتمام المستثمرين به، رغم جدارته.

وتابع جنينة أن الشركات القادرة على التوزيع المنتظم دون التأثير على استثماراتها التشغيلية تعطي إشارات قوية على كفاءتها، موضحا أن العائد على السهم لا يأتي فقط من الأرباح المحاسبية، بل من قدرة الشركة على استثمار رأسمالها في مشروعات تحقق عوائد أعلى من الفرصة البديلة”.

وضرب مثالًا بشركات تستثمر في مشروعات تدر بين 40 و50%، ما يعكس قدرة على التوسع والنمو بالتوازي مع التوزيع، وهو ما ينعكس إيجابيًا على السهم.

وأوضح أن هناك أدوات أخرى تستخدمها الشركات لتعزيز جاذبية الأسهم، مثل تجزئة الأسهم، منح أسهم مجانية، أو إعادة الهيكلة وفصل الأنشطة كما تفعل «إي في جي هيرميس»، وهذه الإجراءات تُعد مكملة للتوزيع، وقد تخلق زخمًا إضافيًا حول السهم، حتى لو لم تُترجم فورًا إلى أرباح تشغيلية.