أشجار التين تُحوّل ثاني أكسيد الكربون إلى حجارة

أشجار التين تُحوّل ثاني أكسيد الكربون إلى حجارة

أظهرت دراسة جديدة أنّ بعض أنواع أشجار التين تُخزّن مادة كربونات الكالسيوم في جذوعها وتُحوّلها إلى حجارة.

واكتشف الفريق البحثي للدراسة أنّ هذه الأشجار قادرة على امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوّي وتخزينه على شكل «صخور» في التربة المحيطة بها. وتُعدّ هذه الأشجار، التي يعود موطنها الأصلي إلى كينيا، من أوائل أشجار الفاكهة التي ثُبِت امتلاكها لهذه القدرة، المعروفة باسم مسار كربونات الأكسالات.

ووفق الدراسة التي أجراها فريق من العلماء الكينيين والأميركيين والنمساويين والسويسريين، تستخدم جميع الأشجار عملية التمثيل الضوئي لتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى كربون عضوي يُسهم في تشكيل جذوعها وأغصانها وجذورها وأوراقها؛ ولهذا السبب تُعدّ زراعة الأشجار وسيلةً للتخفيف من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

كما تستخدم بعض الأشجار ثاني أكسيد الكربون لتكوين بلورات أكسالات الكالسيوم. وعندما تتحلَّل أجزاء من الشجرة، تُحوّل بكتيريا أو فطريات متخصّصة هذه البلورات إلى كربونات الكالسيوم، وهو المعدن نفسه المكوّن للحجر الجيري أو الطباشير.

في هذا السياق، قال المحاضر الأول في جامعة زيوريخ، الدكتور مايك رولي: «عرفنا مسار كربونات الأكسالات منذ مدّة، ولكن لم تُدرَس إمكاناته في احتجاز الكربون بشكل كامل. اعتدنا زراعة الأشجار لأغراض الزراعة الحراجية لقدرتها على تخزين ثاني أكسيد الكربون على أنه كربون عضوي، مع إنتاج الغذاء في الوقت عينه».

وأضاف في بيان نُشر السبت: «يمكننا الآن اختيار الأشجار التي تُوفّر فائدة إضافية من خلال احتجاز الكربون غير العضوي أيضاً، على شكل كربونات الكالسيوم».

ستُعرض نتائج الدراسة هذا الأسبوع في مؤتمر «غولدشميت» في براغ، جمهورية التشيك، المقرّر انعقاده من 6 إلى 11 يوليو (تموز) الحالي. وهذا المؤتمر يُعدُّ أحد أبرز مؤتمرات الكيمياء الجيولوجية في العالم، وهو مشترك بين الجمعية الأوروبية للكيمياء الجيولوجية والجمعية الجيوكيميائية في الولايات المتحدة.

3 أنواع

كان فريق من جامعة زيوريخ السويسرية، وجامعة نيروبي التقنية في كينيا، وغابة سادانا، ومختبر لورانس بيركلي الوطني، وجامعة كاليفورنيا في ديفيس، وجامعة نوشاتيل السويسرية، قد درس 3 أنواع من أشجار التين المزروعة في مقاطعة سامبورو بكينيا. وحدَّد المسافة التي تتشكل فيها كربونات الكالسيوم من الشجرة، كما حدَّد المجتمعات الميكروبية المشاركة في هذه العملية.

وباستخدام تحليل الإشعاع السنكروتروني في جامعة ستانفورد، وجد الباحثون أنّ كربونات الكالسيوم تتشكّل على السطح الخارجي لجذوع الأشجار وفي أعماق الخشب.

وأوضح الدكتور رولي: «مع تشكّل كربونات الكالسيوم، تصبح التربة المحيطة بالشجرة أكثر قلوية. وتتشكل كربونات الكالسيوم على سطح الشجرة وداخل هياكلها الخشبية، على الأرجح نتيجةً لتحلُّل الكائنات الدقيقة للبلورات على السطح».

ويخطّط الباحثون الآن لتقييم مدى ملاءمة الشجرة للزراعة الحراجية من خلال تحديد حاجاتها المائية وإنتاجية ثمارها، وإجراء تحليل أكثر تفصيلاً لكمية ثاني أكسيد الكربون التي يمكن عزلها في ظلّ ظروف مختلفة.

أُجريت معظم البحوث حول مسار الأكسالات الكربونات في الموائل الاستوائية. وتُعدّ أكسالات الكالسيوم من أكثر المعادن الحيوية وفرة، وتُنتج العديد من النباتات بلوراتها. كما تنتشر الكائنات الدقيقة التي تُحوّل أكسالات الكالسيوم إلى كربونات الكالسيوم على نطاق واسع.

وكما أوضح الدكتور رولي: «يسهل تحديد كربونات الكالسيوم في البيئات الأكثر جفافاً»، مضيفاً أنّه «مع ذلك، حتى في البيئات الأكثر رطوبة، لا يزال من الممكن عزل الكربون».

وتابع: «حتى الآن، حُدِّدت أنواع عدّة من الأشجار التي يمكنها تكوين كربونات الكالسيوم. لكننا نعتقد أنّ ثمة أنواعاً أخرى كثيرة. وهذا يعني أنّ مسار الأكسالات الكربونات قد يُمثّل فرصةً مهمّة لم تُستكشَف بعد، للمساعدة في تخفيف انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عند زراعة الأشجار لأغراض إنتاج الغابات أو الفاكهة».