بعد ما يقارب ست سنوات من إطلاق الجزء الأول، أصبحت لعبة Death Stranding 2: On the Beach من تطوير Kojima Productions متاحة أخيرًا لجميع اللاعبين على PS5، وقد نالت إشادة نقدية واسعة، لتصبح واحدة من أعلى الألعاب تقييمًا هذا العام، وهو إنجاز ليس بالسهل نظرًا للمنافسة الشرسة.

ورغم أن هناك الكثير مما يمكن التعلق به في هذه اللعبة — من نظام القتال والاستكشاف، إلى القصة والشخصيات — فإن الجزء الثاني يتضمن أيضًا عددًا هائلًا من التحسينات وتغييرات جودة الحياة مقارنةً باللعبة الأصلية. وطبعًا، بما أنها من ألعاب هيديو كوجيما، فلا بد من وجود كم هائل من التفاصيل الدقيقة المخبأة.

بعض هذه التفاصيل قد لا يكون واضحًا منذ البداية، حتى بعد ساعات طويلة من اللعب، بينما البعض الآخر يتجلى في لمسات رسومية أو تفاعلية مبهرة داخل اللعبة، والآن دعونا نتعرف على تلك التفاصيل.

أوقات تحميل فائقة

من أبرز التفاصيل المذهلة في Death Stranding 2: On the Beach هي سرعة التحميل الفائقة التي تقدمها اللعبة. عند الخروج من اللعبة والعودة إليها لاحقًا، سيلاحظ اللاعبون غيابًا شبه تام لأوقات التحميل. كل ما عليك فعله هو الذهاب إلى خيار “تحميل اللعبة” من القائمة الرئيسية، وتحديد ملف الحفظ، وستجد نفسك داخل اللعبة في لحظة، بدون أي شاشات تحميل، ولا حتى ثوانٍ معدودة من الانتظار.

ما يجعل هذا الأمر أكثر إثارة للإعجاب هو أنه يتفوق من حيث السرعة على ألعاب أخرى معروفة بسرعتها مثل Marvel’s Spider-Man 2 و Ghost of Tsushima، وكلاهما قدّم أوقات تحميل مذهلة في السابق. لكن في Death Stranding 2، تشعر وكأنك انتقلت إلى مشهد جديد دون انقطاع حقيقي.

التجربة هنا انسيابية إلى درجة قد تثير دهشة اللاعبين، خصوصًا أولئك الذين اعتادوا على الشاشات السوداء الطويلة. إنها واحدة من تلك اللمسات التقنية الصامتة التي تعزز انغماسك الكامل في العالم.

تصادم الكاميرا مع البيئة

من التفاصيل الذكية والمذهلة التي قد لا يلاحظها كثير من اللاعبين هو أن بعض عناصر البيئة — مثل الأعشاب الكثيفة أو الشجيرات — تتحرك أحيانًا حتى عندما لا يكون سام قريبًا منها. للوهلة الأولى، قد يبدو ذلك وكأنه خطأ أو تأثير غير مبرر، لكن إذا دققت أكثر وغيرت زاوية التصوير قليلاً، ستكتشف أن السبب ليس حركة سام، بل اصطدام الكاميرا نفسها بهذه العناصر.

نعم، الكاميرا في اللعبة ليست مجرد أداة مشاهدة “شفافة”، بل لها وجود ملموس يتفاعل مع البيئة المحيطة. وهذه اللمسة الدقيقة تشير إلى درجة العناية الهائلة في تصميم اللعبة، حيث تم التعامل مع الكاميرا وكأنها جزء حقيقي من العالم.

قد يكون هذا التفصيل بمثابة تحية خفية إلى لعبة Super Mario 64، حيث كانت الكاميرا ممثلة بشخصية Lakitu التي تصور كل شيء. سواء كانت كذلك أم لا، فالأمر يضيف بعدًا واقعيًا لطيفًا يعزز من إحساس اللاعب بالاندماج في البيئة.

نماذج الشخصيات

من أبرز ما يميز Death Stranding 2: On the Beach هو التحسّن الكبير في نماذج الشخصيات مقارنة بالجزء الأول، وهو أمر بدا واضحًا في المقارنة المباشرة التي أجريناها بين اللعبتين. هذا التحسن يتجلى منذ الساعة الأولى من اللعب، خصوصًا أثناء عبور السلاسل الجبلية ثم العودة إلى مخبأ سام، لكنه يصبح أوضح كثيرًا عندما يتخلص سام من جميع معدات التوصيل، لتُعرض تفاصيل جسده ووجهه بشكل كامل.

عدد المضلعات المستخدم في بناء النماذج أصبح أعلى بشكل ملحوظ، مما أتاح تمثيل أدق للجلد، ودرجات لون البشرة، وتفاصيل العين، وحتى الانفعالات الدقيقة في الوجه. كل حركة، وكل تعبير، سواء كانت نظرة أو ابتسامة عابرة، تنبض بالحياة وتشعرك أنك تشاهد شيئًا سينمائيًا حقيقيًا وليس مجرد لعبة.

وعند مقارنتها بالجزء الأول — الذي لم يكن سيئًا أبدًا من الناحية الرسومية — تبرز هذه القفزة التقنية بشكل مذهل. ببساطة، كل هذه التفاصيل تجعل من اللعبة تجربة حصرية متكاملة لقوة جهاز PS5.

تحريك الشعر

تبرز تحركات الشعر كواحدة من أكثر الجوانب تطورًا بصريًا، والتي تضيف طابعًا واقعيًا رائعًا للتجربة. صحيح أن الرسوم في الجزء الأول كانت بالفعل جيدة، وتحريك الشعر كان مقنعًا إلى حدٍّ ما، لكن في هذا الجزء الجديد، قفزت الجودة إلى مستوى مختلف تمامًا.

شعر سام، على سبيل المثال، يتحرك بانسيابية واقعية وفقًا لقوة الرياح واتجاهها. عندما تشتد الرياح أو تقترب عاصفة ترابية، تبدأ خصلات شعره في التمايل بعشوائية محسوبة، ما يضيف عمقًا بصريًا حقيقيًا يُشعرك بقسوة البيئة المحيطة. لا يقتصر الأمر على التحريك العشوائي، بل يتغير التفاعل مع العناصر المناخية تدريجيًا، من نسيم خفيف إلى عاصفة خانقة، وكل ذلك ينعكس على مظهر الشخصية بشكل طبيعي للغاية.

تجعل هذه التفاصيل الدقيقة تجربة اللعبة أكثر انغماسًا، وتعزز الإحساس بأنك داخل عالم ينبض بالحياة، حتى في أدق عناصره مثل الشعر، مما يسمح للاعب بالتفاعل مع كل عنصر حوله بدقة متناهية قلما نراها بهذه الجودة في معظم ألعاب AAA باستثناء شركات محدودة للغاية.