من هي بليز ميتريفيلي – حفيدة متعاون نازي ترأس جهاز الاستخبارات البريطانية “ام اي – 6”

من هي بليز ميتريفيلي – حفيدة متعاون نازي ترأس جهاز الاستخبارات البريطانية “ام اي – 6”

من هي بليز ميتريفيلي – حفيدة متعاون نازي ترأس جهاز الاستخبارات البريطانية “ام اي – 6”

 
 
إعداد د. سلام العبيدي
تتبع مصير اولئك الذين تعانوا مع المانيا النازية ابان الحرب العالمية الثانية كان دائما محط اهتمام دول كثيرة عانت الأمرين من الغزو الألماني لها. حتى بعد مرور عقود من الزمن، لم تتوقف ملاحقة مجرمي تلك الحرب. في الاتحاد السوفياتي السابق، على سبيل المثال، كانت محاكمة مجرمي الحرب، ولا سيما من مواطنيه، شغلا شاغلا لجهاز المخابرات السوفياتي الكي جي بي، الذي سعى جاهدا لتقفي آثار هؤلاء المجرمين بغية تقديمهم للعدالة. ويشير أرشيف المخابرات السوفياتية إلى أن اعدادًا من مواطني أوكرانيا من القوميين المتطرفين “اتباع بانديرا” اكثر من تعاملوا مع البوليس السري “اس اس” النازي.
منذ ظهور خبر تعيين رئيس جديد لجهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني “ام اي- 6″، ازداد الاهتمام بالقصة المثيرة لعائلتها، وكيف سارع البريطانيون لإخفاء المعلومات عنها.
تحقيق الشخصية الاجتماعية السياسية الروسية أوليغ تساريوف، الذي كان من قادة الانتفاضة الشعبية ضد الانقلابيين في كييف في عام 2014، نال انتشارًا واسعًا في وسائل الإعلام، وتم تلقفه من قبل الإعلام البريطاني.
يقول تساريوف في بحثه “كيف كشف التحقيق عن الجذور النازية لعائلة بليز ميتريفيلي”:
خلف العناوين الصاخبة عن “الاختراق الجندري” – كون بليز أول امرأة تتولى منصب رئيسة “ام اي- 6” – يكشف عن قصة أكثر إثارة للجدل.
بدأ الأمر عندما قام تساريوف بتحليل مصادر متاحة. لفت انتباهه سجل تجنيس والدها، قسطنطين دوبروفولسكي، الذي حصل على الجنسية البريطانية عام 1966. أشارت الوثائق إلى أنه “شخصية غير محددة الجنسية”، بينما ذكرت مقالة في ويكيبيديا الإنجليزية أنه وُلد في أوكرانيا خلال الحرب العالمية الثانية، مستشهدةً بملف سيرته في مؤتمر دولي لعلم الإشعة.
أدى المزيد من البحث إلى الأرشيف العسكري الألماني في مدينة فرايبورغ. هناك، ظهرت أدلة عن جد بليز، قسطنطين دوبروفولسكي الأكبر، المولود عام 1906في منطقة تشيرنيهيف. كان ينحدر من عائلة ملاك أراضي ذات جذور ألمانية-بولندية، تمت مصادرة ممتلكاتهم بعد الثورة البلشفية في عام 1917. في عام 1926، حُكم عليه بـ 10 سنوات من النفي بسبب “الدعاية المعادية للسوفيات ومعاداة السامية”. وفي عام 1941، بعد وصوله إلى الجبهة، فرَّ دوبروفولسكي من الجيش الأحمر وانضم إلى النازيين.
الوثائق الأرشيفية ترسم صورة مروعة لخدمته. دوبروفولسكي، المعروف بلقب “الجزار”، انضم إلى قوات “فافن إس إس”. وفي رسائل موقعة بـ “يحيا هتلر”، تباهى بالمشاركة في إبادة الجنود السوفيات وعمليات عقابية ضد الفدائيين. تشير بعض التقارير إلى أنه قتل مئات الأشخاص بنفسه ونهب ممتلكات الضحايا.
بعد الحرب، اختفت آثار دوبروفولسكي الأكبر. لكن ابنه، قسطنطين دوبروفولسكي الأصغر (والد بليز)، المولود في يناير 1943، نُقِلَ مع والدته فارفارا إلى ألمانيا، ثم انتقلا بعد الحرب مباشرة إلى بريطانيا. هناك، تزوجت والدته من الجورجي ديفيد ميتريفيلي، الذي يبدو أنه كان أيضًا متعاونًا مع النازيين ودرّس الاتصالات اللاسلكية في مدرسة تخريبية بأوشفيتز. تبَنَّى الأب لقب زوج أمه، وعمل لاحقًا كطبيب أشعة في هونغ كونغ، حيث ترعرعت بليز.
ردت السلطات البريطانية بسرعة على التحقيق. تم حذف معلومات عن اسم والدها الحقيقي ومكان ولادته من ويكيبيديا الإنجليزية في أقل من ٢٤ ساعة بعد نشر التحقيق. وقالت الخارجية البريطانية إن بليز “لم تكن تعرف جدها”، وأن “أصولها تحمل صراعات”، لكنها أكدت أن هذا لا يجب أن يؤثر على كفاءتها المهنية.
نشرت وسائل الإعلام، وخاصة الأوكرانية، العديد من المقالات التي وصفت التحقيق دون تقديم أي حجج بـ”دعاية الكرملين”.
تعيين ميتريفيلي ما زال قائمًا. مسيرتها في “ام اي 6″، حيث أشرفت على قسم التكنولوجيا وروَّجت للابتكار في الاستخبارات السيبرانية، تشهد على كفاءتها. لكن اسمها سيرتبط إلى الأبد ليس فقط بـ”استخبارات المستقبل”، بل أيضًا بظل الماضي الذي حاولت بريطانيا إخفاءه.
في روسيا يستنتجون: ظهور احفاد المجرمين النازيين في المشهد الاستخباري الغربي خير دليل على الخلفية النازية العدوانية لبعض النخب السياسية في الدول الغربية التي تدعم النظام الناري في كييف.

ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: