
تسعى مصر إلى تحقيق التوازن بين تأمين احتياجاتها من الزيوت النباتية وبين الالتزام بالمعايير البيئية الدولية، وتبرز واردات زيت النخيل الماليزى كأحد الملفات الحيوية التى تجمع بين أبعاد اقتصادية واستراتيجية، لاسيما فى ظل التحديات التى تفرضها الأسواق العالمية وتوجهات الاستدامة.
واطلعت «البورصة» خلال زيارة إلى العاصمة الماليزية كوالالمبور، استمرت أسبوعًا، على عدد من نماذج المصانع والمزارع المعتمدة لإنتاج زيت النخيل، والتى تعمل على تقليل الانبعاثات الكربونية وتحسين كفاءة استهلاك المياه والطاقة، ضمن منظومة إنتاج مستدام معترف بها دوليًا.
وتأتى ماليزيا كثانى أكبر منتج لزيت النخيل عالميًا بعد إندونيسيا، وتلعب دورًا رئيسيًا فى توريد هذه السلعة إلى السوق المصرية، فى إطار علاقات تجارية آخذة فى النمو بين البلدين.
وبحسب بيانات رسمية، بلغت واردات مصر من زيت النخيل خلال عام 2023 نحو 352.6 مليون دولار، بما يمثل نحو 27% من إجمالى واردات الزيوت النباتية.
ويُستخدم الزيت فى عدد من الصناعات الحيوية، أبرزها الأغذية، والصابون، والزيوت المكررة، نظرًا لتكلفته الاقتصادية مقارنة بأنواع الزيوت الأخرى.
الاستيراد تحت ضغوط الاستدامة
ورغم الفوائد الاقتصادية لزيت النخيل، إلا أن المخاوف البيئية المرتبطة بعمليات إنتاجه مازالت قائمة، إذ يُتهم القطاع بإزالة الغابات واستنزاف التنوع البيولوجى، خاصة فى مناطق الغابات الأولية والمستنقعات، ما دفع الاتحاد الأوروبى إلى إصدار تشريعات (EUDR) تُلزم الموردين بتتبع مصدر كل شحنة بدقة، وهو ما يرفع من التكاليف الإدارية ويعقد من سلسلة الإمداد.
وتسعى الحكومة الماليزية من جانبها إلى تحسين صورة القطاع من خلال تطبيق شهادة زيت النخيل المستدام (MSPO) وتعزيز الرقابة على الموردين، بالتعاون مع الدول المستوردة مثل مصر، لضمان توافق المنتجات مع معايير التنمية المستدامة.
مصر.. مركز إقليمى محتمل لتكرير وتوزيع زيت النخيل
ويبحث مجلس زيت النخيل الماليزى فرص تحويل مصر إلى مركز إقليمى لتكرير وتوزيع زيت النخيل فى أسواق أفريقيا والمنطقة العربية، شريطة توافر حوافز استثمارية مناسبة، وتطوير البنية التحتية اللوجستية بالموانئ والمناطق الصناعية.
ويأتى ذلك فى وقت تتبنى فيه الحكومة المصرية توجهًا لتعزيز الأمن الغذائى وتوسيع شراكاتها الدولية فى سلاسل الإمداد المستدامة، بما يلبى احتياجات السوق المحلي، ويعزز من مكانة مصر كمركز صناعى وتجارى إقليمى للسلع الزراعية والزيوت النباتية.
كوالالمبور- فاطمة صلاح