اليمن: ليكن النفط كثروة وطنية للجميع

اليمن: ليكن النفط كثروة وطنية للجميع

اليمن: ليكن النفط كثروة وطنية للجميع

علي محسن حميد

يعاني اليمنيون  أكثر من الأمرّين منذ عام ٢٠٢٢ بصفة خاصة، الذي منع فيه أنصار الله تصدير النفط الذي كانت تستأثر بعائداته السلطة المعترف بها دوليا .منذ ذلك العام جفت موارد هذه السلطة وتفاقمت مشاكلها المالية وزادت صعوبات اليمنيين في كل اليمن وليس في المناطق التي تخضع لها. إن ملايين اليمنيين يعتمدون بصورة مباشرة أو غير مباشرة في معيشتهم على الدولة الموظِّف الأول لمئات الآلاف من المدنيين والعسكريين والموظفين الأشباح. بعد نقل البنك المركزي إلى عدن  اتبعت السلطتان سياسة الخنق الاقتصادي المتبادل الذي خنق  الشعب ولم يخنق نخبهما .

التجربة الليبية:

الوضع الليبي يشبه إلى حدما الوضع اليمني من حيث تعدد السلطات واعتماد اقتصاده على عائدات  النفط برغم الفارق بين سكان ليبيا وسكان اليمن وبين دخل ليبيا من النفط ودخل اليمن منه وبين جيران ليبيا وجيران  اليمن. معظم عائدات النفط الليبي تدخل البنك المركزي الليبي الذي لايزال موحدا ومن هذا الدخل يتم الإنفاق على موظفي الخدمة المدنية والعسكريين والخدمات بما فيها الأمنية.  خلق هذا التشارك في العائدات استقرارا  للمعتمدين على الدولة في حياتهم المعيشية. ليبيا مثل اليمن لديها مبعوث دولي يرعى المصالحة الوطنية ويعمل على إنهاء الانقسام ولديها جار بحري هو إيطاليا التي لاشك أنها لعبت  هي والاتحاد الاوربي دورا في تحقيق هذا الاستقرار  لتجنب هجرات ليبية تبحث عن ملاذ آمن لها وفرص عمل.هذا المال أوجد سلطات تحول قدر الإمكان  أن تصبح ليبيا محطة لهجرات افريقية لاترغب بها ايطاليا واوربا. وعزز الاستقرار المعيشي والأمني وخلق حالة من   الرضا بالأمر الواقع وخفف من الاستياء منه.

لماذا ليس اليمن؟

المبعوث الدولي الحالي  إلى  اليمن وكل من سبقه اهتموا بالجانب السياسي  من مهامهم وابتعدوا عن الجانب الاقتصادي عدا دعوة دول العالم للتخفيف من النكبة الاقتصادية التي حلت باليمن منذ عام ٢٠١٦. لقد كان من المتوقع  بعد نقل مقر البنك المركزي إلى عدن عام ٢٠١٦ وبعد هجمات أنصار الله على موانئ تصدير النفط ووقف التصدير عام ٢٠٢٢  الاهتمام بمعيشة الناس واستقرارهم وتوفير الخدمات لهم با لاستفادة من النموذج الليبي الذي رأى في الثروة النفطية ثروة وطنية لكل الليبيين وليس لطرف بعينه.  وبدون شك أنه لو  احتذت  السلطات اليمنية حذو السلطات الليبية لما اتسعت البطالة ولما تدهورت العملة الوطنية  وزاد التضخم وركدت التجارة وانتشر الفقر بكل أضراره الجانبية ومنها السيئة واضطر البعض للتعامل بعملات غير يمنية ولما حدث نزيف للعقول ونزوح مايقارب ثلاثة مليون يمني إلى خارج اليمن مع رأس مال يمني كبير يفتقد البيئة الصحية للعمل ونخب علمية ومهنية ورجال أعمال وأطفال وشباب يعانون  من البطالة بعد حصولهم على أرقى المؤهلات العلمية.
إن الحل  الليبي سيخلخل العناد السياسي لدى كل الأطراف وقد يصوب الرؤية الصفرية نحو المصلحة الوطنية البحتة التي لاتفرق بين مواطن وآخر .من جهة ثانية ربما أن هذه السلطات  لم تسمع من المبعوث الدولي أو العربية السعودية أهمية الاقتداء بالتجربة الليبية كحل للمشكلة الاقتصادية التي قد تيسر حل المشكلة السياسية وتعجل بالمصالحة الوطنية وتقلل من الاعتماد على الخارج وحلوله الترقيعية المؤقتة التي  لاتعالج جوهر المشكلة و الأسباب الأساسية في تدهور الوضع الاقتصادي.
* كاتب يمني

ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: