شفيع التوبه في المسيحية.. الكنيسة تحيي تذكار نياحة «الأنبا موسى القوي»

شفيع التوبه في المسيحية.. الكنيسة تحيي تذكار نياحة «الأنبا موسى القوي»

تحيي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ، اليوم الثلاثاء ، الموافق 24 بؤونة حسب التقويم القبطي ذكرى استشهاد القديس الأنبا موسى الأسود.

الأنبا موسى القوي 

الأنبا موسى القوي 

وقال كتاب السنكسار الكنسي الذي يدون سير الآباء الشهداء والقديسين ، إنه في مثل هذا اليوم من سنة 123 للشهداء ( 407م ) استشهد القديس العظيم الأنبا موسى الأسود. 

واضاف السنكسار: وُلِدَ بإثيوبيا سنة 332م، ولما كبر أصبح عبداً لإنسان يعبد الشمس وكان قوى الجسم كثير الإفراط في الأكل والشرب وكانت أخلاقه شرسة يقتل ويسرق ويزنى ولا يستطيع أحد أن يقف أمام وجهه لقوته، وهرب من سيده وصار رئيساً لعصابة لصوص.

وتابع السنكسار: وكانت الخيوط الأولى من توبته بدأت عندما كان يخاطب الشمس قائلاً: ” إن كنت أنت الإله فعرفيني وأنت أيها الإله الذي لا أعرفه عرفني ذاتك “، فسمع يوماً من يقول له أن رهبان برية شيهيت يعرفون الله فاذهب إليهم، فقام لوقته وتقلد سيفه وأتى إلى البرية.

وواصل السنكسار: فالتقى بالقديس إيسوذوروس قس الإسقيط، الذي لما رآه خاف من منظره، فطمأنه موسى قائلاً: ” لا تخف فقد أتيت إليكم لتعرفوني الإله الحقيقي ” فأتى به إلى القديس مكاريوس الكبير فكلمه عن السيد المسيح والتجسد والفداء فآمن، فعمده وقبله راهباً فعاش القديس موسى في حياة روحية قوية وكان الشيطان يقاتله بما كان يمارسه أولاً من خطايا، فكان يأتي إلى القديس إيسوذوروس معلمه ويخبره بذلك، فكان يعزيه ويشجعه ويعلمه كيف يتغلب على حيل الشياطين. وكان يحب خدمة الآخرين، فإذا نام شيوخ الدير كان يمر على قلاليهم ويأخذ جرارهم ويملأها ماءً من بئر بعيد عن الدير.

واستطرد السنكسار: حسده الشيطان وضربه بقُرح في رجله أقعده مريضاً، ولما علم أنها حرب من الشيطان ازداد في نسكه وعبادته حتى صار جسده كخشبة محروقة، فنظر الرب إلى صبره وتعبه ورفع عنه الأوجاع وحلت عليه نعمة الله.

وتابع السنكسار: ذات يوم اجتمع حوله خمسمائة أخ وأرادوا أن يرسموه قساً، ولما حضر أمام الأب البطريرك لرسامته، أراد البطريرك أن يجربه فقال للشيوخ: ” من أتى بهذا الأسود إلى هنا، اطردوه ” فأطاع وخرج وهو يقول لنفسه: ” حسناً عملوا بك يا أسود اللون “، ولما رأى الآب البطريرك اتضاعه واحتماله استدعاه ورسمه قساً وقال له: ” يا موسى قد صرت الآن أبيض بالكامل “.

ومضى في إحدى المرات مع الشيوخ إلى القديس مكاريوس الكبير فقال القديس مكاريوس إني أرى واحداً فيكم له إكليل الشهادة فأجابه الأنبا موسى: ” لعلى أنا لأنه مكتوب كل الذين يَأْخُذُونَ بالسيف، بالسيف يَهْلِكُونَ ” (مت 26: 52).

واختتم السنكسار: ولما رجع إلى الدير لم يلبث طويلاً حتى هجم البربر على الدير في غارتهم الأولى سنة 407م، فقال للإخوة ” من شاء منكم أن يهرب فليهرب ” فقالوا له وأنت لماذا لا تهرب يا أبانا؟ فقال:
” أنا أنتظر هذا اليوم منذ عدة سنين “. ثم دخل البربر وقتلوه هو وسبعة إخوة كانوا معه، وكان واحدٌ مختبئاً وراء حصير فرأى ملاك الرب قد وضع أكاليل على الشهداء، وبيده إكليل وهو واقف ينتظره، فخرج مسرعاً إلى البربر فقتلوه ونال معهم إكليل الشهادة.
فتأملوا أيها الأحباء قوة التوبة وما فعلت فقد نقلت عبداً وثنياً قاتلاً زانياً سارقاً، وصيرته راهباً ومعلماً وكاهناً وقديساً وشهيداً عظيماً. ويوجد جسده الطاهر مع جسد معلمه القديس إيسوذورس في مقصورة بدير البرموس العامر بوادي النطرون. 

ما هو كتاب السنكسار

جدير بالذكر أن كتاب السنكسار يحوي سير القديسين والشهداء وتذكارات الأعياد، وأيام الصوم، مرتبة حسب أيام السنة، ويُقرأ منه في الصلوات اليومية.

ويستخدم السنكسار ثلاثة عشر شهرًا، وكل شهر فيها 30 يومًا، والشهر الأخير المكمل هو نسيء يُطلق عليه الشهر الصغير، والتقويم القبطي هو تقويم نجمي يتبع دورة نجم الشعري اليمانية التي تبدأ من يوم 12 سبتمبر.

والسنكسار بحسب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، مثله مثل الكتاب المقدس لا يخفي عيوب البعض، ويذكر ضعفات أو خطايا البعض الآخر، وذلك بهدف معرفة حروب الشيطان، وكيفية الانتصار عليها، ولأخذ العبرة والمثل من الحوادث السابقة على مدى التاريخ.

ونشر المركز الاعلامي للكنيسة القبطية لمحات عن حياة القديس .