
لم يتمكن المنتخب السعودي من مواصلة مغامرته في بطولة الكأس الذهبية 2025، حيث ودّع المسابقة من الدور ربع النهائي بعد الخسارة أمام المكسيك بنتيجة 2 – 0، في اللقاء الذي أُقيم على ملعب «ستيت فارم» في مدينة غلينديل بولاية أريزونا.
وإذا كان الخروج من ربع النهائي يمثل خيبة أمل، فإن الانضباط التكتيكي الذي ظهر به الفريق في أغلب مباريات البطولة، خصوصاً أمام الولايات المتحدة وترينداد وتوباغو في دور المجموعات، يعكس أن المشروع بحاجة لوقت طويل، وأن بناء فريق قادر على المنافسة في بطولات من هذا الحجم لن يتوقف عند هذه المحطة.
«الشرق الأوسط» بدورها استطلعت آراء مدربين وخبراء كرويين في هذا الجانب، حيث قال فيصل البدين، مدرب المنتخب السعودي السابق، إن المشاركة في بطولة الكأس الذهبية لا يمكن اعتبارها سيئة أو ضعيفة، كون المدرب وضعها ضمن خطط الإعداد للوقوف على مستويات عدد من اللاعبين، خصوصاً ممن لا ينالون فرصة كبيرة للمشاركة مع فرقهم في بطولة الدوري السعودي للمحترفين وبقية المنافسات.
وأضاف: «أرى أنه كان من الأنسب المشاركة في هذه البطولة بمجموعة أكبر من الأسماء الشابة، كون القائمة التي شاركت تضم عدداً من لاعبي الخبرة والأساسيين في أنديتهم، وهذا ما جعل مسألة منح الأسماء الشابة فرصة أكبر غير متاحة بشكل كبير، حيث إن غالبية الأسماء التي شاركت معروفة وموجودة مع فرقها التي شاركت غالبيتها على الصعيدين المحلي والخارجي».
وزاد بالقول: «اللاعبون الأساسيون أو حتى الاحتياطيون في الفرق السعودية كانت لديهم رغبة في قضاء إجازة الموسم، لكنها صادفت انطلاق الكأس الذهبية».
وواصل: «وحتى إذا كان الهدف من المشاركة منح اللاعبين مزيداً من دقائق المشاركة، فمن المؤكد أن الوجود في التمارين اليومية والاحتكاك يعني أنه يعاني من إرهاق كذلك وإن قل عن اللاعبين الأساسيين، لا نقول جميع اللاعبين لكن من شاركوا مع فرقهم محلياً وخارجياً، وكذلك مع المنتخب السعودي بعدة مناسبات في العام الماضي على الأقل».
وأشار إلى أنه كان يفضل مشاركة المجموعة الشابة بسبب أنها ليست مرهقة بدنياً، وكذلك لديها الرغبة في اكتساب خبرات دولية والاحتكاك مع منتخبات عريقة.
وعن قول البعض إن الأخضر في خطر بعد الإخفاقات الأخيرة، ومنها فشله في حجز بطاقة مباشرة نحو المونديال، وترقب خوض الملحق الآسيوي، قال البدين: «المنتخب السعودي بكل تأكيد يحتاج جيلاً جديداً من اللاعبين، فالجيل الحالي لم يتمكن من تحقيق منجزات على الأرض، لذا لا يقارن بأجيال سابقة حققت منجزات، لكن من المهم مساعدة هذا الجيل من خلال تجديد الثقة فيه أكثر قبل ملحق الصعود، نعم من المهم الاعتراف بأن الوفرة الكبيرة في اللاعبين الأجانب منعت مشاركة لاعبين سعوديين بشكل أكبر مع فرقهم، وبالتالي انعكس ذلك على المنتخب وخيارات الجهاز الفني، ولكن نحن في مرحلة مفصلية، يجب أن نتأهل للمونديال المقبل، وبعدها يتوجب التجديد وفق خطط ونهج وليس إعادة التدوير، التجديد مطلب لكرة القدم السعودية إذا أردنا الحضور على المستويين القاري والدولي، وحتى الإقليمي».
من جانبه، أكد يوسف الغدير المدرب السابق للمنتخب السعودي، أن عدم اكتمال قائمة اللاعبين نتيجة غياب عناصر الهلال، قلل من مكتسبات المشاركة، في ظل أن هناك عناصر يعتمد عليها المدرب لم تكن موجودة في بطولة الكأس الذهبية.
وأضاف: «كانت المشاركة في هذه البطولة بمثابة تجهيز للاستحقاقات المقبلة والاحتكاك بمنتخبات من قارة أميركا الشمالية مع وجود منتخبات قوية على الصعيد العالمي، يتقدمها المكسيك وحتى أميركا وكندا».
وقال إن المدرب رينارد استغل هذه الفرصة للزج بأسماء جديدة، مثل زياد الجهني الذي شارك أساسياً في عدد من المباريات، وكذلك محمد بكر في مباراة المكسيك، وأيضاً وُجد مهند آل سعد ضمن خيارات المدرب على مقاعد البدلاء، وهذه أسماء شابة يمكن البناء عليها مستقبلاً.
وأشار في حديثه: «التجديد مطلب، لكن الاستغناء بشكل كامل عن نجوم الخبرة دفعة واحدة ليس صحيحاً، اللاعبون الشباب يحتاجون اكتساب الخبرة ممن سبقوهم، ولذلك يجب أن نوجد بثقلنا في ملحق الصعود للمونديال، وكذلك المونديال، ومن بعده يمكن التوسع أكبر في إحلال اللاعبين الشباب والصاعدين مع الأخذ بالاعتبار عدم الاستغناء دفعة واحدة عن لاعبي الخبرة».
وشدد على أن المشاركة في بطولة الكأس الذهبية مفيدة جداً، وإذا كانت هناك بطولة أخرى متاحة المشاركة فيها فمن المهم الوجود فيها. وقال: «الإعلان عن خوض مباريات ودية جديدة للأخضر في سبتمبر (أيلول) المقبل، وقبل دخول معترك الملحق الآسيوي، يمثل أهمية كبيرة خصوصاً مع اكتمال العناصر حينها بانضمام نجوم الهلال».
وعاد الغدير ليؤكد أن الكرة السعودية تعيش مرحلة مفصلية، وأنه متابع بدقة للعمل الذي يقوم به الاتحاد السعودي لكرة القدم، ويرى أنه مميز وإيجابي في هذه المرحلة الانتقالية، مشيراً إلى أن العاطفة يجب ألا تطغى، وضرورة أن يكون هناك فرق بين فكر المشجع وفكر الناقد الفني في تقييم العمل بناء على تجارب، وليس عواطف.
وعدّ النضوج الذي بات عليه عدد من النجوم في المملكة، يتقدمهم سالم الدوسري ومحمد كنو وصالح الشهري وحسان تمبكتي وغيرهم من الأسماء، يجب أن يكون ركيزة في هذه المرحلة الانتقالية، خصوصاً أن الشهري وتمبكتي لم يشاركا بشكل متواصل مع الاتحاد والهلال، سوى في فترات قليلة، وبالتالي من المهم أن ينالوا الوقت الأكبر في المشاركات، كون عودة هؤلاء إلى مستوياتهم، إضافة إلى الخبرات التي يملكونها، سيكون له أثر إيجابي على المنتخب السعودي في هذه المرحلة.
وقلل من الأحاديث عن كون اللاعبين يحتاجون لراحة أكبر في هذا الصيف، مبيناً أن المرحلة الانتقالية تحتاج مزيداً من التضحيات، واللاعبون عنصر مهم، ويجب أن يدركوا حجم المسؤولية والتحدي المقبل.