خالد سعيد نزال: حرب الظل والجبر السياسي  تحليل شامل للواقع السياسي ودور الإعلام في تشكيل الرأي العام العربي والدولي وفوضى التصريحات الرسمية

خالد سعيد نزال: حرب الظل والجبر السياسي  تحليل شامل للواقع السياسي ودور الإعلام في تشكيل الرأي العام العربي والدولي وفوضى التصريحات الرسمية

خالد سعيد نزال: حرب الظل والجبر السياسي  تحليل شامل للواقع السياسي ودور الإعلام في تشكيل الرأي العام العربي والدولي وفوضى التصريحات الرسمية

 
 
خالد سعيد نزال

في خضم المواجهة المفتوحة بين إسرائيل وإيران، وتدخل واشنطن الاستعراضي، تتكشف أمامنا مسرحية سياسية معقدة، تتداخل فيها أدوار الأنظمة العربية، والشارع المنقسم، والإعلام المتضارب، وسط حالة من الفوضى والتضليل الإعلامي الرسمي وغير الرسمي. هذه الحرب ليست فقط على الأرض، بل على عقول وقلوب الشعوب، حيث يُستخدم الإعلام كسلاح رئيسي لتشكيل الرأي العام العربي والدولي، وتوجيهه نحو مواقف تخدم أجندات الاحتلال والهيمنة.

خلفية الصراع الإيراني-الإسرائيلي: جذور العداء وتصاعد المواجهة

بدأ الصراع منذ الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، التي قلبت موازين القوى في المنطقة، وحولت إيران إلى عدو وجودي لإسرائيل. على مدى عقود، تحولت المواجهة إلى حرب ظل عبر وكلاء إيرانيين مثل حزب الله وحماس، قبل أن تتصاعد إلى مواجهة مباشرة في 2024-2025، مع ضربات جوية إسرائيلية على منشآت نووية وعسكرية إيرانية، ورد إيراني صاروخي باليستي على الأراضي المحتلة . هذا التصعيد يحمل تبعات إقليمية وعالمية، ويأتي في سياق محاولة إسرائيل المدعومة أمريكياً فرض واقع جديد في الشرق الأوسط.

 واشنطن والمسرحية الاستعراضية: من يكتب سيناريوهات الصراع؟

التدخل الأمريكي الاستعراضي، الذي أعلن عنه ترامب بفخر، ليس سوى مسرحية مدروسة لدعم إسرائيل، وإظهار القوة الأمريكية في المنطقة، مع إبقاء الصراع مشتعلاً لتحقيق أهداف استراتيجية، منها تصفية القضية الفلسطينية وإضعاف محور المقاومة.
النظام العربي والإسلامي، في هذه المسرحية، يظهر إما مهادناً أو مستسلماً، إما جبراً أو طواعية، مما يعكس حالة ضعف وانقسام تُستغل لصالح الاحتلال.

النظام العربي والشارع : بين الانقسام وعقيدة الجبر

الشارع العربي يعيش حالة انقسام حاد، بين من يرفض هذه الحرب ويعتبرها مسرحية مدبرة، ومن يراها صراعاً وجودياً يستحق الدعم. لكن الغالبية تعيش إحباطاً عميقاً واستسلاماً يغذيه “العقيدة الجبرية  –  برزت بداية حكم الدولة الاموية ” التي تبرر قبول الواقع المرير وتعفي الشعوب مسؤولية تقاعسها عن مواقفها السياسية. هذه العقيدة تُضعف الحراك الشعبي، تعزز الاستسلام السياسي، وتقلل من الضغط على الأنظمة، مما يزيد من قبول الوصاية الخارجية ويُعطل فرص التغيير.

الانتصار والإنجاز: الفرق بين الحقيقة والدعاية

وفي هذا السياق يأتي ما وجب تعريفه حيث لا يمكن الخلط بين “الانتصار” و”الإنجاز” في هذه الحرب. إسرائيل تحقق إنجازات تكتيكية مثل اغتيال قادة وعلماء وتدمير منشآت، لكنها لم تحقق انتصاراً حاسماً ينهي التهديد الإيراني. العدو الذي ظن البعض أنه على وشك الانهيار لا يزال قوياً، ويستطيع الرد بعمليات صاروخية وطائرات مسيرة، مما يجعل الحرب دائرة مفرغة من التصعيد والخسائر. ترويج “انتصار إسرائيل” هو دعاية إعلامية تهدف إلى رفع الروح المعنوية الداخلية وتبرير استمرار الحرب، لكنها تخفي واقعاً معقداً مليئاً بالتحديات.

الإعلام الإسرائيلي والعربي: تضخيم الاحتلال وتقزيم المقاومة

وهنا يأتي دور الإعلام الإسرائيلي والبعض العربي يستخدمان استراتيجيات متقنة لتضخيم قدرات الاحتلال وتقليل دور المقاومة، عبر:
 – تضليل وتضخيم موجه لتهديدات المقاومة لتبرير العدوان.
–  نقل الرواية الإسرائيلية عبر الإعلام العربي، مما يضعف الموقف الفلسطيني.
–  شيطنة المقاومة وتصويرها كإرهابية، مع تجاهل الاحتلال.
–  استخدام منصات التواصل الاجتماعي لبث معلومات مضللة وإسكات الأصوات المعارضة.
–  تضخيم وتعظيم معاناة الفلسطينيين والتركيز على التفوق الإسرائيلي فقط.
–  إثارة الفتن والانقسامات داخل المجتمعات العربية والفلسطينية حول جدوى المقاومة الغير متكافئة في ظل خسائر فائقة .

تأثير الحملات الدعائية على وعي الجمهور العربي والدولي

الحملات الدعائية تشوه الواقع، تبسط الصراع، وتشرعن العدوان الإسرائيلي ، والمقاومة المغامرة  وكيفية افشال مخططات التنمية  مما يقلل من دعم المقاومة ويضعف الروح المعنوية للشعوب العربية. الإعلام الغربي والإسرائيلي يعرض الصراع كنزاع متساوي، متجاهلاً الاحتلال، بينما وسائل التواصل الاجتماعي تقدم سرديات بديلة تزيد الوعي والتعاطف، لكنها تواجه رقابة وحملات مضادة.

مواجهة الحملات الدعائية: استراتيجية المقاومة الفلسطينية

لمواجهة هذه الحملات، قدمت المقاومة (حسب امكانياتها المتاحة ):
 – عززت الإعلام المقاوم ومنصاته الخاصة.
 – الرد السريع والمنهجي على الأكاذيب والتضليل.
 – التواصل مع الرأي العام الدولي والناشطين الحقوقيين.
–  توحيد الخطاب الإعلامي بين الفصائل المشاركة .
–  نشر أدلة مرئية وواقعية لإنجازات المقاومة.
–  تنظيم الناشطين لحملات تووعية لشرح اسباب وجود المقاومة.

الواقع السياسي الفلسطيني والعربي في 2025: تحديات وانغلاق أفق الحل

يواجه الفلسطينيون والعرب تحديات جسيمة مع استمرار العدوان الإسرائيلي، تصعيد في الضفة، ومحاولات إسرائيلية لفرض واقع جديد عبر التوسع الاستيطاني وتهجير سكان غزة، وسط غياب أفق سياسي حقيقي لحل القضية. الانقسامات الداخلية، ودعم الإدارة الأمريكية لإسرائيل، تزيد من تعقيد المشهد وتضعف محور المقاومة.

الوعي والمعرفة: السلاح الأقوى لمواجهة الجبر واستعادة الأمل

الوعي والمعرفة يمنحان الشعوب القدرة على فهم أن الأوضاع ليست قدرًا محتوماً بل نتاج قرارات يمكن تغييرها. الوعي النقدي والمعرفة الحقيقية تعيد الشعور بالمسؤولية والحق في المطالبة بالتغيير، وتكسر دائرة الاستسلام، مما يحول الشعوب من ضحايا إلى فاعلين في صنع مستقبلهم.

فوضى الإعلام والتصريحات الرسمية: أين الحقيقة وسط الضجيج؟

في خضم هذه الحرب، لا يمكن تجاهل الفوضى الإعلامية والتصريحات الرسمية المتضاربة، خصوصاً من شخصيات مثل ترامب ونتنياهو ووزرائهم الذين يطلقون تصريحات متناقضة، أحياناً مبالغ فيها أو متضاربة، تزيد من حالة التشويش والارتباك.
الإعلام الإيراني، رغم محاولاته، يقع في أخطاء كارثية مثل تأكيد ضرب اهداف إسرائيلية بشكل مبالغ فيه، مما يُستخدم ضده إعلامياً ويضعه في خانة الغير موثوقين ، بينما الإعلام الإسرائيلي يُظهر ذكاءً إعلامياً عالي المستوى في إدارة سردياته . هذه الفوضى الإعلامية تجعل الجمهور العربي والدولي في حالة من “اللا تركيز” و”الهذيان المعلوماتي”، حيث يصدق البعض أوهاماً وينكر حقائق، ويصعب عليهم التمييز بين الحقيقة والدعاية.
تصريحات نتنياهو التي تتحدث عن “انتصار تاريخي” تتناقض مع الواقع الميداني الذي يشهد استمرار الصراع والتصعيد، مما يثير تساؤلات ملحة : أين تكمن الحقيقة ؟ هل نحن أمام واقع معقد أم مجرد دعاية إعلامية ؟ وهل يمكن لأي طرف أن يقدم رواية نزيهة وسط هذا السيل من التضليل والتصريحات المتضاربة ؟
خاتمة :
 بين المسرحية الحقيقية وفوضى التصريحات… هل سنبقى أسرى التضليل أم أبطال وعي التغيير؟
الحرب الإيرانية-الإسرائيلية ليست مجرد صراع عسكري، بل اختبار حقيقي لقدرة الشعوب على رفض الاستسلام لعقيدة الجبر، والمطالبة بحقها في حياة كريمة ومستقبل أفضل. ترويج الانتصار الإسرائيلي هو دعاية تخفي واقع حرب طويلة الأمد مليئة بالخسائر والتحديات، بينما الفوضى الإعلامية والتصريحات الرسمية تزيد من تشويش الرأي العام وتفقده البوصلة.
السؤال الآن: هل سنبقى متفرجين على هذه المسرحية السياسية المعقدة، غارقين في فوضى التصريحات والدعاية، أم سنختار الوعي كطريق للتحرر، ونكون أبطال قصتنا، نرفض أن نكون أسرى قدر محتوم أو ضحايا تضليل ممنهج؟ هل سنواجه الإعلام الدعائي والفوضى الإعلامية التي تحاول تقزيم المقاومة وتشويهها، أم نعيد بناء وعي جماعي قادر على مواجهة التحديات وتحقيق التغيير الحقيقي؟
هذه هي الحقيقة التي يجب أن تواجهها الشعوب العربية والإسلامية، بعيداً عن الأوهام والدعايات، لتبدأ رحلة التغيير الحقيقي نحو الحرية والكرامة.
انتهى ،،،

المصادر:
 تحليلات سياسية من مؤسسات فلسطينية وعربية، تقارير حقوقية، متابعة ميدانية، وتقارير إعلامية عن التضليل الإعلامي وفوضى التصريحات الرسمية في الحرب الإيرانية-الإسرائيلية 2025
 [1] الفضائح الإعلامية في الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران .- كامل سلمان
[2] هل يتحول التفاهم الإيراني الإسرائيلي إلى اتفاق دائم؟ – سكاي نيوز عربية
[3] حرب التضليل الإعلامي بين إسرائيل وإيران – صحيفة مكة
[4] نتنياهو يشيد بتحقيق “انتصار تاريخي” على إيران –
[5] الحرب الإيرانية الإسرائيلية (يونيو 2025) – ويكيبيديا
[6] مدير شبكة المنظمات الأهلية بغزة: إسرائيل تكرس الفوضى بمنع دخول …
[7] صواريخ إيرانية تتساقط على أهداف واسعة في “إسرائيل” | 2025-06-23
[8] “الإعلامي الحكومي” بغزة يفنّد مزاعم نتنياهو وكاتس حول سيطرة حماس على …
باحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية
[email protected]

ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: