مصر تدعو لحماية الفلسطينيين من جرائم المستوطنين الإسرائيليين

مصر تدعو لحماية الفلسطينيين من جرائم المستوطنين الإسرائيليين

ارتد إرهاب المستوطنين المتطرفين الذي يستهدف الفلسطينيين في الضفة الغربية، على الجنود الذين يحمونهم عادة، فهاجموهم في حادثة أثارت غضباً كبيراً غير معهود ضدهم، إلى حد المطالبة باعتقالهم ومعاقبتهم، وهي طلبات لم تُسمع قبل أيام قليلة عندما نفَّذ المستوطنون هجوماً واسعاً على قرية كفر مالك في رام الله، أدى إلى مقتل 3، وإحراق منازل وسيارات.

وهاجم مستوطنون ضباطاً وجنوداً إسرائيليين ليلة الجمعة – السبت قرب قرية كفر مالك في منطقة رام الله، بالضرب والحجارة، ما أسفر عن إصابة عدد من الجنود، في المواجهة التي شهدت أيضاً محاولة دهس أحد أفراد الشرطة، وثقب إطارات سيارات الأمن.

وأكد الجيش الإسرائيلي والشرطة الحادثة التي تدخلت فيها قوات من حرس الحدود، التي استخدمت الذخيرة الحية لتفريق المهاجمين، واعتقلت عدداً منهم.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، والقناتان 12 و13، ووسائل إعلام إسرائيلية أخرى، إن أفراداً من الجيش والشرطة اشتبكوا مع نحو 40 مستوطناً وصلوا إلى قرية كفر مالك في رام الله، بعد أيام من وقوع حادثة عنف هناك، قُتل فيها فلسطينيون.

وقال ضباط كبار في الجيش للقناة 13 إن ما حدث يمثل «تجاوزاً للخطوط الحمراء». وأضافوا: «عملٌ عنيفٌ شمل أيضاً تخريب المركبات، ومحاولة دهس المقاتلين، وغير ذلك. هذا العنف ضد قوات الأمن التي تعمل ليلاً ونهاراً لحراسة وحماية سكان المنطقة أمر خطير وشائن. وهذا يحدث خلال السبت، للمرة الثانية خلال الأيام الأخيرة في منطقة قرية كفر مالك الفلسطينية».

وبدأت المواجهة عندما وصل الجنود الإسرائيليون لتفريق تجمع للمستوطنين، قدموا من بؤرة استيطانية جديدة أُقيمت أخيراً في المنطقة، قرب قرية كفر مالك، ورداً على ذلك، بدأ المستوطنون برشق القوات بالحجارة، وضربهم وخنقهم.

وقال جنود من كتيبة الاحتياط قدموا من قطاع غزة إنهم تعرَّضوا لاعتداء من المستوطنين، شمل الضرب والخنق والرشق بالحجارة. وكان من بين الجنود الذين تعرَّضوا للاعتداء قائد الكتيبة نفسه. وبالإضافة إلى ذلك، قام المستوطنون بثقب إطارات مركبات قوات الأمن.

وزعم المستوطنون أن المواجهة اندلعت بعد أن ترجَّل قائد الكتيبة من مركبته، وبدأ بإطلاق النار في الهواء، والصراخ عليهم وتهديدهم. وأوضح الجيش أنه تم إطلاق 3 طلقات تحذيرية في الهواء، بعد أن «خرجت» الحادثة عن السيطرة.

وفي اللقطات التي نشرها المستوطنون، يُسمع الجنود يأمرونهم برفع أيديهم والاستلقاء على الأرض. وفي أحد المقاطع، يُسمع المستوطنون وهم يوبخون الجنود بشدة ويستهزئون بهم، قبل أن يرد أحد الجنود: «اصمتوا! كم من الدمار أحدثتموه هنا في اليومين الماضيين».

فلسطينيون يشيعون فلسطينياً قتله المستوطنون في قرية كفر مالك بالضفة الغربية (أ.ب)

وفي حين أدان وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، الحادثة، ودعا سلطات إنفاذ القانون إلى التحرك فوراً للعثور على أي شخص لجأ إلى العنف، وتقديمه للعدالة، مناشداً الحاخامات وقادة المستوطنات إدانة أعمال العنف ورفضها بشدة، تعهَّد الجيش الإسرائيلي بأنه سيتصدى «بحزم لأي محاولة للإضرار بأفراد قوات الأمن»، وسيمنع «أي نشاط غير قانوني».

ورفض كاتس الهجوم على الجنود الذين «يحمون» المستوطنين من الفلسطينيين.

وجاءت الحادثة بعد يومين فقط من هجوم واسع نفَّذه المستوطنون في قرية كفر مالك ذاتها، وأدى إلى مقتل 3 فلسطينيين وإحراق منازل ومركبات.

وشارك في الهجوم أكثر من 100 مستوطن، وفقاً لمنظمة «يش دين» الحقوقية، التي قالت إن العنف وقع تحت أنظار الجنود الإسرائيليين الذين أيضاً انضموا للهجوم، وأطلقوا النار على الفلسطينيين في القرية.

وتعيش القرية اليوم ألم فقدان 3 من أبنائها، وذكريات ليلة مرعبة احترقت فيها المنازل والسيارات.

وارتفعت وتيرة الهجمات اليهودية على الفلسطينيين في الضفة، وأصبحت تتكرر في جميع أنحائها بشكل شبه يومي ودون عقاب يذكر.

وحاولت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن التصدي لعنف المستوطنين، عبر فرض عقوبات متزايدة ضدهم وضد قادتهم ومَن يدعمهم في الحكومة، إلا أن الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترمب ألغى العقوبات الأميركية في أول يوم له في منصبه مطلع هذه السنة.

ومع ذلك، أبقت الحكومات الأوروبية على هذه العقوبات، وفي وقت سابق من هذا الشهر، اتخذت بريطانيا خطوةً غير مسبوقة بفرض عقوبات على الوزيرين اليمينيين المتطرفين، بتسلئيل سموتريتش، وإيتمار بن غفير، مؤكدة أنهما كانا يوفران الدعم لهجمات المستوطنين.

وخلال مايو (أيار) الماضي، ارتكب المستوطنون 415 اعتداء بالضفة الغربية، وفق معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان (حكومية).

وقالت الهيئة إن الاعتداءات «تراوحت بين هجمات مسلحة على قرى فلسطينية، وفرض وقائع على الأرض، وإعدامات ميدانية، وتخريب وتجريف أراضٍ، واقتلاع أشجار، والاستيلاء على ممتلكات، وإغلاقات، وحواجز تقطع أواصر الجغرافيا الفلسطينية».

وقالت منظمة «يش دين»، في بيان، إن «العنف الذي يمارسه المستوطنون في الضفة الغربية يستمر ويزداد دموية يوماً بعد يوم تحت رعاية الحكومة وبدعم من الجيش. وهذا هو شكل التطهير العرقي».

وإضافة إلى كاتس والجيش، علق زعيم المعارضة يائير لبيد على الحادثة قائلاً: «إن المتطرفين الذين يهاجمون جنود الجيش الإسرائيلي الذين يحمون أمن دولة إسرائيل في هذه الأيام العصيبة، هم مجرمون خطيرون يساعدون أعداءنا. يجب على قوات الأمن تقديم الجناة للعدالة بسرعة».

وكتب رئيس «الحزب الديمقراطي»، يائير غولان، أن مثيري الشغب ضد الجنود لديهم أيضاً موطئ قدم حول طاولة الحكومة، مضيفاً: «أخطر تهديد وجودي لدولة إسرائيل لا يأتي من إيران أو اليمن، بل يأتي من الداخل».

ولاحقاً، سجَّلت الشرطة محاولة لإشعال النيران في نقطة تفتيش قريبة، ورصدت تهديدات بالانتقام.