
توصَّلت دراسة أميركية إلى أنّ وجود زميل فضولي ومتطفّل في مكان العمل لا يؤثّر في الراحة النفسية للموظفين فحسب، وإنما يؤدّي أيضاً إلى ارتفاع مستويات التوتر وانخفاض الأداء وتراجع التعاون بين الزملاء.
وأوضح الباحثون من جامعة بوسطن أنّ هذه الظاهرة المنتشرة في المكاتب، مثل الزملاء الذين يُلقون نظرات على شاشات الآخرين، أو يتطفّلون على الأحاديث الجانبية، أو يطرحون أسئلة شخصية غير مريحة، أصبحت الآن قابلة للقياس العلمي، وفق النتائج المنشورة، الخميس، في دورية «مجلة الأعمال وعلم النفس».
وضع الفريق تعريفاً علمياً دقيقاً لسلوك الفضول الزائد في بيئة العمل، من خلال التمييز بين «الفضول الاجتماعي» المقبول و«الفضول المتطفّل» الذي يُعدُّ انتهاكاً للخصوصية. وعُرِّف الفضول في العمل على أنّه «محاولات الموظّفين التطفّلية للحصول على معلومات خاصة من زملائهم خلال الدوام».
واعتمدت الدراسة على سلسلة من 4 تجارب، بدأت بمسح شمل 350 شاباً بالغاً حول ما يعدّونه فضولاً غير مقبول في بيئة العمل. ومن خلال ذلك، طُوّر مقياس جديد لسلوك التطفُّل الوظيفي، يُمكّن من التمييز بين الفضول المهني (المتعلّق بالعمل) والفضول الشخصي (المتعلّق بالحياة الخاصة).
ويشمل هذا المقياس سلوكيات مثل الأسئلة المتكرّرة حول الحياة الشخصية، والتلصُّص على الشاشات، والتنصُّت على الأحاديث، ونشر الشائعات.
ووفق النتائج، أشار نحو ثلث المشاركين إلى أنهم لاحظوا سلوكاً فضولياً من زملائهم مرّة واحدة أسبوعياً على الأقلّ، في حين ذكر آخرون أنهم يرونه بشكل شهري. اللافت أيضاً أنّ الموظفين الأصغر سنّاً أظهروا ميولاً أعلى نحو السلوك الفضولي مقارنة بكبار السنّ، ما قد يشير إلى اختلافات بين الأجيال في مفهوم الخصوصية والتفاعل الاجتماعي.
وعن تأثير الفضول الزائد في بيئة العمل، بيَّنت الدراسة أنّ الموظفين الذين يعملون في بيئات ينتشر فيها التطفّل يعانون مستويات توتّر أعلى، ويُظهرون أداءً وظيفياً أقلّ، كما تقلّ لديهم الرغبة في مشاركة المعرفة أو التعاون مع الزملاء، ممّا يُفسد أجواء العمل.
وأظهرت أيضاً أنّ الموظفين يستجيبون لسلوك التطفّل عن طريق تشديد حدود الخصوصية، مثل الامتناع عن الحديث أو إخفاء المعلومات، مما يؤدّي إلى نوع من العزلة داخل فرق العمل.
كما تبيَّن أنّ بيئات العمل التي تسودها روح التنافس الشديد ترتبط بارتفاع واضح في معدلات الفضول بين الزملاء. وأظهرت النتائج أنّ فضول المديرين بشأن الحياة الشخصية للموظفين يُضعف مشاعر «العدالة» في بيئة العمل، مما ينعكس سلباً على تفاعل الموظفين ورغبتهم في التعاون. ومع ذلك، عندما يُظهر المشرفون سلوكاً صادقاً وأصيلاً، فإنهم ينجحون في تقليل هذه الآثار السلبية وتعزيز بيئة عمل أكثر صحة واحتراماً.
وأكّد الباحثون أنّ هذه الدراسة توفّر فهماً أعمق لسلوك شائع يؤثّر سلباً في راحة الموظفين وإنتاجيتهم، مشيرين إلى أهمية تعزيز ثقافة عمل تحترم الخصوصية، وتُشجّع على القيادة الواعية التي توازن بين الاهتمام والدعم من دون التعدّي على الحدود الشخصية.