
الفايننشال تايمز: إعلان ترامب عن السلام يبدو أشبَه بالأماني
نشرت صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية مقالاً بعنوان “إعلان ترامب عن السلام يبدو أشبَه بالأماني”، للكاتب جدعون راخمن.
وعلّق راخمن على تسمية ترامب للحرب الأخيرة بين إيران وإسرائيل والولايات المتحدة باسم “حرب الأيام الاثني عشر”، قائلاً إنه يريد بتلك التسمية التدليل على شيئين: أوّلُهما أن الاقتتال قد توقف؛ والثاني أن هذه الحرب هي بمثابة نقطة فارقة ستُعيد تنظيم الشرق الأوسط- على غرار ما فعلت حرب الأيام الستة في عام 1967 والتي أنزلت فيها إسرائيل الهزيمة بكل من مصر وسوريا والأردن.
وتساءل الكاتب قائلاً: “ولكن، إلى أيّ مدى يمكن أن تصمُد هاتان الدلالتان، أو أيّ منهما؟ فلم تكد تمضي ساعات معدودة من إعلان ترامب عن وقف إطلاق النار، حتى اتهمت إسرائيل إيران بانتهاك القرار، متعهدة بردّ قويّ. وبدورِهِ، ردّ ترامب بتوجيه عبارات نابية لكلا الطرفين مُفادها الالتزام بوقف إطلاق النار”.
ورأى راخمن أن “إعلان ترامب عن السلام قد يكون من باب الأماني؛ ما يشير مُجدداً إلى أن الولايات المتحدة ليست مسيطرة على الأحداث في المنطقة”.
ونوّه الكاتب إلى أنه يمكن اعتبار وقف إطلاق النار إشارة على أن القتال تخِفّ حِدّته، لكنّه يمكن أيضاً أن يكون بمثابة “استراحة محارب” قبل أن يستأنف بعدها الخصمان القتال مجدداً، أكثر من كونه “بداية جديدة” كتلك التي يتحدّث عنها ترامب.
ولفت راخمن إلى أن دولة إيران قد تضرّرت بشدّة جراء تلك الحرب، لكنها لا تزال قائمة بمهامها.
“وبدلاً من أن تُغيّر هذه الحرب وجهة نظر القيادة الإيرانية للعالم، فإنها أكّدت فرضية هذه القيادة بأنّ إسرائيل والولايات المتحدة عدوّان خطيران للغاية”، وفقاً للكاتب.
ورجّح راخمن أن تسعى القيادة الإيرانية “نتيجة لذلك إلى إعادة بناء قوتها العسكرية ومشروعيتها بين الإيرانيين”.
ورأى الكاتب أن إعادة بناء البرنامج النووي والصاروخي الإيراني، وكذا شبكة الأذرُع الإقليمية ستكون “مَهمّة صعبة، لكنها ليست مستحيلة”.
ولفت راخمن إلى أن إيران الآن “لديها كل الدوافع للبحث عن طرق جديدة لردّ الضربات لإسرائيل”.
وخلُص الكاتب إلى أنه “ما لم يكن هناك تغييرٌ للنظام في إيران، أو تغيير جذري في طريقة التفكير، فإن النصر الظاهر لإسرائيل في حرب الأيام الاثني عشر لا ضمانة لتأمينه”.
“صحيحٌ أن هذه الحرب أظهرت قدرات عسكرية واستخباراتية إسرائيلية استثنائية، لكنها أظهرت كذلك أن إسرائيل لا تزال تعتمد على تدخُّل الولايات المتحدة لإنهاء المهمة”، وفقاً للكاتب.
ورأى راخمن أن إسرائيل والولايات المتحدة بحاجة إلى إيجاد طُرق بديلة لتأمين السلام في المنطقة، مُنبّهاً إلى أن ما تَستظْهِره إسرائيل من هيمنة إقليمية حالياً “سيظلّ إنجازاً واهياً بالنسبة لبلدٍ تَعدادُ سُكانه حوالي 10 ملايين نسمة يعيشون في منطقة يسكُنها مئات الملايين الآخرين”.
ولفت الكاتب إلى رغبة ترامب الواضحة في أن يذكره التاريخ كـ “صانع سلام”، فضلاً عمّا جرى على لسانه لاحقاً بشأن جدارته بجائزة نوبل للسلام.
ولفت راخمن إلى إنجازات ترامب، لا سيما في فترة رئاسته الأولى، والتي شهدت تطبيع العلاقات بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين والمغرب والسودان.
“لكنّ تطبيع العلاقات بين إسرائيل وإيران- اللتين خاضتا للتوّ حرباً ولا تزال كلّ منهما تناصب الأخرى العِداء الشديد- سيكون أصعب بشكل لا يُقارَن”، وفقاً للكاتب.
واختتم راخمن قائلاً إن “استدعاء ترامب ذكرى حرب الأيام الستة هو أمرٌ ذو حدّين: لا سيما وأنه في عام 1973، أي بعد تلك الحرب بست سنوات، وجدت إسرائيل نفسها مُجدداً في حرب أخرى ضدّ كل من مصر وسوريا”. (بي بي سي)
ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: