عدم هزيمة ايران انتصار.. وعدم انتصار إسرائيل وامريكا هزيمة.. وتدمير ناطحات السحاب في تل ابيب وحيفا هو دليلنا.. وهذا ردنا على أكاذيب ترامب ونتنياهو

عدم هزيمة ايران انتصار.. وعدم انتصار إسرائيل وامريكا هزيمة.. وتدمير ناطحات السحاب في تل ابيب وحيفا هو دليلنا.. وهذا ردنا على أكاذيب ترامب ونتنياهو

عدم هزيمة ايران انتصار.. وعدم انتصار إسرائيل وامريكا هزيمة.. وتدمير ناطحات السحاب في تل ابيب وحيفا هو دليلنا.. وهذا ردنا على أكاذيب ترامب ونتنياهو

عبد الباري عطوان

اذا اردنا ان نعرف من المنتصر ومن المهزوم في العدوان الأمريكي الإسرائيلي المشترك على ايران الذي استغرق 12 يوما، وانتهى بإتفاق امريكي سريع لوقف اطلاق النار، فيكفي التدقيق في تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وبنيامين نتنياهو، والقاء نظرة على تعبيرات وجهيهما وهما يلقيانها، والاستعانة بصور الدمار الشامل في المدن الفلسطينية المحتلة مثل تل ابيب وحيفا واسدود وعسقلان وبئر السبع.
نتنياهو بث خطابا لمدة عشرة دقائق جرى تصويره حتما على أبواب ملجأه تحت الأرض ادعى فيه انه حقق انتصارا تاريخيا على ايران، وأنها لن تحصل ابدا على سلاح نووية، واعدنا برنامجها النووي اعواما الى الوراء.
اما تابعه دونالد ترامب فقال ان الضربة الامريكية هي التي انهت الحرب الإيرانية الإسرائيلية بتدميرها الكامل للمنشآت النووية الثلاث في فوردو ونطنز وأصفهان، تماما مثلما فعلت في عام 1945 بقصف هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين، وإنهاء الحرب العالمية الثانية.
امتقاع وجه الرجلين، وحالة الإحباط الواضحة عليهما، ولغة جسديهما تقول العكس تماما، فالمنتصر يقيم سرداق الاحتفالات وتنهال عليه برقيات التهنئة من كل ارجاء الكرة الأرضية، ولم نلمح أي أثر لذلك، فالارتباك والمكابرة الكاذبة تقولان عكس ذلك، وتقدم 50 الف مستوطن إسرائيلي بطلبات تعويض من جراء تضررهم وبيوتهم من الحرب هو الدليل، لم نسمع ان نتنياهو تلقى برقية واحدة تهنئه بهذا النصر التاريخي حتى من الإسرائيليين أنفسهم في الداخل، ناهيك عن داعميه في العالم الغربي والمؤسسات اليهودية.

***

فعن أي انتصار تاريخي يتحدث نتنياهو وهو الذي لم يفرض الاستسلام على ايران، ولم يقلب، ويغير نظام الحكم فيها، ولم يقتل السيد علي خامنئي المرشد الأعلى، ولم يمنع وصول صواريخ فرط صوت الإيرانية والمتعددة الرؤوس الانشطارية الى تل ابيب وحيفا، وتوفير الحماية لأكثر من سبعة ملايين مستوطن انعزلوا عن العالم لإغلاق مطار اللد (بن غوريون) وعاشوا 12 يوما ليل نهار في الملاجئ وأنفاق القطارات.
ضربات ترامب على المنشآت النووية الإيرانية كانت مسرحية بهلوانية، لتوفير الذرائع لإنهاء الحرب، وإنقاذ إسرائيل من الهزيمة الكبرى، ووقف هروب الملايين من مستوطنيها الى ملاذات آمنة في الخارج، وحماية قواعدها وجنودها من قصف الصواريخ الايرانية وأذرعها الضاربة، والأهم من ذلك عدم إغلاق مضيق هرمز وتجنب أزمة طاقة عالمية تدمر العالم الغربي واقتصاده.
هذه هي الحرب الوحيدة التي لم تحسمها إسرائيل لصالحها ضد أي دولة عربية او إسلامية في ست ساعات، ولا في عشرة أيام مثل الحروب السابقة (حرب أكتوبر 1973)، وبمجرد دخول الحرب يومها الثاني عشر، زحفت الى أمريكا طالبة وقف إطلاق النار، وبأسرع وقت ممكن تقليصا للخسائر بعد استخدام صواريخ خيبر وفتاح المباركة.
عندما يفقد الرئيس ترامب اعصابه، من جراء تداول أجهزة اعلام بلاده وخاصة محطة الـ”سي ان ان” تقريرا استخباريا أمريكيا سريا يقول ان المنشآت النووية الإيرانية لم تعاني الا من خسائر ثانوية بسيطة، وبهاجم هذه الاجهزة بطريقة “سوقية” فهذا يشرح كل شيء، ويكشف كل الاكاذيب التي روّج ويروج لها حول النصر النهائي التاريخي في هذه الحرب.
طالما ان ايران ما زالت تملك 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة تفوق نسبة الستين في المئة، وأجهزة الطرد المركزي المتقدمة الي تصنعها وجرى تهريبها مبكرا، وعشرات الخبراء النوويين، فإنها تستطيع الوصول الى انتاج أسلحة نووية في غضون أيام، ونحن نستند هنا الى تصريحات مسؤولين أمريكيين أبرزهم انتوني بلينكن وزير الخارجية الصهيوني السابق، ولعل الغاء البرلمان الإيراني كل اتفاقات التعاون مع وكالة الطاقة الذرية الأممية المتواطئة مع العدوان هو دليل قوة، وليس دليل ضعف او استسلام، ويعكس نوايا قوية مستقبلية في تخصيب المزيد من اليورانيوم، وربما انتاج أسلحة نووية بعيدا عن عيون جواسيس هذه المنظمة.

***

من المؤكد ان ايران تكبدت خسائر مادية كبيرة بسبب هذه الحرب، فهي تواجه أمريكا الدولة الأعظم في التاريخ، ودولة الاحتلال الإسرائيلي المدعومة منها ومن حلف الناتو والتي انتصرت في جميع حروبها ضد العرب (باستثناء عملية طوفان الاقصى وصواريخ اليمن ومسيّراته، وصمود اهل القطاع الابطال ومقاومتهم أكثر من 620 يوما تقريبا)، ولهذا فإن عدم هزيمة ايران هو انتصار تاريخي مؤكد.
حربنا كعرب ومسلمين ضد اسرائيل المعتدية، حرب من عدة جولات، وما يميز الجولة الأخيرة الصواريخ الإسلامية المصنعة في ايران، وبعقول إيرانية وفشلت كل الدفاعات الجوية الإسرائيلية الامريكية الصنع في اعتراضها ومنعها من الوصول الى ناطحات السحاب في تل ابيب وحيفا، ومعهد وايزمان والعديد من مقرات المخابرات والجيش، وهذا يؤشر الى بداية قوية مثمرة ومختلفة، وان الجولات المقبلة ستكون أكبر وأكثر تأثيرا وحسما.. والأيام بيننا.

ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: