خالد الهواري: ايران وحوار الطرشان.. هل سنشاهد سفارات تحترق حول العالم

خالد الهواري: ايران وحوار الطرشان.. هل سنشاهد سفارات تحترق حول العالم

خالد الهواري: ايران وحوار الطرشان.. هل سنشاهد سفارات تحترق حول العالم

 
خالد الهواري
بطبيعة الحال لانتظار مصير مجهول قد يخرج فجأة عن زمام السيطرة، وقد يدفع الي مشاهدة سفارات تحترق حول العالم، وشوارع، وميادين الكثير من العواصم تنفجر بحناجر الشعوب مطالبة بسقوط الانظمة، وجيوش تقطع البحار والمحيطات لتمارس هواية القتل الشاذة، في ظل هذا الحزن الثقيل، والارهاق النفساني، والاحباط الانساني، الذي اصاب شعوب العالم جراء هذا التشاؤم السائد من تداعيات تنامي المخاطر التي يواجهها المصير الانساني بأكمله الان من كارثة تطور التكنولوجيا العلمية “النووية” التي تحولت من استخدامها الطبيعي كوسيلة لرفاهية الحياة في الطاقة الرخيصة البديلة، وتقديم طفرة في مجال الصحة، الي ادوات للقتل ونشر الدمار، والتهديد بمسح مدن بأكملها من سجلات التاريخ، ووسيلة وذريعة لتصفية الحسابات بين الانظمة السياسية، وسط هذا التيار المذهل من تحولات المصالح العالمية، وهشاشة التحالفات التي تسقط مصداقيتها في اول تجربة حقيقية علي ارض الواقع، ونشاهد في صدمة حركة خطواتها التي تسير في اتجاه واحد نحو سحب التاريخ الي عمق هاوية دوامة واسعة من الكوارث التي تجلبها الانظمة، والحكومات، التي تؤمن بسياسة الشعارات الملتهبة التي تؤدي بدون فائدة تذكر الي عدم الاستقرار، وتحدث كنتيجة طبيعية التغيرات العنيفة في حياة الشعوب، وتقدم صورة واضحة علي المصير النهائي للمستقبل الذي ينتظر هؤلاء الذين تحولوا الي وقود التعصب الراديكالي، والعنف الاقليمي، واغلاق الحدود المتجاورة، واستغلال الثروات القومية في معركة التنافس علي الزعامة.
 في وسط كل هذه المخاوف والكوارث التي تجتاح العالم، يمكن بكل بساطة لهؤلاء الذين يرفضون فتح اعينهم لمشاهدة الواقع بصورته الصحيحة بدون الرتوش المضللة التي ترسمها ريشة اجهزة الاستخبارات، ويرفضون الدعوة الصادقة المجردة من الاهواء لدعوتهم لمجرد محاولة اعادة احياء ضمائرهم، وان يتحملوا مسؤوليتهم تجاه الضحايا الذين يدفعون ثمن اساليب التفكير التي لم تعد تناسب الحقائق الجديدة التي فرضت نفسها على الواقع بقوة، يمكن لهؤلاء اختصار مناقشة الحقائق بالقول.
ان هذا العالم يواصل الانحراف عن طريق الصواب الي الفوضى والخراب، وان زوال اسرائيل من منطقة الشرق الاوسط هو الحل الامثل لحياة أفضل للشعوب، وتحميل اسرائيل مسؤولية الديكتاتورية السياسية، والطغيان الامني، والفقر الذي يدفع الشعوب للهجرة، والتخلف العلمي. انماط تقليدية في التفكير المتجمد المتعصب، تظهر بوضوح عدم اخلاقية الواقع لديهم في الشكل والمضمون، وصعوبة قدرتهم في التكيف مع الحقيقة، وتجعل دائما ادني محاولة ضرورية لتشريح الحالة السياسية العربية والاسلامية، تشريحا واقعيا دقيقا للوصول الي الجذور الفاسدة التي انتجت هشيم الحصاد الذي بين ايدينا الان، تصطدم بالنوايا السيئة لهؤلاء الذين تتغلب عليهم النزعة العقلية الانانية، ويعتبرون ان بداية الطموح لفكرة مناقشة فساد وخداع الواقع السياسي كفرا بالدين، ومخالفا للأوامر الالهية التي تمنح الحاكم المجبول من الطين حق القيام بوظيفة الله علي الارض .
 الاحداث الدموية في كل مكان، لم تعد تجعل وجود امكانية وجود خيارات كثيرة متاحة الان امام الشعوب التي تم التلاعب بأفكارها فرصة المشاهدة بحرية، والتأمل الصادق بواقعية في هذا المشهد المترجم للحقيقة التي تعمد ان يهيل عليها التراب اعداء الحقيقية لإخفائها في هذا المشهد الذي يعرض علي مدار الساعة علي شاشات اجهزة الاعلام، لتكوين وجهة نظر في الاسباب، والنتائج، والتداعيات، التي حذر منها الكثيرين من العارفين ببواطن الامور، وضاعت اصواتهم في ضجيج الفوضى، وحوار الطرشان، وقرع طبول التعتيم، واثارة دخان التخوين، والاتهامات بتمزق الهوية لإعماء الأعين، واسكات الاصوات لصالح الايديلوجيا، وصراع المذاهب بماكيناته الاعلامية العملاقة الدائرة ليل نهار علي جسد الشعوب، لكن مما لا شك فيه، ان اهم الظواهر التي تؤكد علي حتمية هذا المصير هي العزلة التاريخية الكاملة، والخروج من دائرة التاريخ التي تعاني منها الشعوب العربية والاسلامية المغلوبة علي امرها، والمتخلفة علميا، وتقنيا، وعسكريا بمؤامرات داخلية مقصودة، مما جعلها تفقد الرغبة الايجابية بالنهوض بأنفسها، واستعادة حقوقها، وحريتها، هي النتيجة الطبيعية للمؤامرة التي تعمد الكثيرين من السياسيين، والمفكرين العرب والمسلمين قصيري النظر، المتجاهلين لدعوة منح المستقبل فرصة اكبر للدراسة، والتأمل في عوامل تحول السلطة الكاملة، والقوة الكونية الي الاحادية الامريكية المطلقة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق، في التمسك بالترويج الحماسي الدائم الي ايران، بدون الاعتماد علي المعطيات العلمية، والمعلومات التي تعزز رؤيتهم علي انها تشكل ظهور قوة في الشرق الاوسط، قادرة علي تغيير مسيرة التاريخ، وحرف مؤشرات بوصلة القوة الي اعتابها، ولم يكن هؤلاء السياسيين، والاعلاميين الذين يتصدرون هذا المشهد الهزلي بدوافع ايدلوجية، او يمارسون وظيفة مدفوعة الآجر، اكثر من مجموعة من وارثي جينات الخداع الذي افضى منذ النصف الاول من القرن الماضي الى الهزائم المتوالية، ويعيشون بيننا في هذه المرحلة التاريخية الحضارية، التي تعتمد على العلم، والتكنولوجيا، وحسابات المصالح الدولية في وضع ثقافي ميؤوس منه بأدوات وادبيات الزمن القديم حيث تتراكم الذكريات الانسانية المروعة لانتهاك كرامة الانسان، وتجميد هوية المجتمعات لصالح الحاكم الذي كثيرا ما كان لا يتورع عن الدخول في حرب تاريخية بإسم الدين، والقومية، وشرعية انتقال السلطة بالوراثة للقضاء علي كرامة الشعب، واستنزاف الموارد الاقتصادية، وتحويل المجتمع الي جموع من العبيد بالترغيب بغض النظر عن الفساد الحكومي، وانتشار الرشوة، وانهيار القيم الاجتماعية تارة، والترهيب بالأدوات الامنية تارة اخرى .
كاتب مصري/ السويد

ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: