
أشاد الجمهوريون بالضربات التي وجهها الرئيس ترمب للمنشآت الإيرانية النووية في فوردو ونطنز وأصفهان، بينما بدأت الاعتراضات من المشرعين الديمقراطيين تزداد، بحجة أن الرئيس ترمب تصرف بشكل غير دستوري ولم يرجع إلى الكونغرس للحصول على تفويض باستخدام القوة العسكرية. وحذَّر البعض من رد الفعل الإيراني، وقدرة النظام الإيراني على القيام برد فعل انتقامي يفتح باب المخاطر على المصالح والمنشآت الأميركية والجنود الأميركيين في المنطقة، وعدَّه البعض تصعيداً خطيراً في منطقة الشرق الأوسط.
وأظهرت ردود الفعل المتلاحقة من الحزبين الانقسامات العميقة حول ما إذا كان ينبغي للولايات المتحدة الدخول في حرب جديدة في الشرق الأوسط، وتساؤلات حول مدى التورط الأميركي المتحمل في المنطقة، وحول سلطة ترمب في إصدار أوامر القصف دون موافقة الكونغرس.
وقد أعرب كبار الجمهوريين عن دعمهم للهجمات، وكتب رئيس مجلس النواب مايك جونسون الجمهوري عن ولاية لويزيانا على موقع «إكس»: «إن الإجراء الحاسم الذي اتخذه الرئيس يمنع أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم، والتي تهتف: (الموت لأميركا)، من الحصول على أشد الأسلحة فتكاً في العالم. هذه هي سياسة (أميركا أولاً) عملياً». وكتب السيناتور ليندسي غراهام، الجمهوري عن ولاية كارولاينا الجنوبية، على موقع «إكس» أيضاً: «جيد. كان هذا القرار صائباً. النظام يستحق ذلك».
وقال رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، روجر ويكر، الجمهوري عن ولاية ميسيسيبي، إن ترمب اتخذ «قراراً مدروساً وسليماً، للقضاء على التهديد الوجودي الذي يشكله النظام الإيراني». وأشاد السيناتور جون ثون، زعيم الأغلبية الجمهورية، بالضربة الأميركية، وقال إنها كانت ضرورية لكبح طموحات إيران في تطوير سلاح نووي. وأن النظام في إيران الذي التزم بـ«الموت لأميركا» ومحو إسرائيل من على الخريطة، رفض جميع السبل الدبلوماسية للسلام.
انتهاك للدستور
وأيد السيناتور جون فيترمان، الديمقراطي عن ولاية بنسلفانيا أيضاً الضربات، وهو الديمقراطي الوحيد الذي اتخذ موقفاً مخالفاً لبقية الديمقراطيين؛ حيث أعلن النائب توماس ماسي الجمهوري من كنتاكي على موقع «إكس»: «هذا غير دستوري». وكتب النائب جيم هايمز الديمقراطي من كونيتيكت على موقع «إكس»: «وفقاً للدستور الذي أقسمنا على الدفاع عنه، فإن اهتمامي بهذه المسألة يأتي قبل سقوط القنابل. نقطة على السطر». وقال هايمز في بيان إن الضربات تمثل انتهاكاً واضحاً للدستور، مضيفاً: «لا نعرف ما إذا كان هذا سيؤدي إلى مزيد من التصعيد في المنطقة، وهجمات ضد قواتنا، وسأواصل مراقبة الوضع من كثب وأطالب الإدارة بإجابات».
وعلَّق السيناتور بيرني ساندرز المستقل من فيرمونت على الضربات الأميركية لإيران، خلال تجمع انتخابي في تولسا، بأوكلاهوما، واصفاً إياها بأنها «غير دستورية تماماً» بعد أن هتف الحشد: «لا مزيد من الحرب»، بينما قال النائب جيم جيفريز الديمقراطي عن نيويورك، وزعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب: «لقد ضلل الرئيس ترمب البلاد بشأن نياته، وفشل في الحصول على إذن من الكونغرس لاستخدام القوة العسكرية، ويخاطر بتوريط الولايات المتحدة في حرب كارثية محتملة في الشرق الأوسط». وأضاف: «الرئيس ترمب يتحمل المسؤولية الكاملة والشاملة عن أي عواقب وخيمة قد تنجم عن عمله العسكري الأحادي».
وأشارت شبكة «سي إن إن» إلى أن الإدارة الأميركية أطلعت كبار الجمهوريين في الكونغرس قبل تنفيذ الضربات في إيران، ولم تخبر قادة الديمقراطيين.
حالة تأهب قصوى
ورفعت القواعد الأميركية في منطقة الشرق الأوسط حالة التأهب القصوى، تحسباً لرد فعل انتقامي من قبل إيران. وأشار مسؤولون بالإدارة الأميركية إلى أنه تم وضع إجراءات لحماية ما يقرب من 40 ألف جندي أميركي في المنطقة، متوقعاً رد إيران بطريقة ما باستخدام الطائرات من دون طيار رغم تدهور قدرات إيران.
من جانبهم، أقر المسؤولون الإيرانيون بتعرض مواقعهم النووية الثلاثة للهجوم، متوعدين بتهديد شامل للولايات المتحدة وإسرائيل. وقال «الحرس الثوري»: «الآن بدأت الحرب الحقيقية». في الأيام التي سبقت الضربة الأميركية على إيران، حذَّر المرشد الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي، من أن أي تدخل عسكري أميركي في صراعها مع إسرائيل «سيصاحبه بلا شك ضرر لا يمكن إصلاحه».
كيف سترُد إيران
ورجحت بعض المواقع الإيرانية والإسرائيلية أن تستهدف إيران مطار بن غوريون في إسرائيل، أو منصات الغاز أو المواني الإسرائيلية، مثل ميناء حيفا وميناء أشدود، والقواعد الجوية في نيفاتيم وحوروف وتل نوف، أو محطات توليد الطاقة وتحلية المياه، واستبعدوا أن تلجأ إلى استهداف 12 قاعدة عسكرية أميركية في دول الخليج العربي؛ خصوصاً أن تلك الدول أعلنت منذ البداية إدانتها للعدوان الإسرائيلي على إيران، وأي استهداف سيؤدي إلى استعداء دول الخليج. كما أبدى الخبراء مخاوفهم من إقدام إيران على تفخيخ مضيق هرمز أمام الملاحة البحرية، أو استهداف الأسطول الأوروبي الموجود بين الخليج والبحر الأحمر، وتشجيع جماعة الحوثي على الهجوم على السفن، ودفع البقية الباقية من الوكلاء إلى تنفيذ عملية نوعية ضد المصالح الأميركية والغربية، وهو ما قد يؤدي إلى ردود فعل أميركية واسعة، وانضمام الأوروبيين وحلف «الناتو» إلى التصدي لإيران.
ترمب يعلن تدمير فوردو
وفي خطوة مفاجئة، أعلن الرئيس ترمب، مساء السبت، أن الولايات المتحدة قصفت 3 مواقع نووية في إيران. وقال عبر موقع «تروث سوشيال» في الثامنة مساء بتوقيت شرق الولايات المتحدة، إن بلاده أكملت هجوماً «ناجحاً للغاية» في قصف المواقع النووية الثلاثة في إيران: فوردو، ونظنز، وأصفهان، وأعلن أن الطائرات الأميركية عادت بأمان إلى الوطن، وأشاد بالجيش الأميركي، مؤكداً أن المنشآت الثلاث «دمرت بالكامل» وأعلن أن هذا هو وقت السلام، كما حذر في منشور آخر من أن أي رد انتقامي من إيران ضد الولايات المتحدة سيقابل بقوة أكبر.
وفي خطاب مقتضب مساء السبت، استمر ثلاث دقائق ونصف دقيقة، من القاعة الشرقية بالبيت الأبيض، هدد الرئيس الأميركي باستمرار الهجمات الأميركية على إيران إذا «لم يتحقق السلام سريعاً». وقال محاطاً بنائبه جيه دي فانس، ووزير الدفاع بيت هيغسيث، ووزير الخارجية ماركو روبيو: «كان هدفنا تدمير قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم، ووقف التهديد الذي تشكله الدولة الأولى الراعية للإرهاب في العالم. والليلة أستطيع أن أبلغ العالم بأن الضربات كانت نجاحاً عسكرياً باهراً» وأضاف محذراً إيران من أي رد فعل انتقامي، ومطالباً بأن تستجيب لدعوة السلام: «لا يمكن أن يستمر هذا الوضع، إما أن يتحقق السلام وإما تقع مأساة لإيران أكبر بكثير مما شهدناه خلال الأيام الثمانية الماضية».
وكان البيت الأبيض قد أعلن يوم الخميس أن ترمب سيتخذ قراراً بشأن قصف إيران في غضون أسبوعين، ولكن قاذفات «بي 2» بدأت عبور المحيط الهادئ بعد ظهر السبت. وأفادت عدة وسائل إعلامية أميركية بأنه تم استخدام 3 قاذفات «بي 2» في الهجوم على منشأة فوردو، حملت كل واحدة من هذه القاذفات اثنتين من القنابل الخارقة للتحصينات الضخمة «GBU-57» بإجمالي 6 قنابل تم إسقاطها على فوردو، كما تم إطلاق 30 صاروخاً من طراز «توماهوك» على نطنز وأصفهان.
وأشارت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن عدة قاذفات من طراز «بي 2» تابعة لسلاح الجو الأميركي قد أقلعت من قاعدة وايتمان الجوية في ميسوري، وتوجهت عبر المحيط الهادئ إلى قاعدة غوام الأميركية، وتزودت بالوقود خلال الرحلة التي جرت دون توقف. ونشر البيت الأبيض صوراً للرئيس ترمب في غرفة العمليات وبجواره نائبه جيه دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الدفاع بيت هيغسيث، ومدير وكالة المخابرات المركزية جون راتكليف، ورئيسة موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز، ورئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال دان كين.
وقبل الضربات الأميركية، شنت إسرائيل موجة من الغارات الجوية على مواقع صواريخ في إيران، وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه أرسل 30 طائرة مقاتلة لضرب البنية التحتية العسكرية في منطقة الأهواز جنوب غربي إيران، وهي التي تحتوي مواقع لمنصات إطلاق الصواريخ والرادارات. ومن المقرر أن يعقد وزير الدفاع بيت هيغسيث ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال دان كين مؤتمراً صحافياً بشأن الضربات، الساعة الثامنة صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة، يوم الأحد.