
إسرائيل أبكت مستشفيات غزة.. فأبكتها إيران
د. بسام روبين
عندما يغيب الضمير الإنساني، وتختزل القيم الدولية إلى مجرد أداة في يد القوى العظمى، يصبح الصراخ واجبا، ليس تعبيرا عن الغضب فحسب، بل شهادة على جرائم ترتكب في وضح النهار، وتوثيقا لدموع الأبرياء التي تسيل بلا ذنب ،
فإسرائيل لم تعد قادرة على إخفاء حقيقتها ككيان إحتلالي لا يعرف معنى الحدود بين الجندي والطفل، ولا بين الثكنة العسكرية وسرير المستشفى ، لقد حولت غزة إلى ساحة مفتوحة للقصف، وأفرغت ترسانتها في صدور العزل، متعمدة تدمير المستشفيات كمشهد مأساوي يكمل فصول التطهير العرقي.
إنها جرائم ممنهجة ،
فما حدث في مستشفيات غزة ليس زلة عسكرية، بل سياسة محكمة لسحق إرادة شعب ، صامد منذ سبعين عاما. فكيف يبرر الإحتلال قصفه لأقسام الولادة والعناية المركزة؟ وبأي منطق يقنع العالم أن طفلا تحت الأنقاض يشكل تهديدا أمنيا؟
لكن الأكثر إيلاما من الصواريخ ، هو الصمت الدولي المريب، والتواطؤ العربي المخزي، الذي يمنح الجلاد شرعية الإستمرار ، فالعالم يرى دماء الفلسطينيين رخيصة، بينما نرى محاسبة إيران على ردها المشروع ضد إسرائيل جريمة فهي بالأصل دفاعا عن النفس ، لكنها
لم تكن كأي ضحية، فقد أجبرت الكيان الصهيوني على تذوق كأس المرارة ذاتها، حين إستهدفت أكبر مستشفيات بئر السبع، فجعلت دموع الإسرائيليين والإسرائيليات تسيل كما سالت دموع أطفال غزة، فردة الفعل الإيرانية كشفت هشاشة الكيان، وعري قيادته المتطرفة التي أوصلته إلى حافة الإنهيار.
وما تصريح بن غفير المذعور بمنع الجزيرة من البث إلا إعترافا صريحا بالهزيمة وكأنه يطلب عدم إظهار عوراته ، لكن العار لا يخفى، والحق لا يدفن .
وأختم من عمان، التي لم تقصر مع أبرياء غزة فأرسلت لهم المستشفيات والمساعدات قدر المستطاع بينما في قلبي غصة تزداد كلما رأيت مستشفيات غزة تتحول إلى مقابر، وطبيبا يقتل وهو ينقذ أرواحا، لذلك لن تموت غزة، ولن تنطفئ جذوة المقاومة في الوعي العربي.
لذا أقول لكل من يملك قلما، أو قرارا، أو حتى دمعا ، لا تكن شريكا في الجريمة بصمتك ،
ولا تبرر للقاتل، فالتاريخ سيسجل، والدم سينتقم ، وغزة لن تسقط ، وإن سقطت كل المستشفيات، فكرامتها باقية.
فإسرائيل أرادت أن تبكي غزة ، فبكت هي مؤخرا، وإن طال الليل، فالفجر آت ، وإنني أستغرب غباء الشعب الإسرائيلي الذي يسمح للمتطرفين بقيادته والسير به الى الهلاك فلعلنا نشهد صحوة متأخرة توقف نتنياهو والمتطرفين عن جرائمهم ليعيشوا بسلام .
عميد اردني متقاعد
ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: