
البروفسور الموريتاني محمدو ولد أميين يهدي جائزته كاملة لفلسطين ويهاجم “الغطرسة الصهيونية” والتخاذل العربي
نواكشوط ـ “راي اليوم”:
في خطوة إنسانية نادرة وموقف ثقافي عميق الدلالة، أعلن البروفسور محمدو ولد أميين، أحد أعلام الفكر والبحث الأكاديمي في موريتانيا، عن تبرعه بكامل القيمة المادية للجائزة التي حصل عليها من “ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي”، والبالغة 10 آلاف دولار أمريكي، لصالح أطفال غزة، تضامنًا مع الشعب الفلسطيني، واحتجاجًا على ما وصفه بـ”وحشية الاحتلال الصهيوني، وتواطؤ النظام الغربي، وصمت وتخاذل العالمين العربي والإسلامي”.
“هدية مستحقة لأهلنا الصامدين”
وفي كلمته القوية التي ألقاها خلال حفل التكريم الذي أقيم في العاصمة نواكشوط ضمن فعاليات الدورة الرابعة من الملتقى، قال البروفسور: “ما القيمةُ الماديةُ لهذا التكريم؟ فإنني أقدّمها هديةً مستحقةً أيضًا لأهلنا الصامدين الصابرين في فلسطين، لضحايا البطش، ضمائدَ ومهدئاتٍ، تُسهم في شراء الخبز والحليب وربما قطعة حلوى لأطفال غزة المحاصَرين، عسى أن تُخفف عنهم بعض ما يلاقونه من همجية الاحتلال، ووحشية المجرمين الصهاينة والأمريكيين، وصمت وتخاذل العرب والمسلمين.”
وأضاف في نبرة مشحونة بالأسى والاحتجاج:
“فتمليه المعاناة التي يعيشها أهلنا في فلسطين، حيث التنكيل والقتل والتشريد والتجويع، خاصة في غزة المغتصبة، على أيدي آلة القتل والتدمير الصهيونية، بدعم مباشر من القوى الغربية، وتحت أنظار صامتة من العالم العربي والإسلامي.”
“الغطرسة الصهيونية تهدد المنطقة”
وتابع ولد أميين في خطابه، محذرًا من عواقب الصمت العربي والإسلامي: “هذه الغطرسة الصهيونية والتخاذل العربي والإسلامي اللذين عانت وتعاني منهما فلسطين السليبة، يهددان الآن دولًا شقيقة، كإيران، وقد يلحق ضررهما لاحقًا بدول عربية وإسلامية أخرى، ما لم يتم التصدي لهما بوعي وجرأة ومسؤولية.”
“هذا التكريم يجدد الألم قبل الفرح”
وفي حديثه عن وقع التكريم عليه، أوضح البروفسور أن الإحساس الأول الذي انتابه لم يكن شعورًا بالفرح، وإنما تأمل مؤلم في الواقع العربي الراهن، وبخاصة في فلسطين، مضيفًا: “هو تكريمٌ يأتي في لحظة يخجل فيها المثقف أن يتلقى جائزة والدم يُراق، والطفل يُذبح، والخبز يُمنع، والماء يُقطع عن الأبرياء، تحت حصار خانق وغارات همجية.”
أما على المستوى الشخصي، فقد استعرض الدكتور محمدو ولد أميين محطات من مسيرته الأكاديمية الممتدة على مدى أكثر من أربعة عقود، حيث قال: “لقد كان ثمرة هذه الرحلة العلمية ما يزيد على ثلاث وسبعين دراسة منشورة، فردية أو جماعية، ضمن كتب أو مجلات علمية محكمة. وقد شاركت بمداخلات في ندوات داخل موريتانيا وخارجها، ونسجتُ علاقات علمية وثقافية مع جامعات ومراكز بحث وتوثيق في أربع وستين مدينة حول العالم.”
وأضاف: “ساهمتُ في تأطير وتكوين آلاف الطلاب، والإشراف على مئات رسائل المتريز والليسانس، والعشرات من بحوث الماستر وأطروحات الدكتوراه، وهو جهد لا أعتبره خاصًا بي، بل نتاج مؤسسة تعليمية وشراكات علمية ممتدة وعابرة للقارات.”
“ثقافة حية، لا محايدة”
وقد لقيت هذه المبادرة إشادة واسعة في الأوساط الثقافية والأكاديمية، واعتُبرت نموذجًا نادرًا في ربط الفعل الثقافي بالضمير الإنساني. وقال أحد الحضور: “ما فعله البروفسور ولد أميين ليس مجرد موقف رمزي، بل فعل ثقافي من طراز رفيع، يذكّرنا بأن الكلمة التي لا تقف مع الضحايا تتحول إلى ترف لغوي لا معنى له.”
وكان ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي قد كرّم خلال هذه الدورة عددًا من الشخصيات العلمية والثقافية الموريتانية، عرفانًا بإسهاماتها في تطوير المشهد الثقافي العربي، وتعزيز قيم المعرفة والانتماء.
ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: