
سلسلة منشورات حصرية.. مذكّرات الحرب الإسرائيلية – الإيرانية
إعداد وتحرير: زياد المجالي
في لحظةٍ فاصلةٍ من تاريخِ الشَّرقِ الأوسط، وبينَ السَّماءِ المُشتعِلةِ فوقَ طهران وتل أبيب، وبينَ صمتِ العواصمِ وصَخَبِ الميدان، بدأنا نُوثِّقُ هذه الحربَ المُتفجِّرةَ لحظةً بلحظة.
هذهِ السِّلسلةُ ليستْ مجرَّدَ رصدٍ للأحداث، بل قراءةٌ عميقةٌ في يوميَّاتِ الصِّراع، وتحليلٌ لأبعادِهِ السياسيَّةِ والعسكريَّةِ والدوليَّة، من قلبِ المواجهة، وبعينٍ لا تغفلُ عن التَّفاصيل.
من القصفِ إلى القِمم
من الغرفِ المُغلقةِ إلى حدودِ الانفجار
من التَّصريحاتِ إلى التَّحرُّكات
كلُّ شيءٍ هنا… مُوثَّقٌ، مُترابطٌ، مُتسلسل.
مذكّرات الحرب – 18 يونيو 2025
ليسَ يومًا عاديًّا في سجلّ الشَّرقِ الأوسط، بل محطَّةٌ فاصلةٌ تترنَّحُ عندها مَوازينُ الرَّدع، وتُختبَرُ فيها حدودُ القوَّةِ والصَّبرِ والمصالحِ الدَّوليَّة.
مشهدٌ مُركَّبٌ ومُتداخل رسمته إيران وإسرائيل، تشابكت فيه أذرُعُ السِّياسةِ والسِّلاحِ والدبلوماسيَّة، في حربٍ مفتوحةٍ على أكثرَ من جبهة: في الجوّ، في البرّ، على الشَّاشات، وفي أعماقِ الغُرفِ المُغلقة.
إيران: العُزلةُ والتَّهديد
معَ ساعاتِ الفجر، صعَّدت إيران لهجتَها، مهدِّدةً باعتبارِ أيِّ تدخُّلٍ أمريكيٍّ في المواجهةِ مع إسرائيل “إعلانَ حربٍ شاملة”. تزامنَ هذا مع تحرُّكاتٍ عسكريَّةٍ إيرانيَّةٍ شملت استعداداتٍ لضربِ قواعد أمريكيَّةٍ في العراق، وإشاراتٍ متكرِّرةٍ إلى إمكانيَّةِ زرعِ ألغامٍ في مضيقِ هُرمُز – شِريانِ الطَّاقةِ العالميّ.
في الدّاخل، لم يكن المشهدُ أقلَّ توتُّرًا. فرضت الحكومةُ الإيرانيَّةُ حجبًا شبهَ كاملٍ على الإنترنت – بنسبةٍ تجاوزت ٩٧٪ – بذريعةِ “التَّهديدات الأمنيَّة”، مع تَعرُّضِ المواطنين لمُحتوىً مُضلِّلٍ ومراقبةٍ رقميَّةٍ مشدَّدة.
تمَّ إغلاقُ سجن إيفين الشَّهير، وسطَ إجراءاتٍ أمنيَّةٍ صارمة، في إشارةٍ إلى خشيةِ طهران من اضطراباتٍ داخليَّةٍ تُواكبُ التَّهديداتِ الخارجيَّة. إسرائيل: الضَّربةُ الاستباقيَّةُ والمواجهةُ الواسعة
في المقابل، بدأت إسرائيل هجومًا جوِّيًّا واسعَ النِّطاق وُصِفَ بأنَّه الأكبرُ منذُ سنوات.
نحوَ ٥٠ طائرةً مقاتلة اخترقت الأجواءَ الإيرانيَّة، واستهدفت منشآتٍ يُعتقَد أنَّ لها علاقةً بتطوير أجهزةِ طردٍ مركزيٍّ ومواقعَ صاروخيَّة، ضمن ضربةٍ مركّزةٍ ضدَّ البرنامجِ النَّوويِّ الإيراني.
وجاءَ ردُّ طهرانَ سريعًا: ٤٠٠ صاروخٍ باليستيٍّ أُطلِقت نحو العمقِ الإسرائيلي.
ورغمَ فاعليَّةِ “القُبَّة الحديديَّة” التي أسقطت الغالبيَّة، فإنَّ ٢٠ صاروخًا أصابت مناطقَ مدنيَّة، مما أسفرَ عن مقتلِ ٢٦ شخصًا وجَرحِ أكثرَ من ٥٠٠ آخرين.
العالم: بينَ النَّار والدبلوماسيَّة
ومع تَصاعدِ الدُّخان، تحرَّكت العواصم الكبرى.
الولايات المتَّحدةُ بدتْ مُتردِّدةً، حيثُ قال الرَّئيس دونالد ترامب: “قد نشارك، وقد لا نشارك.”
لكنَّ حاملتَي الطَّائرات “نيميتز” و”فورد” تحرَّكتا باتجاهِ شرقِ المتوسِّط، في استعراضِ قوَّةٍ غيرِ مُباشر.
من جهتها، نفَّذت الهند عمليَّة إجلاء طارئة تحت اسم “سِندهو”، أخلت خلالها ١١٠ من رعاياها من إيران، خوفًا من تفاقمِ الأزمة.
وفي جنيف، دعا وزراء خارجيَّة بريطانيا وفرنسا وألمانيا إلى مبادرةِ وساطةٍ عاجلة، تهدفُ إلى احتواءِ التَّصعيد قبل أن ينفلتَ الوضع.
وفي منتدى سان بطرسبرغ الاقتصادي، طرح الرَّئيس الروسي فلاديمير بوتين مبادرةً للوساطة، تدعو إلى برنامجٍ نوويٍّ سلميٍّ يُرضي إسرائيل، ويمنح إيران حقَّ التَّخصيب تحت إشرافٍ دوليٍّ صارم.
حربٌ على المَنابر
حتى في قاعاتِ الدبلوماسيَّة، لم تغبْ نيرانُ المواجهة.
في اجتماعِ المنظَّمة البحريَّة الدَّوليَّة، تبادلت إيران وإسرائيل اتِّهاماتٍ حادَّة حولَ تهديدِ الملاحة في الخليجِ وبحرِ العرب، ما وسَّع نطاقَ الحربِ من العسكرةِ إلى التَّحشيدِ الإعلاميّ والدَّوليّ.
المشهد الكامل في يومٍ واحد: إيران إسرائيل العالم
تهديداتٌ بحربٍ شاملة، انقطاعُ الإنترنت، قمعٌ داخلي غارات بـ50 طائرة، 400 صاروخ، 26 قتيلًا ترامب متردِّد، أوروبا تتحرَّك، روسيا تعرض وساطة
خاتمة: مَن يُوقِف الزَّحف؟
في هذا اليوم وحده، كُتِبت فصولٌ من حربٍ لم تُعلَن رسميًّا بعد، لكنَّها حيَّةٌ في كلِّ تفصيلة:
في صاروخٍ ينطلق، وفي سفارةٍ تُخلي رعاياها، وفي حجبٍ يُسكت الشعوبَ عن قولِ الحقيقة.
إنَّ خُيوط الحروبِ الحديثةِ مُتشابكة: لم تعُد تُدار فقط بالبارود، بل أيضًا بالشَّاشات، والتَّصريحات، وتحوُّلاتِ المصالح الكبرى.
ويبقى السُّؤال الكبير مُعلَّقًا في سماءِ ١٨ يونيو التي لم تغرب بعد:
هل نعيش اللحظاتِ الأولى من حربٍ إقليميَّةٍ شاملة، أم مجرَّد صراعٍ مُؤقَّت يعيد الجميع إلى طاولة الشروط الصَّلبة؟
ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: