
في وقتنا الحالي، أصبحت ألعاب القتال ثنائية الأبعاد معيارًا أساسيًا في صناعة ألعاب الفيديو، وقد رسخت سلسلة Mortal Kombat مكانتها كعملاق فيها، وقد اتخذ المطور Midway في احدى السنوات، خطوة جريئة في خوض تجربة جديدة في عالم السلسلة مع إصدار Mortal Kombat Mythologies: Sub-Zero في عام 1997.
لم تكن هذه مجرد لعبة جانبية عابرة، بل كانت محاولة طموحة لتقديم قصة ملحمية لشخصية محورية في السلسلة، وهي شخصية المحارب الجليدي Sub-Zero من عشيرة لين كوي (Lin Kuei)، وفي قالب جديد يجمع بين الأكشن والمغامرات، ووعلى الرغم من طموحها وتقديمها لعناصر فريدة في عالم مورتال كومبات، إلا أن اللعبة لم تنل التقدير النقدي والجماهيري الذي كانت تطمح إليه، لتنضم إلى قائمة الألعاب الجانبية المظلومة في السلسلة، رغم أنها نجحت في تقديم قصة ومغامرات تستحق المزيد من الاهتمام.
رحلة Sub-Zero: احدى القصص المظلمة في عوالم مورتال كومبات
لم تكن Mortal Kombat Mythologies مجرد لعبة قتال أخرى، فقد كانت قصة ملحمية تركز على المحارب Sub-Zero، أحد أكثر شخصيات السلسلة غموضًا وربما شعبية، وتدور أحداث اللعبة حول سعيه للحصول على تميمة قديمة بتكليف من الكاهن الشرير Quan Chi.
هذه الرحلة الخطيرة للغاية، والت قبل بها ساب زيرو، أخذته عبر عوالم متنوعة ومخيفة مليئة بالمخاطر، من معابد مهجورة وأراض قاحلة إلى أعماق Netherrealm نفسها، وخلال رحلته، يواجه Sub-Zero العديد من الأعداء ويلتقي العديد من الشخصيات المعروفة في عالم مورتال كومبات، وقد كشفت مغامرته عن جوانب خفية في القصة للسلسلة، وقدمت نظرة أعمق على دوافع هذه الشخصية وخلفيتها الدرامية.
تحول في أسلوب اللعب من الحلبة إلى المغامرة
اتخذت Mortal Kombat Mythologies: Sub-Zero منعطفًا جذريًا عن أسلوب القتال ثنائي الأبعاد الذي اشتهرت به السلسلة، وبدلاً من ذلك، قدمت أسلوب لعب جريء للغاية يعتمد بشكل أساسي على التنقل الحر في بيئات ثلاثية الأبعاد، حيث يواجه المحارب الجليدي العديد من الأعداء في وقت واحد، وقد تغيرت ديناميكية القتال المعهودة.
لم يقتصر الأمر على تغيير أسلوب اللعب فقط، بل أولت اللعبة اهتمامًا خاصًا بالجانب السردي، حيث سمحت للاعبين باستكشاف دوافع Sub-Zero وخلفيته بشكل أعمق من خلال المشاهد السينمائية والحوارات داخل اللعبة، وإن كانت لم ترتقي للمستوى المطلوب في إخراجها.
بالإضافة إلى ذلك، أضافت اللعبة طبقة جديدة من التحدي من خلال دمج عناصر المغامرة وحل الألغاز المعقدة للغاية وتجنب الفخاخ المميتة، حيث تطلبت بعض المواقف من اللاعبين التفكير مليًا والبحث بشكل دقيق في بيئة اللعبة بعناية للتفاعل معها بشكل صحيح وفتح مسارات جديدة للتقدم، بل وصل الأمر أحيانًا الى اختيار جزء من الثانية لتجاوز فخ أو مكان معين.
ولم يقتصر أسلوب قتال Sub-Zero في هذه المغامرة على حركاته القتالية الأساسية المميزة، بل تم تزويده بمجموعة من الحركات الخاصة الجديدة والمميتة وإن كان إستخدامها “بعناية” مع جمع عناصر سحرية هامة، بالإضافة إلى إمكانية استخدام بعض الأسلحة التي كان يجدها في طريقه، والتي نجحت في إضافة تنوع إلى المواجهات.
وعلى الرغم من أن اللعبة لم تقدم نظام تطوير شخصية معقدًا بالمعنى التقليدي، إلا أن Sub-Zero كان يكتسب قدرات جديدة وحركات خاصة كلما تقدم اللاعب في القصة، وهو ما منح شعورًا بالتطور والتقدم، فقد واجه بطل اللعبة في رحلته جنود مجهولين ووحوش ومقاتلين وآلات والعديد من الأعداء، وصولًا إلى شخصيات معروفة من عالم مورتال كومبات والتي ظهرت كزعماء في نهاية بعض المراحل.
ألغاز صعبة للغاية وأجواء مريبة
تميزت Mortal Kombat Mythologies: Sub-Zero بألغازها التي كانت تعتبر صعبة للغاية، والتي تطلبت حل هذه الألغاز صبرًا كبيرًا وملاحظة دقيقة لأدق التفاصيل في البيئة المحيطة، وغالبًا ما كان الحل يتطلب التجربة والخطأ عدة مرات، بل عشرات المرات بالإضافة إلى ذلك، تميزت بأجواء فريدة ومميزة تميل إلى الغموض والريبة، وقد ساهم في ذلك القصة المظلمة، وتصميم المراحل الكئيب، والموسيقى التصويرية المؤثرة، حتى صعوبة الألغاز كانت تزيد من الشعور بالضياع وعدم فهم ما يدور حولك.
أحيانًا، كان اللاعبين يفقدون البوصلة تمامًا في القصة، ويضطرون الى إعادة اللعبة من جديد بعد أن علقوا في مكان معين دون استطاعتهم التقدم، والفكرة هنا أن اللعبة دقيقة للغاية، وتحتاج كما ذكرنا الى التدقيق في بيئة اللعبة، والأماكن السرية، وحتى المفاتيح والعناصر السرية.
لماذا ظُلمت Mortal Kombat Mythologies: Sub-Zero؟
على الرغم من طموحها، عانت اللعبة من عدة مشاكل أدت إلى تقييمات متوسطة إلى سلبية، وهو أمر محخبط للغاية جعل المطور يبتعد تمامًا عن التفكير بإعادة تطوير جزء جديد، حيث اشتكى العديد من اللاعبين من التحكم في شخصية Sub-Zero بسبب أنه بطيء وغير دقيق، وكل ما الأمر أن اللعبة تحتاج الى بعض الوقت للاعتياد عليها.
هذا الأمر، جعل التنقل والقتال محبطًا، حيث كانت العديد من المراحل معقدة وغير واضحة الوجهة، وقد أدى ذلك إلى ضياع اللاعبين والسقوط المتكرر، وإعادة اللعبة من جديد أحيانًا كما أشرنا سابقًا، وكانت اللعبة بالمجمل العام صعبة للغاية في بعض الأحيان، وهو ما أدى إلى تكرار الموت بشكل محبط.
وبالمقارنة بألعاب أخرى في نفس الفترة، بدت الرسومات والرسوم المتحركة أقل جودة، وأخيرًا، لم يتقبل بعض محبي Mortal Kombat هذا التحول في أسلوب اللعب، وتمت مهاجمتها بشكل مبالغ فيه.
ألعاب Mortal Kombat الجانبية المظلومة الأخرى:
لم تكن Mortal Kombat Mythologies: Sub-Zero الوحيدة التي حاولت تقديم تجربة مختلفة في عالم مورتال كومبات ولم تنل التقدير الكافي، بل هناك ألعاب جانبية أخرى امتلكت قصصًا ومغامرات تستحق الذكر، وأهمها..
-
Mortal Kombat: Special Forces (2000)
لعبة أكشن ومغامرات ثلاثية الأبعاد أخرى صدرت على PlayStation و Dreamcast، وركزت على شخصية Jax. عانت أيضًا من مشاكل في التحكم والكاميرا والتصميم.
-
Mortal Kombat: Shaolin Monks (2005)
ربما تكون هذه اللعبة هي الأكثر استحسانًا بين الألعاب الجانبية، وهي لعبة Beat ’em up تعاونية تركز على رحلة Liu Kang و Kung Lao خلال أحداث Mortal Kombat II. قدمت أسلوب لعب ممتعًا وقصة مثيرة، لكنها ربما لم تحصل على نفس القدر من الاهتمام مثل الألعاب القتالية الرئيسية.
-
Mortal Kombat: Armageddon Konquest Mode (2006)
على الرغم من أنها جزء من لعبة القتال الرئيسية Armageddon، إلا أن وضع Konquest قدم قصة مغامرة واسعة النطاق مع شخصية Taven واستكشاف عوالم مختلفة في عالم مورتال كومبات. غالبًا ما يتم تجاهل هذا الوضع عند الحديث عن اللعبة الرئيسية.
-
Mortal Kombat vs. DC Universe Story Mode (2008)
على الرغم من أنها لعبة قتال كروس أوفر، إلا أن وضع القصة قدم سردًا طموحًا يجمع بين عالمي Mortal Kombat و DC Comics، لكنه تلقى تقييمات متباينة.
التقييمات لا تنصف دائمًا ولكل منا ذوقه الخاص
في نهاية المطاف، تعلمنا من تجربة لعبة Mortal Kombat Mythologies: Sub-Zero وغيرها من الألعاب المظلومة أن التقييمات، سواء جاءت من النقاد أو حتى من انطباعات اللاعبين الأولية، قد لا تعكس دائمًا القيمة الكاملة أو التأثير الدائم للعبة.
ففي بعض الأحيان، قد تحجب المشاكل التقنية أو الاختلاف في أسلوب اللعب عن الجمهور جوهر التجربة الفريدة أو الطموح الذي قدمته اللعبة، وبسبب الهجوم العاطفي المبالغ فيه، ابتعدت السلسلة عن تحويل هذه السلسلة الشهيرة الى المغامرة القصصية الحرة، كما شهدنا في الألعاب التي تطرقنا إليها.
شخصيًا، على الرغم من اعترافي بصعوبة التحكم والإحباط الناتج عن بعض الألغاز، إلا أن الأجواء الغامضة والمريبة التي غلفت رحلة Sub-Zero، والرغبة في استكشاف قصة شخصية محبوبة بعمق أكبر، تركت بصمة مميزة في ذاكرتي، فلقد كانت تجربة مميزة للغاية في عالم مورتال كومبات وأرغب بشدة لو حصلت على فرصة من أجل عمل ريميك، بدلًا من أجزاء القتال المتكررة والمبتذلة.
حتى وإن كانت لعبة بمستوى تعجيزي من صعوبتها، وأنا أقدر المحاولة الجريئة لتقديم شيء مختلف، ولكن هذه الألعاب المظلومة تذكرنا دائمًا بأن لكل منا ذوقه الخاص وتجاربه الفريدة، وأن بعض الروائع قد تحتاج إلى وقت أو نظرة مختلفة لتُكتشف وتُقدر حق قدرها.
أنتم متابعينا الأعزاء.. هل تتذكرون هذه المغامرة المثيرة؟