
تصعيد متبادل بين إسرائيل وإيران وترامب يريد “نهاية حقيقية” للنزاع
طهران-(أ ف ب) – أعلنت إسرائيل الثلاثاء استهداف مواقع عسكرية في غرب إيران بعد ساعات من تأكيد الأخيرة أنها أطلقت صواريخ ومسيّرات نحو مواقع في الدولة العبرية بينها مقر جهاز الموساد، في خامس يوم من المواجهة غير المسبوقة التي قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه يريد “نهاية حقيقية” لها وليس مجرد وقف لإطلاق النار.
وبعد الظهر، انطلقت صافرات الإنذار في تل أبيب وفي شمال إسرائيل إثر رصد الجيش صواريخ إيرانية.
قبل ذلك، قال الجيش “قبل وقت قصير، أنهى سلاح الجو الإسرائيلي سلسلة من الغارات في غرب إيران”، مشيرا الى “استهداف عدد من المواقع وعشرات منصات إطلاق صواريخ أرض-أرض”.
وكان الجيش أعلن في وقت سابق إن طائراته الحربية هاجمت ليلا “مقر قيادة في قلب طهران” وقضت على علي شادماني، مشيرا الى أنه “رئيس أركان الحرب في ايران وأعلى قائد عسكري والأكثر قربا” الى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.
وكان الأخير عيّن شادماني قائدا لمقر خاتم الأنبياء، وهو بمثابة قيادة موحدة لعمليات القوات المسلحة، خلفا لقائدها السابق غلام علي رشيد الذي قضى في الموجة الأولى من الضربات الإسرائيلية على إيران فجر الجمعة.
وتشنّ الدولة العبرية منذ ذلك الحين هجوما واسعا يشمل على وجه الخصوص مواقع عسكرية ونووية إيرانية. واستهدفت الطائرات الإسرائيلية مئات المواقع وقتلت عددا من القادة العسكريين والعلماء النوويين. وترد إيران بضربات صاروخية وبالطائرات المسيّرة على أراضي الدولة العبرية.
الى ذلك، أفادت وسائل إعلام إيرانية بسماع دوي انفجارات في مدينة إصفهان وسط البلاد بعد ظهر الثلاثاء.
وأدى التصعيد المتبادل الذي يثير مخاوف من نزاع إقليمي واسع، الى مقتل مدنيين في البلدين جراء استهداف مناطق مدنية وتدمير مبانٍ.
وتعهدت إيران بمواصلة ضرباتها على إسرائيل حتى توقف الأخيرة هجماتها.
وسقطت صباح الثلاثاء صواريخ وشظايا في منطقة تل أبيب وسط الدولة العبرية.
وأظهرت صور لفرانس برس من هرتسليا وسط إسرائيل، حفرة عميقة وحافلات متفحمة عملت فرق الاطفاء على إخماد نيران كانت لا تزال مندلعة في بعضها.
من جانبه، أفاد الحرس الثوري أنه ضرب الثلاثاء مركزا للاستخبارات العسكرية (أمان) ومركز تخطيط لجهاز الموساد في تل أبيب “اندلعت فيه النيران”.
وقالت طهران إنها دمرت “أهدافا استراتيجية” خلال الليل باستخدام طائرات مسيرة في تل أبيب وحيفا (شمال).
وأعلن قائد القوات البرية في الجيش الإيراني العميد كيومرث حيدري أن “هجمات مكثفة بطائرات مسيرة، باستخدام أسلحة جديدة ومتطورة، بدأت وستشتد في الساعات المقبلة”.
وأفاد مراسلو وكالة فرانس برس في طهران عن سماع دوي انفجارين قويين الثلاثاء في وسط العاصمة وشمالها.
الى ذلك، اندلع حريق في مقر التلفزيون الرسمي الإيراني الثلاثاء، على ما قالت هيئة البث، وذلك غداة استهدافه بضربة إسرائيلية ألحقت أضرارا بمبناه الرئيسي وأودت بحياة ثلاثة أشخاص.
وأسفرت الغارات الإسرائيلية عن استشهاد 224 شخصا على الأقل وإصابة أكثر من ألف آخرين، وفقا لحصيلة رسمية أصدرتها السلطات الإيرانية الأحد.
وفي إسرائيل، أسفرت الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية عن مقتل 24 شخصا على الأقل، بحسب آخر حصيلة أوردها مكتب رئيس الوزراء الاثنين.
– دعوات للتهدئة –
والثلاثاء، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن الجزء السفلي من موقع نطنز تعرض على ما يبدو لأضرار مباشرة خلال الضربات الإسرائيلية.
وقالت الوكالة التابعة للأمم المتحدة “استنادا إلى التحليلات المستمرة لصور الأقمار الاصطناعية عالية الدقة التي جُمعت بعد هجمات الجمعة، حددت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عناصر إضافية تشير إلى أضرار مباشرة في قاعات التخصيب تحت الأرض في نطنز”.
وتثير المواجهة العسكرية غير المسبوقة بين إيران وإسرائيل اللتين تفصل بينهما جغرافيا واسعة على امتداد نحو 1500 كلم، مخاوف من اتساع رقعة التصعيد في الشرق الأوسط ليضاف الى التوترات السائدة منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وهيمن التصعيد الإسرائيلي الإيراني على اجتماع مجموعة السبع الاثنين في كندا والذي غادره الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حليف إسرائيل، مبكرا بعدما نصح سكان طهران بإخلائها “فورا”.
وكتب على صفحته على موقع “تروث سوشيال” أنه “كان ينبغي على إيران توقيع الاتفاق عندما طلبتُ منها التوقيع. يا لها من خسارة وإهدار للأرواح البشرية. ببساطة، لا يمكن لإيران امتلاك سلاح نووي”.
وقال ترامب للصحافيين في طريق العودة إن ما يريده هو “إذعان” إيران من دون أن يتضح ماذا يعني بذلك، مضيفا “لا أتطلع إلى وقف إطلاق نار، نتطلع إلى … نهاية حقيقية” للنزاع.
تشتبه الدول الغربية بأن ايران تسعى الى امتلاك قنبلة نووية. وتنفي طهران ذلك وتدافع عن حقها في تطوير برنامج نووي مدني. وتتمسك إسرائيل بالغموض بشان امتلاكها السلاح النووي، الا أن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام يقول إنها تمتلك 90 رأسا نوويا.
وأتت الضربات الإسرائيلية بينما كانت واشنطن وطهران تجريان مباحثات بشأن الملف النووي، سعيا الى اتفاق جديد يحل بدلا من الاتفاق الدولي لعام 2015 الذي انسحبت الولايات المتحدة أحاديا منه عام 2018 في ولاية ترامب الأولى.
ورفضت طهران المشاركة في الجولة السادسة التي كانت مقررة في 15 حزيران/يونيو، وأكدت أنها لن تفاوض طالما تواصلت الضربات العسكرية ضدها.
ومن دون الدعوة إلى وقف فوري للهجمات، دعا قادة مجموعة السبع إلى “حماية المدنيين”، مؤكدين على حق إسرائيل في “الدفاع عن نفسها”، ووصفوا إيران بأنها “المصدر الرئيسي لعدم الاستقرار والإرهاب في المنطقة”.
وحثوا في إعلانهم “على أن يؤدي حل الأزمة في إيران إلى تهدئة أوسع نطاقا للأعمال القتالية في الشرق الأوسط، بما في ذلك وقف إطلاق النار في غزة”.
واتهمت إيران المجموعة بالانحياز منتقدة عدم تنديدها بالضربات. وكتب المتحدث باسم الخارجية إسماعيل بقائي على إكس “على مجموعة السبع التخلي عن خطابها الأحادي ومعالجة المصدر الحقيقي للتصعيد: عدوان إسرائيل”.
– “صب الزيت” على النار –
وقال ترامب للصحافيين إنه سيكون في غرفة الأزمات في البيت الأبيض باكرا صباح الثلاثاء، وهي القاعة التي يجمع فيها الرؤساء الأميركيون مجلس الأمن القومي عندما يواجهون أزمات جيوسياسية خطيرة أو عندما يريدون إصدار أوامر بعمليات عسكرية كبرى.
وبدلت حاملة الطائرات نيميتز التي كانت تبحر في بحر الصين الجنوبي وجهتها الإثنين للانتقال إلى الشرق الأوسط، بحسب وزارة الدفاع الأميركية. وأكدت الولايات المتحدة أنها تنشر “موارد إضافية” في الشرق الأوسط لتعزيز “وضعيتها الدفاعية”.
ومن كازاخستان، قال الرئيس الصيني شي جينبينغ الثلاثاء “يجب على جميع الأطراف العمل على تهدئة النزاع في أقرب وقت ممكن وتجنب المزيد من التصعيد”، بحسب الاعلام الرسمي الصيني.
في الموازاة، اتهمت الصين ترامب بأنه “يصب الزيت على النار” في النزاع.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية غوه جياكون إن “تأجيج النيران وصب الزيت وإطلاق التهديدات وزيادة الضغوط لن يساعد في تهدئة الوضع، بل سيصعد الصراع ويوسعه”، وذلك ردا على سؤال بشأن قول ترامب إن “على الجميع إخلاء طهران فورا”.
وفي موسكو، وبعد أن أبدى الرئيس فلاديمير بوتين استعداده للعب دور الوسيط في النزاع، قال الناطق باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف الثلاثاء “في الوقت الحالي، نلاحظ تحفظا تبديه إسرائيل في اللجوء إلى الوساطة والانخراط في مسار سلمي نحو التسوية”.
– شوارع مهجورة –
منذ بدء الغارات الإسرائيلية التي استهدفت طهران خصوصا، بدت شوارع العاصمة خالية تقريبا وأغلقت العديد من المتاجر أبوابها.
وأعلنت السلطات الأذربيجانية الثلاثاء أن أكثر من 700 من الرعايا الأجانب تمّ إجلاؤهم من إيران عبر أراضيها منذ بدء الضربات الإسرائيلية.
كما أفادت وكالة إيسنا الإيرانية الثلاثاء بأنه طلب من الأطباء والممرضين “المداومة بشكل متواصل في المراكز الطبية.
وأفاد الإعلام الإيراني الثلاثاء بأن بنك سباه المملوك للدولة تعرض لهجوم إلكتروني “ما أدى إلى اضطرابات في خدمات المؤسسة عبر الانترنت” .
ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: