
الهلال وريال مدريد… من الرباط إلى ميامي ذاكرة تتجدد وطموحات تتزايد
في مشهد يعيد الذاكرة إلى نهائي مثير قبل أكثر من عامين، يتجدد اللقاء بين الهلال السعودي وريال مدريد الإسباني، وهذه المرة ضمن منافسات دور المجموعات لبطولة كأس العالم للأندية 2025، في النسخة الموسعة التي تحتضنها الولايات المتحدة بمشاركة 32 فريقاً من مختلف القارات.
في فبراير (شباط) 2023، وقف الهلال في وجه العملاق الأوروبي في نهائي نسخة المغرب، وخرج مرفوع الرأس رغم الخسارة بنتيجة 5-3، في واحدة من أكثر المباريات تسجيلاً في تاريخ النهائيات، واليوم، يدخل الأزرق العاصمي المواجهة بنسخة فنية جديدة، يقودها المدرب الإيطالي سيموني إنزاغي، في اختبار تتداخل فيه الذاكرة مع الطموح، للخروج بنتيجة إيجابية أمام العملاق الإسباني.
نهائي الرباط… موقعة لا تنسى
الهلال لا ينسى ليلة الرباط، يومها، أحرج بطل أوروبا في أكثر من مناسبة، وردّ على كل هدف مدريدي بمحاولة، وكان قاب قوسين من كتابة فصول تاريخية، غير أن الخبرة والتفاصيل الصغيرة رجّحت كفة «الملكي»، ليضيف اللقب الخامس إلى سجل بطولاته المونديالية
اليوم، يلتقي الفريقان مجدداً، لكن في أجواء مختلفة، فالهلال يدخل البطولة تحت قيادة سيموني إنزاغي، المدرب الذي عرف طريق النهائيات مع إنتر ميلان، ويأمل أن يعيد كتابة المجد الأزرق، ولكن بلغة مختلفة.
لكن حتماً أن ذكريات موقعة الرباط ستظل حاضرة في أذهان الهلاليين عشية ويوم المواجهة المرتقبة، رغم اختلاف الفوارق الفنية بين الحقبتين والطموحات بين اللقب والنقاط الثلاث وحسابات التأهل عن هذه المجموعة.
ستة أسماء ظلت صامدة
بالعودة إلى ذاكرة نهائي الرباط 2023، وقائمة فريق الهلال التي تتأهب للقاء الملكي مساء الأربعاء ستجد اختلافاً كبيراً جداً بين القائمتين، فالهلال غير الكثير من الأسماء، خاصة قائمة محترفيه الأجانب التي تغيرت بالكامل بعد مشروع استقطاب اللاعبين وحضور أسماء لامعة في قائمة الفريق.
يحافظ سالم الدوسري قائد الهلال ونجمه الأبرز عبر التاريخ على موقعه كعنصر مؤثر وكان حاضراً في المواجهة الماضية أمام مدريد، ويعيش الدوسري أياماً مثالية على الصعيد الفردي بعد موسم رائع قدمه رفقة الهلال في المنافسات المحلية والقارية.
ويعتبر محمد كنو أحد الأسماء التي شاركت في مواجهة ريال مدريد الماضية، وكذلك يحضر علي البليهي الاسم الذي ظل سنوات طويلة عنصرا مؤثراً في قائمة دفاع الهلال، ويوجد خليفة الدوسري، الاسم الذي استعان به المدرب الأرجنتيني حينها رامون دياز للعب في الظهير الأيسر، لكن حضور خليفة مؤخراً في القائمة الزرقاء تراجع بصورة كبيرة.
كما يوجد ناصر الدوسري الذي شارك كلاعب بديل في تلك المباراة إضافة إلى عبد الله الحمدان، فيما ظل مصعب الجوير حاضراً لكنه كان حبيساً على مقاعد البدلاء ولم يشارك حينها.
يجدر بالذكر أن قائمة الهلال الأساسية أمام مدريد في نهائي الرباط ضمت عبد الله المعيوف في حراسة المرمى، وأمامه سعود عبد الحميد والكوري جيانغ وعلي البليهي وخليفة الدوسري، وفي وسط الميدان كويلار ومحمد كنو وكاريلو وسالم الدوسري وفييتو، وفي المقدمة موسى ماريغا.
إنزاغي أمام مدريد لا يعرف الانتصار
يحمل المدرب الإيطالي سيموني إنزاغي سجلاً مختلطاً أمام الفرق الإسبانية، بعد أن لعب أمامها مدرباً في 12 مواجهة، إلا أنه لم يحقق الفوز سوى ثلاث مرات مقابل خمس هزائم و4 تعادلات، لكن أمام ريال مدريد تحديداً خسر المواجهتين اللتين خاضهما ضده حين كان مدرباً لإنتر ميلان في دوري أبطال أوروبا.
وفي التفاصيل، لعب إنزاغي أمام برشلونة أربع مباريات كأكثر الأندية الإسبانية، ونجح في كسب مواجهتين وحضر التعادل مرتين بينهما، دون أن يحقق العملاق الكتالوني الفوز أمامه، في حين واجه إشبيلية مرتين حينما كان مدرباً لفريق لاتسيو وخسر اللقاءين بالكامل.
أمام ريال مدريد، لعب إنزاغي مرتين كمدرب لانتر ميلان، وخسر المواجهتين في دوري أبطال أوروبا لصالح الملكي، الأولى بنتيجة 2-0 والثانية بخسارة هدف دون رد.
وواجه إنزاغي كذلك فريق ريال سوسييداد مرتين في مرحلة المجموعات لدوري الأبطال، وتعادلا في اللقاءين، وواجه أتلتيكو مدريد الإسباني مرتين، انتصر في واحدة وخسر الثانية بنتيجة 5-3 في دوري أبطال أوروبا.
ريال مدريد… بطل لا يعرف الاسترخاء
في الجانب الآخر، يخوض ريال مدريد البطولة بثقة الأبطال وسجله المرعب في المسابقات العالمية، لا يتعامل مع أي مباراة بتراخٍ، خصوصاً حين يواجه فرقاً طموحة سبق أن أحرجته.
يدخل مدريد بهوية جديدة يترقبها عشاقه والمتابعون الرياضيون كافة، تحت قيادة الإسباني تشابي ألونسو العائد مجدداً إلى قلعة النادي الملكي وهذه المرة مدرباً لا لاعباً بعد نجاحاته التي حققها رفقة باير ليفركوزن الألماني.
حقبة ريال أنشيلوتي انتهت بعد أن رحل الأخير لقيادة منتخب البرازيل بعد سنوات قضاها في قيادة النادي الملكي لمنصات التتويج على فترات تدريبه المختلفة، مما يجعل العملاق الإسباني على موعد لتقديم نفسه بهوية الجديدة.
لا يخلو ريال مدريد يوماً من الأيام من النجوم اللامعين في صفوفه، هذه المرة ستتواصل الأنظار صوب الفرنسي مبابي بعد نهاية حقبة الأسماء السابقة والتي كانت حاضرة في نهائي 2023 مثل كريم بنزيمة ولوكا مودريتش وتوني كروس.
رهانات الهلال… وثقة الجماهير
الهلال يدخل هذه المواجهة مدركاً أن الفوز على ريال مدريد سيمنحه دفعة تاريخية في سباق التأهل، ويمنح اللاعبين ومدربهم إنزاغي ثقة كبيرة لإكمال المهمة والمشوار في البطولة.
يعوّل إنزاغي على خبرته في التعامل مع مباريات المستوى العالي، وكذلك على الدعم الكبير من الجماهير السعودية الحاضرة في مدرجات ميامي، مدركاً في الوقت ذاته جماهيرية النادي الملكي التي ستشكل ضغطاً كبيراً على فريق الهلال.
ويمتلك الهلال حالياً مجموعة من الأسماء التي تتأمل فيها الجماهير أن تظهر بصورة مثالية، مثل الصربي سافيتش الذي سبق له أن كان لاعباً تحت قيادة إنزاغي في لاتسيو الإيطالي، وكذلك البرتغالي روبين نيفيز لاعب خط الوسط الذي توج قبل أسابيع قليلة رفقة منتخب بلاده ببطولة دوري الأمم الأوروبية.
في المقدمة تتجه الأنظار نحو الصربي ميتروفيتش الذي سجل هاتريك رفقة منتخب بلاده قبل عدة أيام، رغم أن الهلال كان يبحث عن التعاقد مع أوسيمين في فترة التسجيل الاستثنائية لكن ذلك لم يتحقق له، ما يجعل الثقة تتجه نحو ميتروفيتش هداف الهلال البارز.
تضم قائمة الأزرق العاصمي سلسلة من الأسماء المميزة، مثل البرازيلي مالكوم الذي سبق أن ارتدى قميص برشلونة الإسباني، إضافة إلى جواو كانسيلو نجم مانشستر سيتي الإنجليزي السابق، وحتماً أن سالم الدوسري قائد الفريق ونجمه سيكون أحد أبرز الأسماء المنتظرة.
بين نهائي 2022 ومجموعة 2025، خيط رفيع من الحافز والتحدي. الهلال يدرك أن الفوز على ريال مدريد ليس مجرد انتصار ثلاث نقاط، بل شهادة جديدة بأن الكرة السعودية باتت رقماً حقيقياً في المعادلة العالمية. لكن ريال مدريد لا يسقط بسهولة، وخصوصاً في مواجهات تحمل هذا الطابع الرمزي. فهل ينجح إنزاغي في كسر «عقدته الإسبانية»؟ وهل يكون للهلال كلمة مختلفة هذه المرة؟