
14 حزيران الايراني قراءة مبكرة في الحرب على ايران
معن بشور
ليس من السهل استعجال قراءة تداعيات الحرب الصهيونية على الجمهورية الاسلامية الايرانية، فالحرب ما زالت في بداياتها والتطورات الميدانية والسياسية تتغير من ساعة الى أخرى ، وما كان ما يتبجح به نتنياهو وحلفاؤه في واشنطن وغيرها من العواصم الاستعمارية بدأ يتغير بسرعة خلال ساعات أمام الرد الايراني السريع الذي لم يعد أحد من خصوم الجمهورية الاسلامية الايرانية في تل أبيب أو واشنطن أو غيرهم قادر على التنكر لفعاليته .
فعلى مدى يومين اتضح للعالم كله ان ما اراده ترامب من مباحثات مع ايران حول ملفها النووي كان أقرب الى خديعة سياسية كبرى تخفي مشروعاً كبيراً لضرب ايران وإسقاط ثورتها المستمرة منذ شباط 1979، وهو ما تبدى بوضوح من خلال تصريحات الرئيس الاميركي ترامب الفورية المبتهجة بالعدوان الصهوني ليعود بعد الرد الايراني القاطع فيدعو الى وقف النار وعودة المباحثات بين واشنطن وطهران في سلطنة عُمان.
مدركا ان السكوت على عدوانها في المنطقة لم يعد ممكنا ، فالرياض والقاهرة وعدة دول عربية بالاضافة الى تركيا تعلن من اللحظات الاولى للعدوان رفضها لهذا العدوان ناهيك عن الموقف الباكستاني اللافت الذي رأى فيه كثيرون موقفاً متقدماً في الانتصار لطهران…
طبعاً ما خيّب ظن نتنياهو أيضاً هو موقف الشعب الايراني من هذه الحرب والتفافه حول جيشه وقيادته، بغض النظر عن حجم الخلافات الداخلية، فحكومة تل ابيب في مباحثاتها مع حلفائها الدوليين والاقليميين كانت تؤكد ان النظام الاسلامي في ايران سينهار مع اول ضربة اسرائيلية حيث ستطلق تحركات معادية في الشارع الايراني ، وهو أمر لم يتم إلا باحجام قليلة جدا، فيما أكد الايرانيون، على اختلاف توجهاتهم، انهم يخضعون كل الصراعات الداخلية لصالح المعركة الشاملة في الدفاع عن الوطن…
واذا ربطنا بين الرد العسكري الاستراتيجي الايراني، والتماسك الاهلي الداخلي بوجه العدوان، والتأييد العربي والاسلامي غير المتوقع، نستطيع ان نتوقع مبكراً فشلاً للعدوان العسكري الاسرائيلي وهو فشل سيثمر نتائج هامة لصالح أمتنا العربية والاسلامية ودول التحرر العالمي اذا استطعنا كعرب وكمسلمين ان نستفيد من هذه المعركة لنتجاوز العديد من صراعاتنا البينية التي دفعنا ، وما نزال ثمناُ باهظاً بسببها، وهو يتطلب تفعيل قرارات القمم العربية والاسلامية، واجراء المصالحات الضرورية على مستوى الشعوب والحكومات لكي يدرك العدو الصهيوني ومن يدعمه انه أمام أمم عربية مسلمة موحدة في موقفه مستعدة لمواجهة كافة انواع التحديات التي تواجهها.
يوم انطلقت التظاهرات المعادية لنظام الشاه في ايران في تموز 1978، كتبت في نشرة “صوت الجماهير” الناطقة باسم تجمع اللجان والروابط الشعبية افتتاحية بعنوان ” 14 تموز الايراني ” متوقعاً ان تنتصر الثورة في ايران التي بدأت مظاهرات في تموز 1978 كما انتصرت ثورة 14 تموز في العراق عام 1958 بعد سلسلة من التظاهرات التي أدت الى سقوط حكومة حلف بغداد الاستعماري والمعادية للحركة القومية العربية بقيادة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
واليوم هل من حقنا ان نتحدث عن 14 حزيران الايراني ، كحدث ذي تداعيات سلبية تاريخية على كل المشاريع والاحلاف الاستعمارية والصهيونية التي لا نستطيع ان نفهم ما يجري من حروب وفتن في بلادنا بعيداً عن دورها..
اننا امام حرب عدوانية على ايران ستكون نتائجها على الاغلب لغير مصلحة من يقف وراءها….وربما ستفتح في المنطفة والعالم افاقا جديدة كتلك التي فتحتها حرب السويس عام 1956…حين اجتمعت قوى الاستعمار البريطاني والفرنسي ومعهما الكيان الصهيوني ضد الحركة القومية العربية.
ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: