جهاد البطاينه: إيران تقصف إسرائيل: فماذا بعد؟ وهل تتجه المنطقة إلى انفراجة أم انفجار شامل؟

جهاد البطاينه: إيران تقصف إسرائيل: فماذا بعد؟ وهل تتجه المنطقة إلى انفراجة أم انفجار شامل؟

جهاد البطاينه: إيران تقصف إسرائيل: فماذا بعد؟ وهل تتجه المنطقة إلى انفراجة أم انفجار شامل؟

 
 
جهاد البطاينه

في تحول خطير ومفاجئ، ردّت إيران أخيرًا على سلسلة الضربات الإسرائيلية التي استهدفت عمقها الأمني والعسكري، بهجوم مباشر استهدف مواقع إسرائيلية حساسة. الرد الإيراني جاء بعد صمت طويل، ووسط ضغوط داخلية متزايدة واتهامات بفقدان الردع والهيبة.

لكن، ما يثير القلق ليس فقط الرد ذاته، بل التداعيات التالية له، في منطقة تتأرجح منذ شهور على حافة الانفجار الكامل.

ما حدث يعكس بوضوح أن إيران قررت الانتقال من “الصبر الاستراتيجي” إلى ما يمكن تسميته بـ”التوازن الهجومي”، أي الرد بحذر محسوب ولكن بشكل مباشر.

الضربة الإيرانية – رغم محدوديتها من حيث النطاق – وجهت رسالة مفادها: لم يعد مقبولًا استمرار الاستهداف دون تكلفة وعلى امريكا واسرائيل التفكير مطولا قبل أعلان الحرب لربما التكلفة ستكون كبيرة ووخيمة.

لكن، هذا لا يعني أننا دخلنا مرحلة الحرب المفتوحة بعد، إسرائيل وإن تلقت الضربة  تدرك أن أي تصعيد شامل مع إيران قد يخرج عن السيطرة، خصوصًا في ظل الانقسام الداخلي الإسرائيلي والضغوط الدولية لاحتواء الحرب على غزة والشروخات بالمجتمع الاسرائيلي والاحتجاجات المستمرة هناك وتعطيل الأقتصاد وكل معالم الحياة فيها  .

الرد الإيراني لا يمكن فصله عن ما يسمى بـ”محور المقاومة”. حزب الله، الذي ظل على مدى الشهور الماضية في حالة اشتباك منخفض الوتيرة مع إسرائيل، قد يجد نفسه الآن أمام لحظة مفصلية للرد والثأر لدماء أمناءه العامين وعملية البيجر التي قصمت ظهر البعير : إما أن يتوسع في هجماته لتثبيت معادلة ردع جديدة، أو أن يكتفي بدور الدعم والتهديد من بعيد، ضمن لعبة التوازنات الدقيقة.

الجانب الآخر الحوثيون، الذين اكتسبوا بعدًا إقليميًا غير مسبوق من خلال استهداف السفن في البحر الأحمر ووقف الملاحة وبياناتهم الصحفية الداعمة لعزة وحملاتهم العسكرية المستمرة برغم الحاق ضرر كبير بهم ، فإنهم الآن يملكون ورقة ضغط استراتيجية قد تستخدمها إيران حسب الحاجة، دون أن تخسر شيئًا مباشرًا في المقابل.

المليشيات العراقية، قد تتحرك بشكل غير منتظم لاستهداف المصالح الأمريكية، كرسالة غير مباشرة بأن الصراع لم يعد فقط بين إسرائيل وغزة، بل باتت له ساحات متعددة.

الغريب أن هذا التصعيد الإقليمي قد يحمل، بشكل مفارِق، فرصة لوقف إطلاق النار في غزة،الضغط الدولي – خصوصًا من أوروبا والولايات المتحدة – يتزايد الآن بشكل حاد لإيقاف الحرب قبل أن تتحول إلى صراع إقليمي شامل.

لم تعد إسرائيل وحدها في دائرة الفعل، بل أصبحت أيضًا في دائرة الرد، وهذا ما قد يدفع القوى الكبرى إلى فرض حل دبلوماسي، ولو مؤقت، قبل أن يفلت زمام الأمور وتتغير موازين القوة بالمنطقة .

في العمق، يبدو أن الشرق الأوسط يتجه نحو أحد مسارين،        إما انفراجة مؤقتة عبر وساطات إقليمية ودولية تهدف إلى تجميد النار وتفادي حرب شاملة، خصوصًا في ظل الاستحقاقات الانتخابية الأمريكية ورغبة واشنطن في تجنب تورط جديد في المنطقة.

          أو انفجار متعدد الجبهات، إذا ما أخطأت الأطراف الحسابات، أو قررت إسرائيل أن الرد على إيران يجب أن يكون رادعًا وموسعًا، ما سيدفع بطهران إلى إشعال الساحات الأخرى دفعة واحدة.

في كل الأحوال، الأيام والأسابيع القادمة ستكون الأخطر منذ عقود. فما يُرسم الآن ليس فقط مستقبل غزة أو حزب الله، بل مستقبل التوازن في الشرق الأوسط، وربما في النظام الدولي برمته .

ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: