
«خطة فصائلية» تُعيد العراق إلى واجهة الصراع الأميركي الإيراني
وصلت رياح التصعيد بين واشنطن وطهران إلى العاصمة العراقية بغداد، فبعد تحذيرات أميركية من السفر إلى هذا البلد بسبب «مخاطر أمنية»، أَجْلَت طائرات عسكرية دبلوماسيين أميركيين، وسط مؤشرات استخبارية من نية فصائل استهداف مصالح أميركية.
وقال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الخميس، إن التصعيد في المنطقة لا يخدم الحل، وإن بلاده تدعم إيجاد مقاربة «عادلة ومتوازنة» تفضي إلى نتائج إيجابية للمفاوضات الإيرانية-الأميركية.
وأضاف السوداني في بيان صحافي أن أسباب الصراع في المنطقة «مرتبطة بأهمية القضية الفلسطينية وما سبّبه العدوان على غزة في تغذية التوتر وزعزعة الاستقرار ومحاولة جرّ المنطقة إلى العنف».
وأكد السوداني ضرورة أن يفي المجتمع الدولي بواجباته، ويوقف الحرب في قطاع غزة، مشيراً كذلك إلى «استمرار خروقات الهدنة وتكرار الاعتداءات (الإسرائيلية) على لبنان».
وكان قائد «الحرس الثوري الإيراني»، حسين سلامي، قد قال في وقت سابق إن بلاده جاهزة لكل السيناريوهات، ولديها «استراتيجية عسكرية»، وسط ترقب لمصير المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة.
وطلبت السفارة الأميركية في بغداد، الخميس، من رعاياها عدم السفر إلى العراق لأي سبب من الأسباب، وسط ترقب لمصير المفاوضات النووية مع إيران.
وقالت السفارة إنه يحظر على الموظفين الأميركيين في العاصمة العراقية استخدام مطار بغداد بسبب «مخاوف أمنية»، محذّرة من خطر وقوع أعمال عنف، بما فيها «هجمات إرهابية وأنشطة أخرى» في العراق.
إجلاء أميركيين
في وقت لاحق، نقلت شبكة «رووداو» الكردية عن متحدث باسم السفارة الأميركية في بغداد قوله إن أمر مغادرة الموظفين غير الأساسيين يشمل السفارة وكذلك القنصلية العامة في أربيل، عاصمة إقليم كردستان في شمال العراق.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد أكّد أن واشنطن أجلت مجموعة من موظفيها غير الأساسيين من الشرق الأوسط، فيما ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن الولايات المتحدة في حالة تأهب قصوى، تحسّباً لضربة إسرائيلية محتملة ضد إيران.
وأفادت السفارة بأن «الميليشيات المناهضة للولايات المتحدة تُهدد المواطنين الأميركيين والشركات الدولية». وقالت إن «المواطنين الأميركيين في العراق يواجهون مخاطر كبيرة، بما في ذلك العنف والخطف».
ورأى السياسي العراقي مشعان الجبوري أن إشارة بيان السفارة إلى مخاطر القتل والاختطاف من قبل فصائل مسلحة «ليست عفوية، وتُقرأ غالباً بوصفها تمهيداً لضربات استباقية محتملة ضد جهات عراقية بعينها»، على حد تعبيره.
في وقت لاحق، قالت مصادر أمنية عراقية إن طائرات عسكرية أميركية هبطت في قاعدة عسكرية قرب مطار بغداد الدولي، بالتزامن مع تحذيرات عالية من «وقوع أعمال عنف».
وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الطائرة الأميركية هبطت في قاعدة «فيكتوريا» غرب العاصمة بغداد، استعداداً لإجلاء دبلوماسيين وموظفين في السفارة الأميركية.
بدوره، أكّد صباح النعمان، المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة، أن قرار إخلاء بعض موظفي السفارة الأميركية إجراء تنظيمي احترازي، لا يرتبط بأي تهديد أمني داخل الأراضي العراقية، مشيراً إلى أن جميع البعثات الدبلوماسية تعمل في بيئة مستقرة وآمنة، في ظل تصاعد وتيرة الاستقرار وفاعلية الخطط الأمنية المنفذة على مستوى البلاد، وأن قرار الإخلاء الأميركي من سفارتها في بغداد لا علاقة له بوجود أي مؤشر أمني ميداني داخل العراق.
كما قال مسؤول عراقي يُشرف على العمليات في حقول النفط بجنوب العراق إن شركات الطاقة الأجنبية تواصل عملياتها في البلاد كالمعتاد.
ونقلت «رويترز» عن المسؤول أن وزارة النفط العراقية لم تتلقَّ أي إخطار من الشركات العاملة في القطاع بشأن خفض عدد الموظفين.
على مستوى الفصائل، هدّد أمين «كتائب سيد الشهداء»، أبو آلاء الولائي، الخميس، بإرسال عشرات «الانتحاريين» لمهاجمة المصالح الأميركية في حال اندلعت الحرب ضد إيران.
معلومات استخبارية
في السياق، رجّح إحسان الشمري، أستاذ السياسات العامة في جامعة بغداد، «مزيداً من التصعيد في حال تعثرت المفاوضات بين واشنطن وطهران، قد يصل إلى قيام إسرائيل بشن هجوم واسع النطاق على المنشآت النووية والصاروخية الإيرانية في إيران».
لكن الشمري أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن التصعيد لن يصل إلى «شن حرب شاملة، وأن يكون السيناريو الأقرب هو ضربة إسرائيلية محدودة ضد إيران».
من جهته، أشار الباحث العراقي عقيل عباس إلى «عدم وجود مؤشرات كافية على توجيه ضربة أميركية وشيكة ضد إيران، بل هناك معلومات استخبارية تُفيد بأن الفصائل العراقية المسلحة قد تستهدف الأميركيين في العراق والجوار العربي، ما أدَّى إلى اتخاذ بعض الإجراءات الاحترازية».