
تزايدت شكاوى العملاء من المطورين العقاريين، وسط دعوات لتقنين العلاقة وتفعيل الرقابة في ظل التوسع الملحوظ الذي يشهده السوق العقاري المصري. وتتراوح الشكاوي، بين التأخير في مواعيد التسليم، وتسليم وحدات بمواصفات مغايرة لما تم الاتفاق عليه، إلى جانب غياب الشفافية في العقود.
ورغم أن العملاء يُحاسَبون على أي تأخير في سداد الأقساط بفرض فوائد إضافية، إلا أن المطورين لا يُلزمون غالبًا بأي تعويضات أو إجراءات مماثلة عند التأخر في تسليم الوحدات.
ويحكي أحمد يوسف، أحد العملاء تجربته قائلاً: “دفعت كل الأقساط في مواعيدها، وسددت وديعة الصيانة، والآن مرّ عامان على الموعد المفترض للاستلام، ولا جديد.. لا أعلم مصيري، ولا يوجد أي بند يلزم الشركة بالموعد في العقد”.
وفي شهادة مماثلة، قال عميل آخر، رفض نشر اسمه : “ننتظر استلام شققنا منذ أكثر من خمس سنوات، ثم أبلغتنا الشركة مؤخرًا بأنها لن تستطيع استكمال المشروع، وعرضت رد الأموال التي لم تعد توازي قيمتها وقت التعاقد”.
عبدالمنعم: يجب إنشاء هيئة عقارية للنظر في الشكاوى وتسوية النزاعات
من جانبه قال إبراهيم عبد المنعم خبير التسويق العقاري، إن السبب الجوهري وراء هذه الأزمات هو “الفجوة بين ما يُروّج له من خلال الحملات التسويقية، وما يتم تنفيذه فعليًا على الأرض”، مشيرًا إلى أن المسؤولية الكاملة تقع على كاهل المطور، وليس على فرق التسويق.
وحذر عبد المنعم من انتشار الإعلانات المضللة التي تروج لمشروعات لا تزال في مراحل الفكرة، ولم تحصل بعد على التراخيص اللازمة، مضيفا أن الفترة من يونيو إلى سبتمبر تُعد موسمًا بيعيًا نشطًا بالتزامن مع عودة المصريين بالخارج والسياحة الصيفية، ما يدفع بعض الشركات إلى التنافس لجذب العملاء بسرعة، حتى وإن لم تبدأ بعد في تنفيذ المشروع.
وطالب بإصدار قانون موحد ينظم العلاقة بين المطور العقاري والمشتري، بجانب تفعيل دور جهات رقابية مثل جهاز حماية المستهلك، أو إنشاء هيئة عقارية مختصة للنظر في الشكاوى وتسوية النزاعات خارج نطاق القضاء، الذي قد يمتد لأعوام دون حسم.
منير: العقود العقارية تميل لصالح المطورين.. والمشتري يحتاج حماية قانونية
من جانبه قال محمد منير، المحامي بالنقض والإدارية العليا، إن العقود الموقعة بين العملاء والمطورين العقاريين تتضمن بنودًا ملزمة من الناحية القانونية، إلا أن الواقع العملي يكشف عن غياب آليات تنفيذ فعالة لضمان حقوق المشترين.
وأوضح منير أن القانون المصري يمنح العملاء المتضررين من تأخر تسليم الوحدات الحق في اللجوء إلى القضاء المدني والجنائي على حد سواء، حيث يمكنهم المطالبة بإلزام المطور بالتسليم، بالإضافة إلى طلب تعويض مالي عن التأخير والفوائد القانونية المترتبة عليه.
وأشار إلى أنه حال لم يُسدد العميل كامل الأقساط ، يمكنه رفع دعوى قضائية مزدوجة تشمل المطالبة بتسليم الوحدة وسداد الأقساط المتبقية مع التعويض المناسب. أما إذا كان العميل قد أوفى بكامل التزاماته المالية، فمن حقه المطالبة الفورية بتسليم الوحدة وتعويضه عن الضرر الواقع جراء التأخير، إضافة إلى الفوائد القانونية.
اقرأ أيضا: السوق العقاري يترقب مرحلة “ما بعد عودة السوريين والسودانيين”
وأضاف منير أن غالبية عقود البيع العقاري تُصنف كـ”عقود إذعان”، أي أنها تُصاغ غالبًا بما يخدم مصلحة المطور فقط دون توفير حماية كافية للمشتري. ولذلك شدد على أهمية مراجعة هذه العقود من قبل محامين متخصصين قبل توقيعها، مع ضرورة إدراج بنود جزائية واضحة تحمي حقوق الطرف الأضعف في حال الإخلال بأي بند من بنود الاتفاق.
وفيما يتعلق بالمدن الجديدة التي تقع أراضيها تحت ولاية هيئة المجتمعات العمرانية، أشار منير إلى أن عدم تسجيل المطور للأرض باسمه يُعد من أبرز الإشكاليات القانونية، إذ يؤدي ذلك إلى عجز العملاء عن تسجيل وحداتهم في الشهر العقاري، مما يضعف موقفهم القانوني في حال النزاع.
ولفت إلى أهمية قيام المشتري بالتأكد من خلفية المطور العقاري، ومراجعة سجل مشروعاته السابقة ومدى التزامه بمواعيد التسليم. كما أوصى بالتأكد من توافر المرافق الأساسية بالمشروع مثل المياه والغاز والكهرباء دون فرض رسوم إضافية، إلى جانب ضرورة مراجعة تسلسل الملكية لضمان صحة التعاقد وتوازن العلاقة القانونية بين الطرفين.
نورهان مسعود